الطفل أيمن
الطفل أيمن


«فراقٌ» تنهيه رحلة قطار.. تاه من أمه طفلا والقدر يجمعهما بعد 20 عامًا |صور

حمدي علي

الأحد، 14 فبراير 2021 - 07:01 م

«وَقَد يَجمَعِ اللَهُ الشَتيتَينِ بَعدَ ما يَظُنّانِ كُلَّ الظَنِّ أَلّا تَلاقِيا».. قد ينطبق هذا البيت للشاعر قيس بن الملوح، على « قصةٍ أغرب من الخيال» حدثت بين محافظة الجيزة وإحدى قرى صعيد مصر.

 

أم لجميع أبناء القرية


لم يرزق الله  السيدة كريمة حسن عبد القوي، التي تقيم في قرية الميمون ببني سويف، أطفالا لكن الجميع صاروا ينادونها بـ«ماما كريمة» بعد أن أصبحت أمًا لكل أبناء أشقائها وأطفال زوجها بل وجميع أبناء قريتها.

 

البداية

وفي عمر ثلاث سنوات، خرج الطفل وراء أمه، التي كانت تخرج بدورها مبكرًا لبيع الخضروات، ابتلعت الشوارع الطفل الصغير، وضاع وسط جموع البشر، حتى وصل إلى قرية الميمون بمركز الواسطي في محافظة بني سويف جنوبي مصر، التي تبعد عن قريته الأم حوالي 43 كم.

قبل أكثر من 20 عامًا، عثرت السيدة كريمة حسن عبد القوي في قرية الميمون مركز الواسطى شمال بني سويف، على أحد الأطفال وكان عمره آنذاك 3 سنوات وذلك بعد أن فقدته أسرته قرب أحد محلات بيع الطعمية في الجيزة، فالفتت الأم يمينًا ويسارًا حتى أصابتها الفاجعة بعد رحلة بحث شاقة، لكن دون جدوى.

 

الأمومة

أكرمت «ماما كريمة» مثوى هذا الطفل وأحسنت تربيته وأدخلته المدرسة كأنها فلذة كبدها، ومرت السنون سريعًا حتى نضج الشاب وبلغ من العمر 23 عامًا، فالأم ليست التي ولدت فقط لكن مصطلح الأمومة قد يطلق على من ربى وتعب حتى يصير الطفل شابًا كما فعلت تلك السيدة «الإنسانة».

 

تقول «ماما كريمة» ، لـ«بوابة أخبار اليوم»: «عثرت علي الطفل أيمن في عمر ثلاث سنوات على كوبري قريتي الميمون بمركز الواسطى منذ قرابة 20 عاما تقريبا وتغيب الطفل عن أسرته بقرية اللشت التابعة لمركز العياط بمحافظة الجيزة وقال لي ان اسمه عبده جمعة عبده».
 

نعم الأب والأم

تلقفته الأيدي الرحيمة، وأسكنه العم حسن البرقيعي، بيته وعامله كابنه تمامًا، لكنه أخبر الطفل الحقيقة كاملة، وسماه "أيمن عزت السلطان" في الأوراق الرسمية.

وتابعت «ماما كريمة»: «أحضرت الطفل إلى منزلي، وقمت أنا وزوجي بتربيته ولم نبخل عليه أبدا وأحسنا تربيته فقد كنت أما له وزوجي كان نعم الأب لم يشعره يوما أنه ليس ابن لنا».

الصدفة.. كلمة السر

شاءت إرادة الله أن تجمع الصدفة البحتة، أيمن بأسرته الحقيقية، وتسرد ماما كريمة لـ«بوابة أخبار اليوم» تفاصيل تلك اللحظات قائلة: «كانت إحدى جيراننا تستقل قطارًا وتصادف سؤال أحد الأشخاص من قرية أيمن الأصلية على طفل متغيب، فقامت بعرض موضوع أيمن، وبالفعل توجه  هذا الشخص إلى أسرته وأبلغهم وحضروا إلينا».

 

الفراق

حانت أصعب لحظة على أي بشر «الفراق»، ورغم البعد المكاني بين بني سويف والجيزة، إلا أن الله شاء أن يلتقي الطفل مع أسرته التي فقدها قبل نحو 20 عاما، فتعرفت عليه أسرته الأصلية التي تقيم في إحدى قرى مركز العياط بمحافظة الجيزة رغم أن الطفل تربى وعاش في بني سويف.

 

قلب الأم

بنبرة يكسوها الحزن الممزوج بالأمل قالت «ماما كريمة»: «فور دخول والدته إلى منزلنا ورؤيتها أيمن، قالت ده ابني.. قلبي حس بيه، وبعد إجراء الفحوصات الطبية وتحاليل "دي إن إيه" تبين أنه ابنهم الغائب واسمة الحقيقي عبده جمعة عبده».

 

أمنية ماما كريمة


وواصلت ماما كريمة حديثها قائلة: «في أول يوم توجهت به إلى أسرته في قرية اللشت بمركز العياط، ووصلته بنفسي وطلبوا أن يبيت معهم وبالفعل تركته مع أسرته الحقيقية، وطلبت من والد أيمن ووالدته الإبقاء على اسمه الذي عرفه به الجميع "أيمن" مع تغيير باقي الاسم بمعنى أن يحمل اسمه واسم والده الحقيقي».

 

ماما كريمة: ناس بتعزيني وناس بتهنيني

تقول السيدة كريمة حسن عبد القوي، لـ«بوابة أخبار اليوم»: «ربيت الطفل كأنه ابني بدافع الأمومة، وعلى الرغم من سعادتي بعودة أيمن لأهله وأسرته إلا أنني أشعر بنوع من الحزن لمفارقته فقد تعودت عليه وصار كابن لي عاش معي ما يقرب من 17 عاًما منذ أن كان طفلا حتى صار شابًا يافعًا».

 

وأضافت: «أنا فرحانة ومبسوطة إن أيمن عثر على أهله.. الناس مفكراني زعلانة بالعكس أنا فرحانة ونفسي ميكونش نفسه مكسورة أمام أي أحد عشان محدش كان عارف أسرته.. والله في ناس بتعزيني عشان هيسبني وناس بتهنيني عشان عثر على أسرته».

 

إجراءات روتينية


بدأت أسرة عبده جمعة، في إجراءات استعادة ابنهم  في الدفاتر الرسمية، فتوجهوا إلى مركز شرطة الواسطى، وتمت الإجراءات، ليعود أيمن إلى أسرته بعد 17 عامًا من الفراق.

 

وتفاعل رواد مواقع التواصل الاجتماعي، الجمعة، مع مقاطع فيديو لأهل قرية اللشت بمحافظة الجيزة جنوبي العاصمة المصرية القاهرة، وهم يحتفلون فيها بعودة أيمن عزت السلطان إلى أهله، بعدما فقدته أسرته منذ 20 عامًا.

 

فرحة الأب الحقيقي

والد أيمن، عيد عبد المجيد، المعروف في قريته باسم جمعة، يعمل مؤذنا بمسجد القرية، قال باكيًا في مقطع فيديو أثناء احتفال أهل القرية بعودة الابن: "الحمد لله ربنا كرمني، ابني خرج عنده 3 سنين ورجع عنده 23 سنة، الحمد لله يا رب".

 

الاسم الجديد لأيمن

ويقول إسلام جمعة شقيق الشاب العائد لأهله، في تصريحات صحفية، إن أسرته تنهي في نيابة بني سويف، إجراءات تغيير اسم شقيقه، من أيمن عزت السلطان، إلى عبد الفتاح عيد عبد المجيد، وهو اسمه الأصلي الذي منحته له أسرته منذ أكثر من 20 عامًا، لافتًا إلى أن الأسرة ستظل تناديه بأيمن حفاظًا على مشاعره.

 

تكريم «الإنسانة» في بني سويف

 

من جانبه عبر الدكتور محمد هاني غنيم محافظ بني سويف، عن تقديره الكبير  للعمل الإنساني الكبير  الذي  قامت به السيدة كريمة حسن عبد القوي.

وقال المحافظ خلال اتصال هاتفي بالسيدة كريمة، إنها ضربت بذلك الصنيع أروع الأمثلة في العطاء والاحتساب لوجه لله، مشيرا إلى أنه سيجري تكريمها ضمن الأمهات المثاليات اللائي يمثلن القدوة الحسنة لكل أبناء مصر ونموذجا يحتذي به في التضحية والعطاء وعمل الخير، مؤكدا لها أن مكتبه دائما مفتوح في أي وقت.

ووجه المحافظ بتشكيل وفد من الوحدة المحلية لمركز ومدينة الواسطى لزيارة الأسرة للاطمئنان على أحوال الأم المثالية التي قام بتربية الطفل حتى أضحى شابا، وبحث كافة مطالبها.

 

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 

 
 
 
 
 

مشاركة