بيت العود العربي
بيت العود العربي


«بيت العود العربي».. تناغم روح الطرب الأصيل مع فن العمارة الإسلامية | صور  

نادية البنا

السبت، 13 فبراير 2021 - 03:06 م

ذكر علماء الحملة الفرنسية في كتاب «وصف مصر» أن بالقاهرة أكثر من 600 بيت قابل للدراسة، إلا أن الكثير من هذه البيوت اختفى لعدة أسباب، أبرزها تحديث المدينة وانخفاض عدد هذه البيوت ليصبح عام 1933 حوالي 70 بيتا.


وقل عددها إلى 29 بيتا فقط، عام 1970، ومنذ هذا الوقت بدأ اهتمام الدولة بترميم هذه البيوت القديمة لأهميتها التاريخية ومن أبرز هذه البيوت، منزل الحاج أحمد بن يوسف الصيرفي، المعروف بمنزل الهراوي نسبة إلى عبد الرحمن بك الهراوي بن الشيخ عمران بن سيد أحمد الهراوي آخر مالكي هذا المنزل، والذي كان يعمل بمدرسة الطب بالقصر العيني.

اقرأ أيضا| صاحب الـ«الستين قبة».. حكاية أقدم مسجد في بنجلادش

بيت الهراوي
يقع بيت الهراوي ضمن مجموعة فريدة من المنازل الإسلامية حيث يجاوره منزل وقف الست وسيلة، ويطل على منزل زينب خاتون بشارع محمد عبده بالأزهر وقد أنشأه أحمد بن يوسف الصيرفي في سنة 1731م. وينسب هذا المنزل إلى الطبيب عبد الرحمن باشا الهراوي، وهو آخر من آلت إليه ملكية هذا المنزل في سنة 1881م .

ويشتمل المنزل على واجهتين أحدهما الرئيسية من الناحية الجنوبية الغربية والأخرى من الناحية الشمالية الشرقية، أما الواجهتان الأخريان فاحداهما ملاصقة لمنزل الست وسيلة والأخرى ملاصقة لمبانى حديثة، والمدخل الرئيسي بالواجهة الجنوبية الغربية وللمنزل مدخل آخر من الواجهة الشمالية الشرقية ، ويتكون المنزل من طابقين، يشتمل الطابق الأول من الداخل على الممر وملحقاته التي تتمثل في الطاحونة والإسطبل وحاصل الغلال ودركاة المنزل البحري وفناء المنزل وقاعة المقعد الصيفي والسلاملك وسلم الحرملك وملحقاته وغرفة السرداب. 

أما الطابق الثاني فيشتمل على المندرة وسلم يؤدي إلى القاعة الرئيسية وممر، ويوجد بناء بارز نصل منه إلى الأدوار العلوية وبه حجرة انتظار ذو سقف خشبي تفتح على الخارج بفتحة مكشوفة.

وقد تم البدء في ترميم البيت عام 1986م بالتعاون بين المجلس الأعلى للآثار ووزارة الخارجية الفرنسية والمعهد العلمي الفرنسي للآثار الشرقية بالقاهرة حيث اكتملت عملية الترميم عام 1993م، وصدر قرار وزاري بتحويله إلى مركز إبداع فني تابع للصندوق عام 1996 ومنذ ذلك التاريخ اصبح البيت مزاراً أثرياً وفنياً في نفس الوقت وانطلقت منه عدة احتفاليات ثقافية وفنية .

بيت العود العربي

احتضن بيت الهراوى بيت العود العربى والذى أسسه الفنان العراقى نصير شمه عام 1998 ليكون أول مركز متخصص وشامل لدراسة كل ما يتعلق بآلة العود فى العالم.

وأضحى بيت الهراوي يعرف اليوم أيضا باسم «بيت العود العربي»، إذ تحوّل إلى مركز للحفاظ على فنون العود، وقبلة يقصدها الراغبون في تعلّم العزف على الآلة العربية العريقة.

ويمكن لزائري البيت، إذا دخلوا إلى فنائه المكشوف، أن يستمتعوا ليس بفن العمارة الإسلاميّة فحسب وإنّما أيضا بمهارة أحد عازفي بيت العود العربي الذي أسّسه ويشرف عليه الموسيقار العراقي نصير شمه، وهو بذاته يجول أمام الزائرين، بعد أن تحوّل البيت إلى مقرّ لاستضافة هذه المؤسّسة التعليمية العربية التي اتخذت من حي الأزهر مقاما لها من نوع جديد.

يقول الدكتور منتصر شريف، خبير الآثار الإسلامية، إن بيت الهراوي سيظلّ أحد أهم المعالم الإسلامية في مصر القديمة، وخاصة في منطقة الدرب الأحمر، التي تحتوي على العديد من الأماكن والآثار الإسلامية القديمة، مثل بيت الست وسيلة الذي بني في القرن الـ17، ومنزل زينب خاتون، وغيرهما من الأماكن التاريخية.

ويشير شريف إلى أنه في الطابق الأول يطغى اللون الأزرق على الزخارف الهندسية التي يزخر بها هذا المنزل العريق، ممّا يعطي مزيجا فنيا مدهشا، وخاصّة سقف القاعة الذي يعتبر متفردا في أسلوب البناء والزينة.

من جانبه، يشير محمود نبيل، خبير الآثار والعمارة الإسلامية، إلى أن المنزل يتكوّن من ثلاثة طوابق، المدخل الأصلي للمبنى من الجنوب يضم ممرا وزقاقا ومندرة، كما يضم الطابق الأول المطابخ والمباني الملحقة ومساحات التخزين، ويحتوي الطابق الثاني على غرف تقليدية جميلة تتمتّع بزخارف نباتية وجدران مليئة بالملصقات باللون الأزرق.

ويذكر نبيل أن واجهة الغرب تتكوّن من حجر منحوت، منذ القرن الثامن عشر، وإلى الجانب الأيمن توجد نوافذ مقوّسة ترجع إلى القرن الـتاسع عشر، وتم وضعها عندما أُضيف المدخل الشمالي الجديد إلى البيت.

ويقول إن بيت الهراوي أصبح مكانا شعبيا يتم استخدامه كمكان لإقامة حفلات الزفاف والمناسبات، كما يسمى بيت العود العربي، نظرا إلى وجود فرقة العود التي تقدّم للجمهور حفلات موسيقيّة تراثيّة بشكل منتظم، وخاصة في شهر رمضان.

روح الطرب الأصيل

والواضح أنّ السهرات الموسيقية التراثية قد أعادت روح الطرب الأصيل إلى هذا البيت التاريخي، وأصبحت جزءا منه، بل ونجحت في تعريف الجمهور بروائع العمارة الإسلاميّة التي شيّد بها، فقد استعاد البيت مكانته في احتضان العديد من المواهب في القاهرة القديمة، وأضحى وسيلة ذات فعالية في الحفاظ على الطرب الأصيل.

ويعدّ الفرنسيون الأكثر ارتيادا لمقام هذا البيت، فهم يعرفونه تماما، ويعود ذلك إلى أنّ مالكه الأخير عبدالرحمن بك الهراوي سافر إلى فرنسا في بعثة مصرية طلبا للعلم، وعند عودته استضاف عددا من الفرنسيين، حتى أصبحت تلك الزيارات عادة جارية.

وعلى الطراز الذي تعرف به العمارة الإسلامية، يضم البيت فناء مكشوفا يتميّز بأنّه يؤدي إلى مداخل البيت المختلفة، حيث تظهر صالونات الجناحين الشرقي والجنوبي، غير أنّ ملحقات البيت من مطابخ ومنافع توجد في نواح قصية من فناء البيت الذي يضم في أقاصيه الغربية طاحونة تدور بطحن الغلال، فضلا عن إسطبل تودع به الخيول الأصيلة.

وتعدّ المندرة من المناطق الجاذبة للجمهور داخل بيت الهراوي، وهي عبارة عن قاعة فسيحة لاستقبال الضيوف والجلوس في الطابق الأرضي الذي يحتل كل الجناح الشرقي من البيت، وتتكوّن المندرة من ثلاث قاعات، ويتوسّط مدخلها نافورة مزخرفة بقطع الفسيفساء تشد الزائرين بجمال أرضيّتها وبدقة تصميمها الهندسي المصنوع من الرخام ذي الألوان الهادئة. ويحيط بالنافورة إيوانان أحدهما مرتفع وقد خصّص لجلوس نساء البيت به بعيدا عن الأعين المتلصّصة.

وللإشارة فإنّ النافورة كانت تعدّ عنصرا أساسيا في مثل تلك القصور الإسلامية الفسيحة لعدّة أسباب يأتي في مقدمتها منع التجسّس الذي كان شائعا في تلك الفترة، فقد كان يعتقد أن النافورة كفيلة بمنع التلصّص لما يدور من أحاديث داخل البيت بفضل ما يحدثه خرير المياه من ضجة. كما للنافورة وظيفة أخرى مطلوبة في تصميم العمارة الإسلاميّة، فهي تستعمل كطريقة طبيعية لتبريد الهواء خلال أيّام الصيف الحارة.
 

 

 

 

 

 

 

 

 

بيت العود العربي

بيت العود العربي

بيت العود العربي

بيت العود العربي

بيت العود العربي

بيت العود العربي

بيت العود العربي

بيت العود العربي

بيت العود العربي

بيت العود العربي

بيت العود العربي

بيت العود العربي

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة