الدولة بدأت خطة النهوض بصناعة السيارات بعد سنوات من النسيان
الدولة بدأت خطة النهوض بصناعة السيارات بعد سنوات من النسيان


مشروع قومى للتوطين.. النهوض بالصناعات المغذية.. و«النصر» تعود للحياة

صناعة السيارات.. «فتحت على الرابع» | انطلاقة غير مسبوقة بعد سنوات التعثر

محمود سعيد- مصطفى علي

الخميس، 04 فبراير 2021 - 08:24 م

» القطاع‭ ‬يبدأ‭ ‬مرحلة‭ ‬جديدة‭.. ‬الوزارات‭ ‬‮ «‬إيد‭ ‬واحدة‮»‬‭.. ‬ وحوافز‭ ‬مختلفة‭ ‬لضمان‭ ‬الاستمرارية

» خبراء‭:‬ السوق‭ ‬واعدة‭..‬ والآلاف‭ ‬من‭ ‬فرص‭ ‬العمل‭ ‬تنتظر‭ ‬الشباب

يومًا بعد يوم تواصل مصر بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى خطواتها الناجحة فى مختلف القطاعات التى اعتقد البعض فى يوم ما أنها منسية، لكن لأن "كل شيء محسوب"، والأمور تدار كما يجب، لم يعد هناك مجال إلا واقتحمته الدولة، وجاء الدور على السيارات.. تلك الصناعة التى ظلت منسية لعقود طويلة، إلى أن قررت الدولة العمل بها وإعادة إحيائها من جديد، فبدأت بوضع خطة وإستراتيجية شاملة للنهوض بها وبالصناعات المغذية لها، وصاغت تشريعات تساعد على جذب مزيد من الاستثمارات لهذا القطاع. 

كما وفرت حوافز وتسهيلات كبيرة للقطاع الخاص كى يتمكن من ضخ الأموال واستثمار الطاقات المعطلة، وفى الوقت نفسه بدأت دراسة كل السبل الممكنة للنهوض بالصرح المصرى العظيم شركة النصر للسيارات ومحاولة إزالة كل ما يعيق طريقها، وبالفعل تم توقيع عقود مع شركة صينية لبدء الإنتاج مع نهاية العام الجارى أو بداية العام المقبل على الأكثر.

حلم طال انتظاره لسنوات طويلة، لكن يبدو أن تحقيقه أصبح وشيكا، فصناعة السيارات رغم أنها بدأت فى مصر منذ سنوات طويلة، إلا أن معاناتها أيضا استمرت لسنوات طويلة، لكن يبدو الآن أن كل شيء فى طريقه لأن يتغير، فاهتمام الدولة الآن ليس مجرد شعارات أو "حبر على ورق"، لكنه فعل وخطوات تنفيذية جادة بدأت تتحقق على أرض الواقع.

عدة وزارات تعمل فى منظومة واحدة بتناغم كبير والهدف إحياء الصناعة وإنقاذها من عثراتها التى لازمتها لسنوات طويلة، وبالفعل أوجدت استراتيجية متكاملة يمكنها النهوض بصناعة السيارت وفقا لبرنامج زمنى محدد، يشمل أيضا الصناعات التكميلية والمغذية للسيارات، بما يؤدى فى النهاية إلى تحقيق التواجد المصرى فى أسواق أخرى، وفتح مجالا جديدا للتصدير وليس الاكتفاء بالسوق المحلية.

الخبراء أكدوا أن مصر بدأت مرحلة جديدة فى قطاع السيارات، وأن مصر بالفعل وبفضل الإصلاحات المتعددة والبيئة التشريعية المختلفة أصبحت أكثر جذبا للاستثمارات لرجال الأعمال المحليين والأجانب.

بداية صحيحة

فى البداية أكد اللواء عفت عبد العاطى، رئيس شعبة السيارات باتحاد الغرف التجارية، أن الأمور فى ملف صناعة السيارات يجب أن تسير بشكل تدريجى "خطوة خطوة"، فلا يمكن اقتحام كل قطاعات الصناعة فى وقت واحد، وما تقوم به الدولة الآن بداية صحيحة للغاية للاتجاه نحو ما نرجوه من هذه الصناعة، وأضاف أنه يجب العمل على التوسع فى عمليات التجميع وزيادة المكون المحلى كخطوة أولى يتبعها خطوات أخرى.

وأشار إلى أن مصر لديها فرصة رائعة لاستيعاب السيارات الكهربائية، ولدينا كل مقومات تصنيع السيارات الكهربائية، ولا توجد صعوبة بدعوى أن خطوط إنتاج السيارات الكهربائية لا تختلف عن خطوط إنتاج سيارات البنزين بخلاف المحرك الكهربائى الذى سيتم استيراده من الخارج، أما الأجزاء الأخرى فمتواجدة فى مصر والتى يمكن أن يمثل المكون المحلى فيها أكثر من 60% للسيارات الكهربائية.

كما أكد أيضا أن قرار تحويل السيارات للعمل بالغاز الطبيعى، مدروس بشكل كامل من قبل العديد من الدول، مشيرًا إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية والصين بدأتا فى تطبيق تلك الخطوة، وأشار إلى أن مصر تعتبر سوقا محورية كونها سوقا ضخمة وتستطيع أى شركة التوسع إقليميا من خلال عملها داخل مصر بعد تهيئة البنية التحتية والبيئة الداخلية والخارجية والتشريعية للاستثمار.

أمر ضرورى

بدوره أكد حسين مصطفى، خبير صناعة السيارات والمدير التنفيذى السابق لرابطة مصنعى السيارات، أن الاهتمام بصناعة السيارات أصبح أمرا ضروريا للغاية، حيث أنها تقلل نزيف العملة الصعبة، كما أنها توفر الآلاف من فرص العمل باعتبارها من الصناعات الثقيلة كثيفة العمالة، وبالتالى فإن توطين هذه الصناعة يمكن اعتباره هدفا إستراتيجيا، خاصة أنها صناعة لا تقتصر على الأعمال المدنية فقط، بل تدخل أيضا فى المجهود الحربى.

وأضاف أن الدولة تدعم بمنتهى القوة فى الوقت الحالى صناعة السيارات، والصناعات المغذية لها من خلال تخفيض فئة الجمارك على مكونات التصنيع بصورة أقل من السيارات المتكاملة، حيث تصل على مكونات التصنيع إلى 6 أو 7 %، كما أن هناك دعما مباشرا لتشجيع شراء السيارات ذات المكون المحلى الكبير، كما أن مبادرة التحويل للعمل بالغاز تشترط أن تكون الشركات من التصنيع المحلى وهو ما يمثل طاقة عمل إضافية يتم ضخها فى السوق والاقتصاد القومى، وربما يؤدى ذلك فى المستقبل إلى وجود مصانع جديدة تضخ استثمارات أكثر فى هذا القطاع.

وأشار إلى أن توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسى الدائمة فى هذا الملف دعمت التصنيع المحلى من خلال قروض طويلة الأجل لمدة 10 سنوات بفائدة 3 % ورغم أن ذلك يشكل عبئا على الموازنة العامة، إلا أن التيسير على المواطنين هو أولوية بالنسبة للرئيس، كما أن التعاون بين مختلف الجهات أمر يدعو للتفاؤل بانطلاقة حقيقية لصناعة السيارت، حيث إن هناك تناغما حقيقيا بين وزارتى التجارة والصناعة وقطاع الأعمال، وكذلك الإنتاج الحربى والهيئة العربية للتصنيع بما يمتلكون من إمكانيات تؤهل الجميع لتحقيق طفرة فى هذا المجال.

وأكد أن المبادرة التى أطلقتها الحكومة مؤخرا لتحويل السيارات للعمل بالغاز تشجع الصناعة المحلية، لأن شرطا أساسيا أن تكون الشركات المشتركة فى المبادرة أن تكون مجمعة محليا، وهذا يجعل المصانع تعمل بكامل طاقتها، بالتالى تشغيل المصانع والصناعات المغذية يوفر فرص عمالة وينشط سوق الخامات المحلية المستخدمة فى صناعة السيارات، كما يقلل التلوث بنسبة كبيرة.

نقلة كبيرة

من جانبه أكد الدكتور وليد جاب الله، الخبير الاقتصادى، أن العالم يمر فى هذه المرحلة بنقلة كبيرة فى مجال النقل، وتشهد صناعة السيارات تطورا كبيرا عالمياً يُنذر بأن أسطول السيارات فى العالم ربما يشهد عملية إحلال وتجديد شاملة خلال السنوات القادمة مع انتشار السيارات التى تعمل بالكهرباء، والغاز، وتراجع استهلاك السيارات بشكلها الحالى، الأمر الذى يدعو مصر لأن تُبادر ليكون لها نصيب فى هذه السوق الكبيرة التى تخلق فرص عمل مُباشرة بنحو 10 ملايين عامل تُمثل نحو 5% من قوة العمل الدولية، فضلاً عن ارتباطها بصناعات أخرى لنحو 50 مليون عامل.

وأضاف: فى مصر يعمل فى مجال صناعة السيارات ما يزيد عن 86 ألف عامل، وبلغ عدد مصانع تجميع السيارات فى مصر نحو 19 مصنعا كبيرا للسيارات بأنواعها التى تشمل سيارات الركوب، والنقل، والأتوبيسات، والميكروباص، والمينى باص، حيث تصل نسبة المُكون المحلى فى خطوط تلك المصانع إلى نحو 17%.

وأشار إلى أنه بالنظر للواقع الحالى فإن حجم السوق المحلية يبلغ نحو 100 ألف سيارة نصفها مُصنع محلياً، فضلاً عن حجم صادرات تجاوزت 700 مليون دولار عام 2018، وفى دولة تجاوز تعدادها 100 مليون مواطن، وجانب كبير من أسطول سياراتها قديم ومُتهالك نجد أن السوق المصرية هى سوق واعدة ومُتعطشة لمزيد من السيارات، الأمر الذى دفع الدولة للاهتمام بهذه الصناعة والتى يُمكن أن تكون مجالاً لخلق مئات الآلاف من فرص العمل وتفتح الباب لتغطية الاحتياجات المصرية للحد من خروج العملات الأجنبية للاستيراد.

جذب الاستثمارات

وأكد أن ذلك يُشكل فى ذاته حافزاً لجذب استثمارات أجنبية لتلك الصناعة للاستفادة من حجم الطلب الداخلى والخارجى، والعمالة مُنخفضة التكلفة، فضلاً عن العديد من الحوافز والضمانات التى قدمها قانون الاستثمار المصرى لقطاع الصناعة بصفة عامة، وتنفيذياً نجد خطوات مهمة لتطوير والتوسع فى مجال صناعة السيارات أهمها اتفاق التعاون مع الجانب الصينى لإنتاج 25 ألف سيارة ركوب سنوياً من خلال شركة النصر للسيارات، وكذلك مشروع إنتاج السيارات، والأتوبيسات الكهربائية التابع لوزارة الإنتاج الحربى، وغيرهم من مُخططات تطوير للعديد من الشركات الخاصة.. وأوضح أن المؤكد أن مصر تصنع حالياً مُستقبلاً واعداً لتلك الصناعة سواء من خلال تطوير المُنتج والاتجاه لسيارات المُستقبل بالكهرباء والغاز، أو بتحفيز الطلب على السيارات محلية الصُنع من خلال مشروعات إحلال السيارات القديمة بأخرى جديدة.

الصناعات المُغذية

وأكد أن مُبادرة الشركات المملوكة للتوسع فى تلك الصناعة سيكون حافزاً لتشجيع الاستثمار فى الصناعات المُغذية التى يُمكن أن تُقدم مُنتجاتها لتلك الشركات، فضلاً عن ذلك لا يمنع من دخول شركات كبرى لتلك الصناعة، حيث تخضع جميع الشركات الحكومية والخاصة لنفس الضوابط والنُظم، وتستفيد من نفس ظروف السوق، فدخول الدولة فى هذه المرحلة ليس للمُنافسة وإنما لأخذ زمام المُبادرة لتشجيع المُستثمرين الآخرين.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة