الباريس ريفيو
الباريس ريفيو


وأنريكه بيلا-ماتاس ٫٫٫ وموسيقى ماثيو وارد

مُحررو «الباريس ريفيو» يرشحون: جوان ديديون

أخبار الأدب

الإثنين، 08 فبراير 2021 - 12:31 م

ترجمة: مجدى عبد المجيد خاطر

اختطفنى كتاب جوان ديديون «ائذنوا لى أن أفصح لكم عمّا أعنيه» منذُ اللحظة الأولى؛ إذْ تستطيع الكلمات أن تُصيب البدن بالقشعريرة، ولئن تنثرهم فوق السطور فذلك يعنى أن تُصبح مُحاطًا بألغام أرضيّة. ومن ثمّ فنحنُ نعجز فى أغلب الأحوال عن التعبير بوضوح عمّا نقصد، رغم كل الجهود والنوايا الحسنة. فكيف تنجح إذن جوان ديديون فى مهمتها؟ إنّ كلماتها أسلحة متحفزة لكنّها مرصّعة بالماس؛ جميلة بقدر ما هى قاتلة، والأهمّ هو أنّها رهن إشارتها. يضم كتاب «ائذنوا لى أن أفصح لكم عمّا أعنيه» مقالات كتبتها ديديون على مدى الثلث الأخير من القرن العشرين؛ كأنّه صندوق حُلى صغير، ولك أن تقرأه لأجل النثر وحده- فما من أحد يُجيد استخدام [أداة العطف/الظرف/النعت/الضمير] «So» كما تفعل جوان ديديون- لكنّ السحر الحقيقى يكمن فى قدرتها على التعبير الواضح؛ ذلك أنّها تُبلغنا بما تقصد، وكل جُرح تُصيبنا به يكون عن عمد. أظنّ أنّ هذه القدرة تنمّ عن سخاء كبير، فما أجمل أن نتبيّن ما رمى إليه شخصٌ آخر، حتّى وإن فارقنا الأمل فى ردّ المعروف.
 حسن ألطاف

ذكريات مخاتلة

كان «ساترداى نايت كلايف» برنامجًا تلفزيونيًّا يُبثّ داخل المملكة المُتحدة فى أواخر الثمانينيات. وكان مُقدِّم البرنامج كل أسبوع؛ وعلى مدار ساعة واحدة تقريبًا، يعرض مقاطع فيديو قصيرة مُقتطعة من سياقها، بحيث يتراءى كل أبطال هذه المقاطع كأنّهم مجموعة من الحمقى. كان البرنامج مبتذلًا حتّى بمقاييس تلك الأيام؛ فكان ثمّة ضحك مسجّل، ولقاءات ذات سيناريو مُعدّ مسبقًا- بعضها كان جادًّا، لكن أغلبها يستهدف انتزاع الضحك ليس إلا. كان برنامجًا سيئًا رغم أنّه آنئذ لم يكن يوجد سوى أربع قنوات تلفزيونيّة، ومن ثمّ لم يكن مطلوبًا من أى برنامج أن يكون مسليًّا كى يحجز مكانه فى ليالى السبت والخلفية الثقافية الخاصّة بأيام الطفولة. مع ذلك، فإنّ كلايف الذى يحمل البرنامج اسمه هو الشاعر النابغ وكاتب المذكرات الموهوب، والناقد الأدبى الموقّر والمُذيع المُزعج بعض الشيء؛ كلايف جيمس، وما سبق كان تقديمى له؛ إذْ لا ريب أنّها الذكرى التى يحملها أغلب جيلى عنه. لذلك لم أفكِّر قطّ فى قراءة كُتبه إلا فى العام 2011، وذلك حين بدأت صحة جيمس فى التدهور- وبدأت الصحف فى الكتابة عنه بصورة مُجاملة- آنئذ انتبهت إليه باعتباره شخصيّة أدبيّة. مات جيمس فى العام 2019، لكن ما يُبهجنى هو أنّى قرأت بعض ما كتب عندما كان لا يزال على قيد الحياة، لاسيما قصائده الأخيرة. لكم كان جيدًا أن أعرف أنّه كان لا يزال يكتب وقتئذ، وأنّه لا يزال يتدبر حياته وعلاقاته أثناء قراءتى لكتاباته الأخيرة. مع هذا، قرأت الأسبوع الماضى كتابًا عن سنوات جيمس الأولى يحمل عنوان: «ذكريات مُخاتلة»، يضم روايته عن نشأته فى أستراليا. يتراءى جيمس فى طفولته كأنّه كابوس، لكنّه حكّاء بارع ومُراقب جذل لنمو الإيمان بالذات إبّان الطفولة. بالطبع كان ينبغى أن أكون قد قرأته فى وقت سابق، لكن لكم أذهلنى لقاؤه أول مرّة. ويبدو أنّ نفس الشعور قد داخل أمّه المُحبّة التى عانت طويلًا.
 روبن جونز

فكر فى الربيع

تبدأ رواية [الكاتب النمساوي] ألكسندر ليرنت- هولينيا «كونت لونا» (صدرت فى العام 1955، وترجمتها جين ب.جرين من الألمانيّة إلى الإنجليزيّة فى العام 1956، وأعادت دار «نيوديركشنز» طباعتها مؤخّرًا) باختفاء رجل يُدعى ألكسندر جيسيرسكى داخل سراديب الموتى فى رومانيا، أثناء بحثه عن قسيسين اثنين وهروبه من تنفيذ عقوبة. يتناول الفصل الثانى خسارة سلف جيسيرسكى النبيل لقبه بسبب استرداد الإمبراطوريّة النمساوية منطقة هاليشينا أوائل القرن التاسع عشر. وتُظهر سلسلة النسب التى تربط الرجلين معًا كل الإرث العاطفى الذى يجعل جيسيرسكى يُرسل رجلًا يُسمّى كونت لونا إلى أحد معسكرات الاعتقال النازية من دون قصد منه. وهكذا يغدو كونت لونا هاجسًا يستحوذ على تفكير جيسيرسكي(الّذى يعتقد أنّ كونت لونا لا يزال حيًّا)، ويحمله على اقتحام زوايا مُظلمة داخل العقل والريف، لينتهى به الأمر داخل قبور قديمة تقبع تحت الأرض. رواية مشوقة؛ مغموطة؛ وشديدة الغرابة، تُقدِّم صورة بشعة ومتشابكة لطبقة النبلاء والجاه، بشكل جريء ملؤه الحيويّة. – لورين كين.
هذا الأسبوع، طلعت الشّمس لأول مرّة خلال أربع سنوات. فما المقطع الموسيقى المثالى لهذه المناسبة؟ بالنسبة لى، هو آخر تسجيل لماثيو وارد الذى جاء باسم «فكِّر فى الرّبيع». الألبوم هو الثانى خلال العام بعد الألبوم المدهش «حكايات الهجرة»، الذى يعزف ألحانه فريق موسيقى كامل وموشّى بزخارف تقانات التسجيل الموسيقى. أمّا ألبوم «فكِّر فى الربيع» فعبارة عن عزف منفرد يقوم به وارد إضافة إلى مزج صوتى هامس سُجِّل بالمنزل أثناء الوباء على آلة تاسكام TASCAM، وهو إعادة عزف لمقطوعات موسيقيّة سابقة؛ ذلك أنّه يضم نسخة وارد الخاصّة من ألبوم [مُطربة الجاز الأمريكيّة] بيلى هوليداى «امرأة ترتدى الحرير»- وهذان الألبومان من أجمل ألبومات موسيقى الجاز، رغم شهرتهما المحدودة. فى الألبوم الجديد أضفى وارد على كل لحن نكهة ريفيّة جديدة، فصارت النغمات سهلة واستعاض عن أوركسترا هوليداى بعزف الأنامل. «فكِّر فى الربيع» تسجيل هادئ وعذب، يصلح لأن تصغى إليه أثناء التحديق خارج النافذة شارد الفكر. لماذا هذا الألبوم الآن؟ لأنّ هذه الأغنيات كلها عن الحبّ الضائع وعن بهجة التذكّر اللذيذة والمؤلمة فى آن. كُلها متباينة، تتلاعب بأوتار القلب التى يُخاتلها وارد برقة ولطف. وهى بنفس مزاجى الآن: حزينًا ويملؤنى الأمل.
 كريج مورجان تيشر

إصلاح رواية معيبة

صدرت رواية أنريكه بيلا-ماتاس «مُعضلة ماك» باللغة الأسبانيّة منذ عدة أعوام، قبل أن تصدر بترجمة مارجريت جول كوستا وصوفى هيوز إلى اللغة الإنجليزيّة فى العام 2019، وهى صالحة للقراءة الآن. فى الرواية، يسعى ماك فى مثل هذا الوقت الّذى نترقب خلاله مجيء الربيع؛ حيثُ كل الأيام متشابهة، بحماسه وجنونه الارتيابى الكبيرين، للحصول على زميل مُرحِّب. يمكث أغلبنا داخل المنزل طوال اليوم خلال هذه الفترة التى تشهد تفشّى الوباء، وربّما لا نُغادر المنزل إلا لتوفير احتياجاتنا الضروريّة متبعين نفس المسارات داخل الأحياء التى نسكنها. نخطط لمستقبل أفضل (قرارات العام الجديد وخُطط ما بعد الوباء)، ونختلسُ النظر للشخصيات الغريبة (أين قناع هذا الشخص؟). فى رواية بيلا-ماتاس، خسر بطلنا ماك وظيفته فى المحاماة ومن ثمّ فهو يقضى النهار كله داخل مُحترفه بالمنزل (حيثُ يشرد ببصره إلى الخارج غالبًا)، ثمّ يشرع فى كتابة يومياته (تُرى هل تنطوى قرارات العام الجديد الخاصّة بأى مِنّا على أسلوب أفضل لتوثيق الأفكار؟)، قبل أن يقع فى دوامة عميقة فى صورة التعهّد بإصلاح رواية معيبة ومنسية كتبها جاره منذُ زمن. لكم تُشبه دروب ماك عبر حيه فى برشلونة مماشى فى ألفابت سيتى [أحد أحياء نيويورك]. بل أنّ ثمّة خصم لى أيضًا داخل الحى يتمثّل فى قريب شرير وهو يستحق الازدراء. ربّما يكون الأمرُ الأهمّ هو أنّ رجاء ماك الذى لا يعرف الكلل كان يلقى تشجيعًا- ما جعلنى مستعدة لتحمّل مزيدًا من تلك الأيام المتشابهة. لكن لا تنتظر حتّى الثانى من فبراير للحصول على الرواية، بل تستطيع الحصول عليها نهاية يناير كجزء من حزمة الاشتراك فى الباريس ريفيو مع دار نيوديركشنز.
إميلى نيمنز

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة