البرئ مع والدته ومحاميه ونجله
البرئ مع والدته ومحاميه ونجله


‮«‬بريء‮»‬‭ ‬يروى ‬عذاب‭ ‬500‭ ‬ليلة‭ ‬بالبدلة‭ ‬الحمراء‭!‬

بوابة أخبار اليوم

الجمعة، 05 فبراير 2021 - 10:04 م

حوار: حمد الترهونى

منذ ما يقرب من 6 سنوات تعرض شاب فى السادسة والثلاثين من عمره لمحنة ، أقل ما يمكن أن توصف به أنها قاسية ومرعبة فى نفس الوقت.. ففجأة ودون سابق إنذار وجد نفسه متهماً فى قضية قتل واغتصاب سيدة بصحبة حدث اعترف عليه  ،ورغم محاولاته المستميتة للدفاع عن نفسه والتمسك ببراءته، إلا أنها جميعا باءت بالفشل، ووجد نفسه داخل قفص الاتهام يسمع (حكمت المحكمة بتحويل أوراق المتهم أحمد يوسف إلى فضيلة المفتى).. وخلال ست سنوات قضاها خلف قضبان سجن المنيا كان شبح الموت يقترب منه شيئاً فشيئاً، خاصة خلال السنة ونصف الأخيرة، والتى ارتدى فيها البدلة الحمراء ، وهى المخصصة للمحكوم عليهم بالإعدام، وفى انتظار تنفيذ الحكم.. ولأن من قلب المحن تولد المنح، ظهر فى المشهد محام شاطر، اقتنع ببراءته بعد أن قرأ ملف القضية عقب وساطة واحد من أصدقاء الأخير، فقد كانت كل ملابساتها تشير إلى أن القضية قد انتهت، وينتظر ملفها كتابة السطر الأخير بإتمام تنفيذ الحكم.

وقف المحامى أمام المحكمة مرة أخرى فى نقض الحكم كآخر محاولة لإنقاذ حياته، وهو ما تم بالفعل بعد أن استطاع إثبات ما تعرض له هذا الشاب البرىء من مخطط شيطانى للإيقاع به بدلاً من الجانى الحقيقى. 

داخل منزله بمحافظة المنيا التقت "بوابة أخبار اليوم" مع العائد من الإعدام، وعاشت مع أحمد يوسف مشاهد خاطفة من 500 ليلة سوداء عاشها وهو يرتدى البدلة الحمراء.. وكان هذا الحوار،،

- صف لنا شعورك لحظة سماعك حكم الاعدام!

− شعرت بالموت ولم أصدق ماسمعته وأصبت بحالة من الذهول لبضع دقائق حتى أننى سألت شقيقى "هو القاضى حكم على مين"؟، ثم انهرت فى البكاء، ولكننى تذكرت أننى برىء وشعرت أن الله لن يتخلى عنى.

- الساعات الأولى بالبدلة الحمراء.. كيف مرت عليك؟

− فى البداية تم المناداة على اسمى وفوجئت بحرس السجن يعطوننى البدلة الحمراء انقبض قلبى وما إن أمسكت بها حتى انفجرت بالبكاء لم أصدق أن يأتى يوم وأرتدى هذه البدلة التى لم أراها سوى فى الأفلام والمسلسلات، وعندما بدأت فى لبسها شعرت بنيران الخوف والرعب تنشب فى جسدى لم أحتمل وسقطت مغشيا علىّ. − يتذكر "أحمد" تفاصيل هذه الليلة ويمسح دموعه ويقول− وبعد ارتدائى لبدلة الإعدام قاموا بإدخالى غرفة مظلمة، وأغلقوا الباب وسط ذهولى واندهاشى، شعرت بالفزع ولم أنم فى هذه الليلة، فما أصعب الظلام والوحدة وانتظار الموت وما أقسى إحساس الظلم، كان شعور الخوف أن أموت وأنا مظلوم دائماً ما يراودني، كنت أتخذ ركنا فى الغرفة، وأجلس أناجى الله ليخرجنى من هذه المحنة العصيبة، وترتفع ضربات قلبى بشدة عندما أسمع وقع أقدام الحرس تقترب من أبواب زنزانتي، أشعر وكأنها تدب فوق رأسى وأن قلبى يكاد يخرج من مكانه، كنت أموت فى اليوم ألف مرة، ولكن هذا الشعور كان يخف قليلا ً بعد مرور الساعات الأولى من فجر كل يوم جديد، وهو الوقت الذى يتم فيه اقتياد من يقع عليه الدور فى تنفيذ الإعدام، ليدب فى قلبى بصيص أمل فى الحياة، فقد كان هناك شيء ما يجعلنى أقاوم حتى النهاية.

- كيف تعايشت مع الوضع فى السجن؟ 

− كنت أداوم على الصلاة والصوم طوال اليوم، واتخذت من ذكر الله ملاذاً من خوفى خاصة وأنا مظلوم ولو لم أفعل ذلك كنت هتجنن لأن أغلب المحكوم عليهم بالإعدام يقومون بالإنتحار .

- ماذا عن أول زيارة لأسرتك وأنت ترتدى البدلة الحمراء؟

− لم يكن منا أحد يتكلم، كانت الدموع هى التعبير الوحيد عن الموقف، كنت أتمنى أن ارتمى فى أحضانهم جميعاً، ولكنى كنت أحاول التماسك قدر المستطاع وأحاول أن أقنع أمى أنه لن يتم تنفيذ حكم الإعدام على لوجود أدلة تدعم براءتي، كنت أقول لها ذلك فى محاولة منى للتخفيف عنها فقط، فوضعى فى القضية كان شديد الصعوبة، ولكن أكثر ما كان يؤلمنى هى دموع أمى فى حين أن ثقتها ببراءتى كانت أكبر دافع لى لعدم الاستسلام أو اليأس أو أن أصاب بالجنون والانهيار العصبى.

- كيف قضيت هذه الليالى الصعبة ؟

− كانت أحلامى هى المتنفس الثانى بعد الصلاة وذكر الله وكنت دائماً ما أحلم برؤيا أن القاضى ينطق ببراءتى، وقتها كنت استقيظ فرحاً وأحمد الله وأشعر أنها إشارة لى بالبراءة.

- ما هو حال أقرانك،هل تم إعدام أحد؟

− الفترة التى قضيتها فى زنزانتى وأنا أرتدى البدلة الحمراء تم فيها تنفيذ الحكم على عدد كبير من المحكوم عليهم بالإعدام، وهم 60 سجيناً تقريباً، تمت إدانتهم فى قضايا متنوعة بتهم القتل وغيرها.

- وكيف كان شعورك وقتها؟ 

− عند علمى بإعدام أحد من النزلاء الذين أعرفهم كنت أموت رعباً ولكنى لم أفقد الأمل فى الله.

- ما شعورك بعد سماع حكم البراءة؟

− شعرت بأننى ولدت من جديد، وأن الله لا تضيع عنده الحقوق بعد أن فقدت الأمل 6 سنوات وأنا مظلوم!

- ما الفرق بين أحمد قبل وبعد الحبس؟

− كنت دائما "مغمض وفى حالى" وأتعامل مع الناس بحسن نية ولكن بعد هذه التجربة الأليمة سأتعامل بحذر شديد.

- بعد 6 سنوات منها سنة ونصف فى انتظار الموت ماذا يمكن أن تقول ؟

− أنا اتولدت من جديد فالحياة خلف القضبان أشبه بالموت البطىء فليلة من ليالى السجن بسنة خارجه. ونصيحة لكل من يوسوس له شيطانه الإقدام على أى جريمة، تذكر العقاب ، فهو غاية فى الصعوبة، والإحساس بالندم فى غير وقته أمر فى غاية الصعوبة، الجريمة فعلاً لا تفيد، ولكل مظلوم أقول: لا يأس من رحمة الله.. وببساطة الأم المصرية اختتمت أم أحمد الحوار قائلة: "كنت حاسة أن ابنى هيخرج ويرجع لحضنى تانى ومن أول يوم حبس لابنى وأنا على يقين إن ربنا هينصره وهيطلع مظلوم"ولكن يبقى السؤال مين هيعوض ابنى عن سنوات الرعب والحبس.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة