كرم جبر
كرم جبر


إنها مصر

الوعى وحماية «حياة كريمة»

كرم جبر

السبت، 13 فبراير 2021 - 08:17 م

والدول المتعافية يحميها شعب مستنير لديه درجات عالية من الوعى، شعب يبنى ولا يهدم، يحافظ ولا يفرط، يثق ولا يشكك، ويؤمن بأن مستقبله سيكون أفضل، وأن الأمانة حين تتسلمها الأجيال القادمة، ستكون فى الحفظ والصون.

والمطلوب إطلاق أقصى درجات الوعى مع انطلاق مبادرة "حياة كريمة" فى الريف المصري، لأن القرى المتهالكة تحتاج سكاناً يحافظون عليها بعد تطويرها، ولا يسمحون بعودة العشوائيات مرة أخرى.

قد نلتمس عذراً لسكان العشوائيات لعدم توافر مسكن مناسب فى سنوات سابقة، ولكن لن تكون هذه الحجة قائمة بعد تطوير الريف، وفى ظل بناء أكثر من مليون وحدة سكنية لسكان المناطق الخطرة، تضارع أرقى الأحياء والشوارع والملاعب والمساجد والكنائس والأسواق، وغيرها من مستلزمات الحياة الآدمية النظيفة.

هل يعقل أن تكون المقابر المحيطة بالقاهرة والمدن أماكن للسكنى، وفيها مياه وكهرباء وصرف صحى وورش سمكرة ونجارة وبقالة وكل أنواع الأنشطة، وهى فى الأصل مخصصة لدفن الموتى وليس لسكن الأحياء؟.

هذه هى الصورة القاتمة التى يبذل الرئيس قصارى جهده للتخلص منها، حتى لا يسخر منا البعض بمشكلة "سكان المقابر".

قال الرئيس أن فى مقدور الدولة أن تقدم شقة لكل من يطلب وأن تبنى مليون وحدة سكنية سنوياً، ووصلت قدرة البلاد فى البناء والتشييد أقصى درجاتها، وفى استطاعتها أن تلبى احتياجات مختلف الفئات للحصول على مسكن، وبأسعار التكلفة الحقيقية، وفى وقت محدد، ولم يعد هناك مبرر للتعدى على الأراضى الزراعية وتحويلها إلى عشوائيات صعبة الرؤية.

ولكن لو استمرت التعديات بنفس المعدلات الكبيرة التى تحدث الآن، فسوف نهدم ما بنيناه، ويأتى يوم لن تجد فيه مساحة خضراء فى القرى والأرياف وتعود العشوائيات، وتتحول تدريجياً إلى ما يشبه علب الصفيح.

كل المصائب تأتى من العشوائيات، والقضاء عليها لا يجمِّل وجه الحياة فقط، وإنما يحمى الناس من الأمراض العشوائية الخطيرة، وفى صدارتها الجرائم الأخلاقية والمخدرات والسرقة، ففى بعض الأحياء العشوائية الشهيرة، من المستحيل أن تدخلها سيارة مطافئ أو إسعاف، وتتراص المساكن بجوار بعضها مثل علب الكبريت، وكأن الجار يسكن فى شقة جاره.

الدولة ليست بلدوزر لا يعرف الرحمة، ولكنها تبنى قبل أن تهدم، وتحمى وهى تنفذ القانون، وتنقذ البلاد والناس من ويلات العشوائية التى نمت وترعرعت وأصبحت شوكة فى ظهر المستقبل.

التصدى للعشوائيات يجب أن يكون مسئولية المصريين جميعاً، حتى لا يعود يوم لا تجد فيه مكاناً تدخله شمس أو هواء.

[email protected]

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة