تلال القمامة تحاصر مساكن الهجانة والعشوائية والفوضى يسيطران على المنطقة
تلال القمامة تحاصر مساكن الهجانة والعشوائية والفوضى يسيطران على المنطقة


بعد سنوات من الفوضى.. «الهجانة» تودع العشوائية

محمد العراقي- شريف الزهيري- إبراهيم عودة

الأحد، 07 فبراير 2021 - 09:22 م

وجدت فى غفلة من الزمن..غياب القانون والفوضى آنذاك كان سببا رئيسيا فى منبتها..ظن قاطنوها أنها الملجأ والأمان..لم يعرفوا أنها بداية الوباء والداء.. ففرحوا بها حتى عصفت بهم أبراج ضغطها العالي..واخترقت أنوفهم قمامتها التى لا تنتهي.. وانفجرت مجاريها تغرق منازلهم..وعصفت بسياراتهم طرقها الوعرة، وضاعت خصوصياتهم بتقارب منازلهم بصورة فجة، ليصرخوا مستنجدين دون أذن تسمعهم، حتى أتى الرئيس السيسي، والذى استمع لهم بقلبه ملبيا النداء، وينقلهم من الألم إلى السعادة ومن الفوضى إلى النظام ومن العشوائية إلى أفضل المناطق السكنية ومن الموت حرقا من سقوط ابراج الضغط العالى إلى مناطق امنة تتوافر بها سبل الحياة القويمة..إنهم أهالى عزبة الهجانة أحد ابرز المناطق العشوائية ومنبت الفوضى، والتى آن الأوان أن تودع عشوائية إنشائها وتبدأ العصر الجديد الذى انتهى فيه زمن الفوضى، وبدأ معه عصر النظام والازدهار، ليس هذا فحسب بل انها ستكون شاهدة على ميلاد مجتمع عمرانى كامل وفق ما أكده خبراء التنمية المحلية.

 

"الأخبار" فى السطور القادمة رصدت بالصورة والقلم واقع عزبة الهجانة المأساوى قبل أن تبدأ رحلة التطوير ورصدت آراء بعض المواطنين وناقشت الخبراء والنواب لمعرفة كيف سيعود هذا التطوير بالنفع على مصر.

 

المواطنون‭: ‬شكراً‭ ‬للرئيس‭.. ‬حقق‭ ‬حلـــــــــــــــــمنا‭ ‬والتطوير‭ ‬سيعود‭ ‬بالنفع‭ ‬على‭ ‬الجميع

البداية كانت من الكيلو 4 ونص..مجموعة من "التكاتك" تقف بعشوائية لا رقيب عليها ولا حسيب..سائقوها ينتشرون بصورة تدعو للحزن لما تتنابذ به أفواههم من ألفاظ يندى لها الجبين، وتكون بذلك هى مقدمة وخير عنوان لما سنراه فى الداخل..الأسوأ انك ما ان تتركهم متمنيا ان يكون القادم أفضل، تصدم بطريق هو الأسوأ على الإطلاق..نتوءاته كفيلة ان تقضى على سيارتك ليس هذا فحسب بل انه حارة واحدة تتقابل به السيارات، والتى كانت تتراقص تجنبا لنتوءات هذا الطريق..ولكن الأسوأ لم يأت بعد، فما أن تستمر وتصل إلى مبانى العزبة ستعرف أن ما رأيته ليس سوى مثقال ذرة من عشوائية وان تلك النتوءات التى استهلت بها الطريق ليست سوى مقدمة بسيطة لطريق أسوأ وأسوأ، خاصة انه طريق منحدر لأعلى، بالإضافة إلى أن نتوءاته تفوقت على سابقتها والتى كانت فى بداية الطريق، ناهيك عن ضيق مساحته، والتى ستندهش عندما تفاجأ انها مخصصة ذهابا وإيابا، وتجد نفسك إذا ما حدث واتت سيارة فى المقابل لك انك فى لغز حتى تستطيع عبورها، وتتجمع حولك الأطفال ترشدك قائلة "تعالى يمين شويه لا شمال" وفى النهاية تصطدم بالسيارة التى أمامك، وان نجوت منها ستجد حجرا بارزا يصيب سيارتك من الأسفل، لذا اذا كنت تحرص على سيارتك فالطريق إلى الهجانة ليس هو الأمثل، لذا إذا ما ضاقت بك الأمور للسير إلى هناك لقضاء حاجة فلتترك سيارتك وتترجل، ولكن بعد ان تتأكد أن مياه الصرف الصحى هناك بأفضل حال ولا يحدث معك مثلما كان معنا عندما ترجلنا قليلا للسير، لنصدم انه على بعد أمتار قليلة بركة من الماء توسطتها بعض الصخور سرنا عليها كراقصى الباليه، وتأكدنا أننا لا زلنا نملك قدرا من الرشاقة، وننتهى من عبور هذه البركة، ويبدأ فصل السؤال عن منطقة الضغط العالي، والذى اخبرنا احدهم انه علينا أن نستمر بطول الطريق وسنصل إلى تلك المنطقة، ونتمنى بعدها ان يكون ما رأيناه حتى هذه اللحظة هو أقصى مظاهر العشوائية.

 

العمارات

ليس كل ما يتمناه المرء يدركه، فكلما استمررنا فى السير. صدمنا أكثر فأكثر، فالطريق إلى أبراج الضغط العالى يزداد سوءا، ليس هذا فحسب بل أن المبانى والعمارات والتى يبدو على بعضها الحداثة تتلاصق بطريقة تدعوك للتساؤل أين الخصوصية فى تلك النوافذ التى تتقابل بصورة متشابكة ؟!، حتى انك تستطيع ان ترى جارك بنافذة منزله او غرفته المقابلة لك..كيف احصل على الحرية الشخصية والراحة التى يسعى إليها كل إنسان فى حياة كريمة مستقلة بهذا الوضع؟!، وكلما استمررنا فى المضى يزداد تعجبنا من تلاصق العمارات والذى يزداد أكثر فأكثر، ونجد ان هذه العمارات لم تكتف بالتلاصق فقط بل انها اختارت ان يكون اسفل كل عمارة،اما ورشة للحدادة او للنجارة والرخام او محال للمأكولات الشعبية.. المشكلة ليست فى تواجد هذه المحال ولكن المصيبة الكبرى أن هذه المحال لا تتوافر بها أدوات السلامة المهنية، أى اننا ما بين الحين والآخر قد نكون فى انتظار كارثة تتفوق على "عمارة فيصل المحترقة ".

بعد كل هذه الكوارث التى أبصرناها ظننا حينها ان هذا هو أقصى مظاهر العشوائية التى سنجدها حتى تفاجأنا بتل من القمامة ذى رائحة نفاذة تخترق أنوفنا برغم أننا كنا نكتمها بأيدينا..المدهش أن هذا التل كان يتوسطه بعض المواطنين لا يعبأون بتلك الرائحة ولا انها قد تكون سببا فى انتشار الأمراض، حتى الأطفال كانت تسير عليها بجوار بضع من الخراف التى كانوا يلهون معها، لتستغرب كيف تلهو هذه الأطفال على القمامة وكيف يتحملون رائحتها، وبينما كنا نتساءل تستمر صدماتنا بعد ان أبصرنا أبراج الضغط العالى والتى على الرغم انها تقع بجوار تل القمامة إلا أننا لم نرها إلا بعد أن ركض فى اتجاهها احد الاطفال هاربا من صديقه الذى كان يلهو معه.

 

هنا بدأ معنا فصل الخوف من تلك الأبراج العالية المتراصة بطول الطريق".. الغريب ان ذاك الطفل كان يسير أسفلها بلا مبالاة دون خوف ان تحدث مفاجأة بسقوط احد الأسلاك مثلما حدث فى الماضى باحتراق احد المنازل والتى كانت تقع أسفل تلك الأبراج، والتى انتهى عصرها أخيرا بعد ان دشن مشروع تطوير عزبة الهجانة ولكن يبقى السؤال كيف كان يعيش الناس قبل انطلاق مشروع التطوير ومن هنا بحثنا عن الإجابة.

 

طاقة القدر

فنبرة سعيدة "الريس اخيرا اخيرا حقق حلمهم وحلمنا بمشروع التطوير" بهذه الكلمات بدأ محمود عبد الرحمن، موظف، حديثه لـ "الأخبار".. ويضيف أننا كسكان عزبة الهجانة كنا نعانى من انفجار فى المجارى وتلال من القمامة وانعدام للخصوصية ولكننا كنا نتعايش ونرضى بالأمر الواقع على الرغم من صرخاتنا التى كانت لا تنتهى وشكوانا الا ان وجدنا أخيرا الرئيس الذى سمعنا ولبى نداءنا.

 

ويوضح أن مشروع تطوير العزبة حلم تمنيناه لأنه أولا أنقذ السكان التى كانت تقع منازلها تحت ابراج الضغط العالى وكانت عرضة للأمراض التى كانت تنجم من هذه الأبراج والحوادث التى كانت تحدث منها بعد ان تم نقلهم إلى مشروع أهالينا بالإضافة إلى ان هذا المشروع سينهى العشوائية وسيكون طاقة القدر للمنطقة بإدخال الخدمات بها بطريقة صحيحة وتصل للجميع.

 

إنقاذ الأهالى

ويلتقط طرف الحديث احمد سعيد، أحد سكان المنطقة، قائلا: إن مشروع تطوير عزبة الهجانة والمحور الذى سيتم إنشاؤه سيعود بالخير على الجميع وأكثر من سينتفع بهذا المشروع أهالى المنطقة الذين سيتوافر لهم خدمات فى شتى المجالات وأيضا سيكون هناك نظام بعد الفوضى.

 

ويضيف أن مهما كانت الكلمات فإنها تعجز عن وصف ما بداخلنا من سعادة بعد إعلان الرئيس عن تطوير العزبة وانقاذ اكثر من 500 اسرة كانت تعانى من ابراج الضغط العالى والآن توافرت لهم حياة كريمة فى منطقة لا تقل عن "الكمبوندات" التى نراها فى التلفاز.

 

ويختتم حديثه أخيرا "آن الأوان ان تنتهى عشوائية عزبة الهجانة والتى للأسف كانت بفعل أيدينا نتاج اننا كنا نبحث عن السكن دون ان نخطط لكيف يكون هذا السكن وماذا سيحتاجه من خدمات حتى وصل بنا الحال لما تراه الآن والذى سيتغير قريبا ويصبح أكثر نظاما وأمنا".

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة