عمرو الخياط
عمرو الخياط


نقطة فوق حرف ساخن

حياة كريمة.. تجديد الخطاب الاجتماعى

عمرو الخياط

الجمعة، 12 فبراير 2021 - 06:47 م

مرات عديدة ومعلنة يتحدث فيها الرئيس عبدالفتاح السيسى عن حتمية تجديد الخطاب الدينى، وخلال الحديث المتكرر لم يبرح السيسى تركيزه على خطورة الفكر المتطرف الذى يستهدف الإنسان باعتباره محلا لإعمال أفكار الشر التى قد يرسخها التطرّف فى وجدانه فيحوله من رسالة البنيان والعمارة إلى رسالة الهدم والتدمير المخالفة لأصل فطرته الطيبة.

من هذا المنطلق أدرك السيسى أن الانسان هو المستهدف الرئيسى لهذا الفكر الهدام، وأن عوامل البيئة والمجتمع المحيطة بهذا الإنسان سبب رئيسى فى تكوينه الذى يحوله إلى مستقبل جيد للأفكار المتطرفة وتزيد من قدرته على امتصاصها ثم افرازها فى أشكال مختلفة من الهدم والتدمير والتكفير.
هنا اتخذ السيسى قراره الاستراتيجى بفرض الحصار على الفكر المتطرف، والبدء فورا فى عملية قومية من أجل تجديد الخطاب الاجتماعى لتحصين الإنسان المصرى من الوقوع فريسة للفكر الهدام الذى يستغل احتياجه وعوزه، فقرر الرئيس على الفور البدء فى خطوات محددة تضمن تدفق الدولة حول مواطنيها أينما كانوا، فاتخذ من العطاء وسيلة مباشرة للتواصل بعدما أدرك أن الولاء عادة يكون لمن يلبى الحاجة.
السيسى القادم محمولا على شرعية ثورية فى الأساس أحاطت بها شعارات وعناوين براقة قادرة على مداعبة الجمهور، حسم أمره منذ البداية وقرر الارتكاز على شرعية الواقع والإنجاز، فرسم لنفسه خريطة عمل رئاسية حولت المطالب المرفوعة فى شعارات ثورية إلى استحقاقات دستورية مفروضة وواجبة النفاذ على من تصدى للمنصب الرئاسى.
لقد قرر السيسى مواجهة قدره والاتجاه مباشرة إلى تفاصيل حياة المصريين المملوءة بالآلام والتى طالما استغلت من أجل تزييف وعيه وتشويه أصل هويته الحضارية التى قامت على معانى ومظاهر البنيان.
سائرا فى طريق الآلام قرر السيسى إعادة صياغة العقد الاجتماعى بين المواطن المصرى ودولته، من خلال عملية اجتماعية نوعية لإعادة انتشار الدولة وتمركزها فى مساحات احتياج هذا المواطن التى تمركزت فيها جماعات الظلام والتخريب لسنوات فمارست أبشع أنواع الاحتلال المحلى لوعى المواطن البسيط، فحضر السيسى من أجل القضاء على عملية الاستعمار الاجتماعى التى حاصرت المصريين لعقود طويلة، وقرر تحويل كامل مساحة الدولة إلى جبهة للتحرير بالتعمير.
ومع بداية الولاية الثانية لرئاسته ألزم السيسى نفسه بذلك خلال خطاب التنصيب الثانى عندما تكلم بوضوح وتكرار وإصرار عن البدء فى خطوات بناء الإنسان المصرى عنوانا صريحا ومباشرا لفترته الرئاسية الثانية.
لكن السيسى الذى أدرك مسئولية الدولة ومسئوليته الشخصية والدستورية عن ذلك أراد أن تتم عملية البناء من خلال مبادرات قومية لإعادة ترميم السلام الاجتماعى الذى تعرض للتجريح لسنوات طويلة، فقرر أن يتحمل المواطن جزءا من مسئوليته الإنسانية تجاه المواطن الآخر، لإقرار نموذج عملى للتكافل الاجتماعى الواقعى حتما سيفرز نماذج إنسانية قادرة على العطاء لكنها كانت مفتقدة لمعرفة المسارات المؤسسية لهذا العطاء، فكانت كل الجهود المبذولة مشتتة لغياب آلية وصول ذلك العطاء لمستحقيه.
لقد جاءت مبادرة حياة كريمة من أجل تأسيس مظلة قومية قادرة على تجميع كافة الشباب المتطوع القادر على المساهمة فى إحداث تغيير حقيقى فى حياة من هم أكثر احتياجا.
واتخذت المبادرة شكلا مؤسسيا لتوحيد جهود العمل الخيرى والتنموى وأنشئت كمؤسسة خيرية بوزارة التضامن الاجتماعى، وانطلقت كدليل عملى على إيمان دولة ٣٠ يونيو بأهمية وحيوية دور المجتمع المدنى.
وبرعاية الدولة ولدت المؤسسة كيانا عملاقا بهدف معلن هو حفظ كرامة الإنسان المصرى من خلال تفعيل مسئولية مشتركة للمجتمع فى تنمية الإنسان وخلق فرصة حياة أفضل له.
حددت المبادرة أهدافها بدقة كذراع للدولة لتحقيق الالتزام الرئاسى ببناء الانسان المصرى وإحاطته بمظلة حماية اجتماعية شاملة تتصدى لمحاولات تسرب جماعات الظلام والاتجار فى البشر لمساحات عوز واحتياج المصريين مرة أخرى.
وأمام جموع المصريين أعلنت المبادرة أهدافها المتمثلة فى الالتزامات التالية:
- التصدى للفقر متعدد الأبعاد.
- تطوير البنية التحتية للقرى الأكثر احتياجا.
- توفير فرص العمل.
- توفير دخل ثابت من خلال المشروعات متناهية الصغر.
- تقديم المساعدات الإنسانية المباشرة.
- رعاية المواهب على مستوى المحافظات.
- تعليم ورعاية الأطفال الأيتام.
- تأهيل وتدريب ذوى الاحتياجات الخاصة.
- تدريب الشباب والمرأة المعيلة على حرف منتجة.
- حماية البيئة والحفاظ عليها.
أهداف محددة لبناء الإنسان المصرى واحياء قيم المشاركة المجتمعية.
عمليا قدمت مؤسسة حياة كريمة عدة مبادرات باعتبارها برهانا يقينيا على إرادة البناء والعطاء.
وتمثلت أبرز تلك المبادرات فى الآتى:
- مبادرة التصالح حياة.. من أجل تخفيف أعباء مخالفات التصالح فى البناء عن الفئات محدودة الدخل، لتقدم نموذجا ملهما فى الإصرار على التنفيذ الانسانى للقانون، تأكيدا أن ٣٠ يونيو هى دولة روح وعقل القانون.
- مبادرة رد الجميل لدعم الفئات الأكثر احتياجا فى جميع محافظات الجمهورية بتوفير احتياجاتهم الدوائية والغذائية مباشرة.
- مبادرة حماية لدعم المواطن فى مواجهة فيروس كورونا.
وفى خطواتها العملية الواحدة تلو الاخرى أثبتت مؤسسة حياة كريمة أن الانسان المصرى أصبح هدفا لهذه الدولة ورئيسها، ولم يعد أداة موسمية من أجل المزايدات الانتخابية المرحلية.
لم تكن أبدا مبادرة حياة كريمة بندا تنظيريا فى برنامج انتخابى يغازل الجمهور، بل ترجمة عملية لالتزام دستورى بحق المصريين فى الحياة التى يستحقونها.

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة