خالد رزق
خالد رزق


مشوار

كورونا.. «العالم» خسر من روحه

خالد رزق

الأحد، 07 فبراير 2021 - 10:40 م

ثقيل هو زمن كورونا بخسائره، وهى خسائر مدهشة فى أوانها وكونها الأولى التى تأتى عالمية عامة وشاملة للجنس البشرى نفسه بغير حروب وربما هى أكثر اتساعاً فى تأثيرها على سكان الكوكب كله من أى حرب عالمية سجلها التاريخ.. نعم الوباء الفيروسى لم يكتف فقط بالقتل، وتجميد عجلات الاقتصاد على مستوى كونى، وإنما فرض على الأحياء أسوأ صور العيش بانعزالية فى سجون اجتماعية إجبارية محرومين فيها من ممارسة أبسط الأنشطة الإنسانية كعيادة الآباء والأمهات، وإلى ذلك فقد حرم طلاب التواصل من متعة الاجتماع الحر الآمن غير المحدود بعدد ولا المكبل بشروط التباعد وما حتى يكتم الانفاس.

 

كورونا الفيروس إذاً فعل بالدنيا ما لم يدر بخلد أحدنا اللهم الا فى قصص وروايات وأفلام الخيال العلمى، والتى عادة ما كانت تنتهى بحصر المرض فى نطاق ما وإيجاد اللقاح القاضى على الفيروس والمنجى للبشرية، ولعلكم تذكرون معى كيف كانت حياة الناس قبل تفشى الوباء عالمياً، مجموعات المتدينين تملأ المساجد والكنائس فى كل مكان من الأرض.. الحجاج فى مكة وبيت لحم، طلاب المتع الروحية والفن والحضارة يتزاحمون فى المسارح والقاعات، العامة متلاصقون بالشوارع والمطاعم والمقاهي، السياح تنقلهم حول العالم آلاف الطائرات والسفن، باختصار وفى لحظة واحدة سحبت عن الناس كل هذه الصلاحيات، وكأنما فقد البشر حرياتهم الشخصية المباشرة فى زمان ما بين طرفة عين وانتباهتها.

 

بعيداً عن خسارة الإنسان بالموت أو صحته بآثار من تلف أبدى ربما يتركه المرض بأعضاء المصاب الحيوية، خسر الإنسان الذى فى أول ما يفرقه من التعريفات عن سائر الحيوانات أنه مخلوق اجتماعى، وعلى مستوى وجدانى من روحه نفسها تلك الروح التى جبلت على التواصل والاجتماع والاتصال البدني.

 

خسارة يصعب تصور انها ليست من تدابير بشر بلغوا حدوداً من الشر وآفاقاً من العلم، تمكنهم من شن حرب انتقائية على العنصر الإنسانى كله، تستهدف منه فقراء العالم والشعوب صاحبة الثروات والأقل تقدماً.

 

كورونا ليس من ابتلاء رب قضى بخلقنا على ما نحن فيه.

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة