الخفافيش والخنازير
الخفافيش والخنازير


سكان الكهوف والمزارع.. «تكامل وبائي» بين الخفافيش والخنازير

حاتم حسني

الأحد، 07 فبراير 2021 - 09:51 ص

ربما تجسيد هيئة الشيطان في شكل الخفاش، لم تكن أكثر رعبا مما سببه هذه الحيوان الطائر اليوم، فعلى طريقة الأفلام، خطوات قليلة داخل كهف في الصين كانت كفيلة بإطلاق كائنات دقيقة فتكت بالملايين في غضون عام واحد، عبر وباء كورونا «كوفيد-19» الأشرس من قرابة القرن.

ولم يقف الأمر عند «كورونا»، فقد ازدادت سمعة الخفافيش سوءً، بعدما عرفت بأنها أرضا خصبة لتكاثر العديد من الفيروسات بما فيها الفيروسات التاجية مثل السارس ومتلازمة الشرق الأوسط فيروس كورونا، الإضافة إلى القاتل الجديد المعروف بفيروس نيباه.

وبفضل جهاز المناعة الفريد، فإن الخفافيش تنقل هذه الأمراض الفتاكة إلى أنواع أخرى من الكائنات، ولكن درجة حرارة الجسم العالية والمستويات العالية من الإنترفيرون المضاد للفيروسات تبقيها صحية.

الخنازير وسيط

وبحسب منظمة الصحة العالمية، فإن عدوى فيروس نيباهن التي ظهرت مؤخرا تؤدي إلى أعراض مرضية وخيمةن مضيفة أن الفيروس ليس بجديد، إذ تم الكشف عنه لأوّل مرّة في كامبونغ سونغاي نيباه بماليزيا عام 1998.

وأشارت إلى أن الخنازير أدت إلى تفشي هذا الفيروس وعملت كوسيط، وقد أُصاب البشر بالفيروس في بنغلاديش عام 2004 بعد استهلاك عصير نخيل لوثّته خفافيش الثمار بالفيروس.

وأكدت أنها سجلت سريان العدوى بين البشر، بما في ذلك في أحد المستشفيات في الهند.

الخنازير دورها كعائل أو وسيط وبائي لم يتوقف على انفلونزا H1N1، بل أيضا تسببت في تفشي وباء الحمى الأفريقية والذي يصيب الحيوانات والخنازير بالتحديد، إذ حذرت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة «الفاو» في أغسطس الماضي، من سرعة انتشار مرض حمّى الخنازير الأفريقية في الصين.

وذكرت أن السلطات المحلية رصدت عدة مناطق في البلاد تبعد أكثر من ألف كيلو متر عن بعضها البعض، ما يشير إلى احتمالية انتشار هذا الفيروس الفتاك في المزيد من الدول الآسيوية في أي وقت، محذرة من أن هذا المرض لا يوجد لقاح فعال للحماية منه رغم كونه لا يشكل تهديداً مباشراً على صحة الإنسان، إلا أن عواقب انتشاره يمكن أن تكون مدمرة وفتاكة وتؤدي إلى نفوق الحيوانات المصابة بنسبة 100 في المائة.

وفي غدون هذه الفترة قتلت السلطات الصينية أكثر من 24,000 خنزير في أربع مقاطعات، مع العلم أن هذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها اكتشاف انتشار حمى الخنازير الأفريقية في مناطق خارج أفريقيا، حيث انتشرت سابقاً في أوروبا والأمريكيتين خلال الستينيات.

الفيروسات التاجية

أستاذ الأمراض المعدية والمتوطنة والحميات بالأكاديمية الطبية العسكرية اللواء طبيب ممدوح البهنساوي، في حديثه لـ«بوابة أخبار اليوم» قال إن دورة حياة أي الفيروس عبارة عن صعود وهبوط، مشيرا إلى أن مجموعة الفيروسات التاجية التي تنتمي إليها كورونا بأنواعها المختلفة كانت تعرف منذ عقود طويلة بأنها فيروسات ضعيفة ولا تمثل أي تهديد وبائي.

وأوضح د.ممدوح البهنساوي، أن بعض نواقل الأمراض تمثل عائلا وسيطا، وبعض هذه العوائل لديها مقدرة على زيادة تكاثر الفيروس لتصبح بعد ذلك مصدرا مشعا للفيروسات، ومن هذه النواقل أحد أنواع الخفافيش المعروفة بخفاش الفاكهة.

خفاش الفاكهة من عائلة ال Pteropodidae family

وأكد د.ممدوح البهنساوي، أن خفاش الفاكهة هو العائل الرئيسي للخطر الجديد الذي أصبح يهدد البشر، وهو فيروس «نيباه»، موضحا أن نسبة الوفيات الناتجة عن الإصابة بهذا الفيروس تتراوح ما بين 40 إلى 100%.

وقال إن أول ظهور لفيروس «نيباه» كان في مزرعة خنازير بـ«سينغافورا» حيث هاجم نحو 250 شخصا وقتل ما يزيد عن نصفهم، كما رصدت حالات في الهند وبنجلاديش والصين، منوها إلى أن زيادة مؤشرات التهديد برصد حالات في القارة الأفريقية وتحديدا في أوغندا.

وحذر د.ممدوح البهنساوي، من التهاون في اتخاذ كافة الإجراءات الوقائية ضد فيروس «نيباه» حيث أن خفاش الفاكهة يفرز لعابه في المنتجات الزراعية التي تصل ليد الإنسان، كما أن الفيروس يمكنه الانتقال من خلال الهواء الذي يحرك الأتربة المحملة بفضلات الخفافيش الحاملة للفيروس مع يعد أداه سريعة لانتقال المرض من مكان لآخر.

وأشار أستاذ الأمراض المعدية والمتوطنة والحميات بالأكاديمية الطبية العسكرية، إلى أن فترة حضانة فيروس نيباه تبدأ من 4 أيام فأكثر، بدون أعراض ثم تبدأ الأعراض بارتفاع في درجة الحرارة ويمكن أن يصاب المريض بالتهاب في الأوردة، أو التهاب رئوي حاد، أو التهاب في المخ يؤدي إلى وفاة 80 إلى 100% من الحالات.

وطالب اللواء د.ممدوح البهنساوي، منظمة الصحة العالمية بالإسراع في دعم أي أبحاث للوصول إلى لقاح مضاد لفيروس «نيباه» كونه سريع الانتشار ويمكن ان ينتقل من مكان لمكان بسهولة.

واختتم أستاذ الأمراض المعدية والمتوطنة والحميات بالأكاديمية الطبية العسكرية اللواء طبيب ممدوح البهنساوي، حديثه بأن عائلة خفاش الفاكهة Pteropodidae family غير موجودة في مصر ولكن هذا وحده لا يجعلنا في مأمن لسهولة انتقال المرض بالرياح، لذا من الضروري اتخاذ إجراءات احترازية مشددة تجاه الدول التي رصدت فيها حالات إصابة.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة