الرئيس عبدالفتاح السيسى والفريق أول عبدالفتاح البرهان
الرئيس عبدالفتاح السيسى والفريق أول عبدالفتاح البرهان


دبلوماسيون لـ«آخرساعة»:

تناغم سياسى يدعم تكامل العلاقات

بوابة أخبار اليوم

الأحد، 07 فبراير 2021 - 01:58 م

تمر العلاقات المصرية السودانية بحالة من التناغم السياسى نتيجة التوافق الحاصل بين البلدين فى جملة من الملفات، وقدمت القاهرة بوادر حسن النوايا بدعمها الانتقال الديمقراطى فى السودان، ومشاركتها بفاعلية فى تمرير اتفاق سلام جوبا بين الجبهة الثورية والسلطة الانتقالية إلى جانب تقديم الدعم فى قضايا أمنية واقتصادية وعسكرية عديدة، ما انعكس على حجم الزيارات المتبادلة بين دوائر حكومية عديدة فى البلدين خلال الأشهر الماضية.

يتوافق البلدان على ضرورة الوصول إلى اتفاق ملزم مع إثيوبيا بشأن سد النهضة وتنسيق المواقف المشتركة بينهما فى قضية مياه النيل، كما أن هناك رغبة مشتركة فى مجابهة التنظيمات الإرهابية والحد من مخاطر تحركاتها على الحدود فى ظل دعم النظام السودانى السابق بقيادة عمر البشير تلك التنظيمات وما ترتب على ذلك من وضع السودان على اللائحة الأمريكية للدول الراعية للإرهاب وقتذاك، إلى جانب تطور العلاقات العسكرية التى نتج عنها إجراء تدريبات مشتركة بين الجيشين فى قاعدة مروى الجوية شمال السودان.

يؤكد العديد من الدبلوماسيين الذين استطلعت "آخرساعة" آراءهم فى هذا التحقيق أن الفرصة مواتية للوصول إلى مرحلة التكامل بشأن التعاون المشترك، مع زيادة حجم التنسيق الدبلوماسى المشترك فى مجالات عدة تحديداً بعد رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وفى ظل الأدوار الفاعلة والمتوقعة لكلا البلدين بشأن تأمين حركة الملاحة فى البحر الأحمر ومشاركتهما فى ∀مجلس الدول العربية المطلة على البحر الأحمر∀.

وقالت السفيرة منى عمر، مساعد وزير الخارجية الأسبق للشئون الأفريقية، إن الثورة السودانية التى أطاحت بنظام البشير كان لها مردود إيجابى على مستوى تطور العلاقات المصرية السودانية سواء كان ذلك على مستوى مجلس السيادة الانتقالى الذى يقوده المكوِّن العسكرى برئاسة الفريق أول عبدالفتاح البرهان، أو على مستوى الحكومة الانتقالية برئاسة عبدالله حمدوك.

وأضافت أن مصر دعمت خيارات الشعب السوداني، وكان لذلك أثره البالغ فى العلاقة السياسية المتطورة حالياً، إذ إن هناك تنسيقاً مشتركاً فى كافة القضايا ذات الاهتمام المشترك وفى القلب منها أزمة سد النهضة، بجانب الدعم المصرى للسودان بشأن أزمة الحدود المشتعلة حالياً مع إثيوبيا، وكذلك التنسيق المشترك بشأن الملف الليبى باعتبار أن البلدين من دول الجوار الليبي، إلى جانب قضايا الإرهاب التى تصاعدت فيها وتيرة التنسيق المشترك.

وبرأى السفيرة منى عمر، فإن السلطة الانتقالية السودانية أدركت خطورة الضرر الواقع على السودان جراء سد النهضة الإثيوبى وخطورة إصرار أديس أبابا على ملء السد بشكل منفرد، ما دفع لمزيد من التنسيق بين الوفود المصرية والسودانية المشاركة فى المفاوضات، كما أن الاستخبارات السودانية أضحى لديها موقف رافض لجرائم تنظيمات الإسلام السياسى التى تنشر العنف والتطرف بين شعبى البلدين، ما يدعم مزيداً من التعاون المشترك بشأن التعامل مع العناصر الخطرة وتضييق دائرة الخناق عليها.

وأشارت إلى أن قوة العلاقة بين البلدين تعبِّر عنها زيادة الزيارات المتبادلة بين الجانبين على أعلى مستويات القيادة السياسية والتشاور بشأن الملفات المختلفة، فى حين أن مصر دائماً ما تؤكد مساعدتها المستمرة للشعب السودانى فى ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التى يعانيها، سواء من خلال الحضور المصرى بشأن مواجهة فيروس كورونا أو على مستوى أزمة شح الخبز وتقديم المخابز الكهربائية الجاهزة.

ومن جانبه، قال السفير صلاح حليمة، نائب رئيس المجلس المصرى للشئون الأفريقية ومبعوث الجامعة العربية السابق للسودان، إن العلاقات المصرية السودانية متعددة الروافد والأبعاد، وتستند إلى ثوابت الجغرافيا ووقائع التاريخ والتقارب الاجتماعى والعلاقات الثقافية والمصالح المشتركة، وربما كانت فى بعض الفترات تواجه سحابة أو أكثر تؤثر عليها، لكن فى النهاية العلاقات بينهما أزلية ولديها مستقبل واعد، خاصة أن النظامين الحاليين يسيران فى نفس الاتجاه سواء على مستوى التوجه العربى أو الأفريقى أو الدولي.

وأوضح أن هناك جملة من المجالات التى تتضاعف فيها أطر التعاون، على رأسها الملف الأمني، وهناك رغبة مصرية فى أن يشهد السودان استقراراً لتخطى عقبات المرحلة الانتقالية. وعلى مستوى العلاقات مع دول الجوار، هناك دعم مصرى لضرورة تحسين العلاقات مع الأنظمة الحاكمة فى تلك الدول بما يدعم استقرار منطقة القرن الأفريقى وسد المنافذ التى قد تستغلها قوى معادية على ساحل البحر الأحمر، خاصة أن الدولتين سيكون لهما أدوار تأمينية مهمة لخليج عدن وساحل البحر الأحمر وفقاً للتحالفات الجديدة فى تلك المنطقة، بحكم الخبرات العسكرية التى تؤهلهما للقيام بهذا الدور.

الرئيس السيسى خلال لقائه أحد الوفود السودانية رفيعة المستوى خلال زيارتها للقاهرة

وأوضح أن البلدين لديهما مصالح مشتركة بشأن مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة ومواجهة جرائم تجارة البشر المنتشرة بين عدد من الدول الأفريقية والتعامل مع جرائم الهجرة غير الشرعية، خاصة أن الأوضاع الأمنية الرخوة فى السودان ساعدت على انتشار تلك الجرائم خلال فترة حكم البشير، فى حين أن رفع السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب سيدعم تنسيق التعاون المشترك مع مصر فى المجالات الأمنية والاستخباراتية ويئد أى تحركات للتنظيمات المتطرفة التى قد تحاول إحراج السلطة الانتقالية فى السودان.

وأوضح أن مصر لديها رغبة أيضاً فى استقرار أوضاع ولايات الهامش السودانية ما انعكس على الدور المحورى المصرى بتوقيع اتفاق سلام جوبا بين الجبهة الثورية التى تضم فى عضويتها حركات مسلحة وتنظيمات سياسية وبين السلطة الانتقالية، وكان هناك تنسيق مشترك مع دولة جنوب السودان الراعية للاتفاق حتى خروجه إلى النور.

يذهب السفير صلاح حليمة للتأكيد على أن تطورات العلاقات السياسية كان لها انعكاسات إيجابية على المستوى الاقتصادي، مع الانخراط المصرى فى تطوير البنية التحتية الرابطة بين البلدين وبدء تدشين خطوط السكك الحديدية الرابطة بينهما، إضافة لتهيئة الطرق البرية والبحرية لنقل البضائع، مشيراً إلى أن فرص الاستثمار من المتوقع أن تتضاعف خلال السنوات المقبلة مع انطلاق أعمال المنطقة الصناعية المصرية فى السودان. 

يؤكد حليمة أن الارتقاء بمستوى العلاقات المختلفة يدعمه وجود آليات ولجان متعددة للتنسيق والتشاور والتعاون بين البلدين وأن هناك خلايا عمل بين الدولتين يذهبان باتجاه التركيز على القضايا ذات الاهتمام المشترك، وهناك تنسيق مشترك على مستوى استخبارات البلدين وعلى المستوى الوزارى وكذلك على مستوى الخبراء المتخصصين.

وبدا واضحاً أن هناك رغبة سودانية فى الاستفادة من تجربة مصر فى مواجهة التطرف والتنظيمات الإرهابية ما كان من نتائجه تدشين وزارة الأوقاف دورات تدريب الأئمة السودانيين، وعبّر عن هذا الاهتمام الزيارة الأخيرة لوزير الأوقاف والشئون الدينية السودانى نصر الدين مفرح إلى القاهرة خلال شهر ديسمبر الماضي، التى امتدت لأكثر من أسبوع شهد تركيزاً مشتركاً على كيفية إعداد استراتيجيات وخطط مشتركة للتعامل مع التنظيمات الإرهابية على المستوى الفكري.

ومن جانبها، أكدت أستاذة العلاقات الدولية بجامعة الخرطوم، تماضر الطيب، أن كلاً من مصر والسودان لديهما رغبة جامحة فى التعامل مع الجماعات المتطرفة التى دائما ما يكون لديها تأثير سلبى فى علاقة البلدين كما الحال فى تسعينيات القرن الماضى فى أعقاب محاولة اغتيال الرئيس المصرى الراحل حسنى مبارك، وأن قدرة البلدين على تنسيق المواقف المشتركة فى المجال الأمنى تنعكس إيجاباً على حركة الاستثمارات الأجنبية إذا كان هناك استقرار داخلى يدفع لجذب هذه الاستثمارات.

وأضافت: كلما زاد التكامل الاقتصادى والتجارى بين البلدين، كان ذلك دافعاً للتكامل السياسى أيضاً وكلما زادت حركة التجارة بين البلدين، انعكس ذلك إيجاباً على اقتصاد البلدين، وهى أنشطة تدعم مباشرة التعاون الأمنى للحد من عمليات استغلال الحدود لتهريب الأسلحة والعناصر المتطرفة.

وأوضحت أن التقارب الحالى فى أزمة سد النهضة يطرح أشكالا عديدة من التعاون بين البلدين وإلى جانب الانخراط فى المفاوضات مع إثيوبيا فإنه من المهم البحث عن مشروعات بديلة لتوفير المياه واستثمار الطاقة النظيفة لدى البلدين والاستعانة بالمستثمرين والخبراء الأجانب من الخارج لتطبيق أساليب الإصلاح الزراعى الحديثة التى توفر المياه إلى حد كبير وإحداث التكامل بشأن توفير الأمن الغذائى بين البلدين، فهناك زراعات تتماشى مع حالة المناخ المصرية وأخرى تتماشى مع الظروف المناخية السودانية الحارة.

ولفتت إلى أن تطور العلاقات السياسية يضيِّق الخناق على أى محاولات من شأنها الوقيعة بين الحكومتين، خاصة أن فلول نظام البشير البائد يحاولون بشتى الطرق تشويه صورة الحكومة المصرية فى أعين المواطنين والتأكيد على أنها تدعم المصالح المصرية من دون الالتفات للمكاسب السودانية العديدة من توطيد العلاقات فى مجالات مختلفة. 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة