نوال مصطفى
نوال مصطفى


حبر على ورق

عيد ميلاد الراديو

نوال مصطفى

الأربعاء، 17 فبراير 2021 - 07:27 م

مثلما أحب الأفلام والكتب، أعشق الراديو مهما ظهر من اختراعات، أو تعددت وسائل الإعلام، أو مواقع التواصل الاجتماعي. أعتبر دائما أن الراديو هو صديقى المقرب، الذى يبثنى الدفء، والونس. تصحبنى برامجه ومحطاته المختلفة فى معظم أوقات يومى. الصباح الباكر إذاعة الأغانى وقيثارة السماء فيروز، أثناء ساعات العمل البرنامج الموسيقى رفيقى الدائم حيث استمع أحيانا إلى الموسيقى الكلاسيك، وأحيانا الموسيقى الخفيفة، كذلك الموسيقى العربية والموشحات والطقاطيق، والأغانى التراثية.
أثناء القراءة أفضل البيانو أو الموسيقى الخفيفة، حتى أثناء قيامى بتمرينات الاسترخاء والتنفس يسعفنى اليوتيوب ويقدم لى الموسيقى الخاصة بذلك، ثم تأتى أوقات الليل والحاجة إلى الاستمتاع إلى الطرب الأصيل وهنا تهدينى إذاعة الأغانى أجمل الأغنيات لأم كلثوم، عبد الوهاب، عبد الحليم، فريد الأطرش، ليلى مراد، شادية، صباح، أسمهان، عفاف راضى، محمد فوزى، عبد العزيز محمود، كارم محمود، محمد عبد المطلب. أما إذاعة القرآن الكريم فهى من الإذاعات التى تجلى روحى وأذنى بتلاوات متعددة للقرآن الكريم تصدح بها أصوات نجوم التلاوة رحمهم الله الشيخ الحصرى، عبد الباسط عبد الصمد، محمد رفعت، محمد صديق المنشاوى وآخرين.
برامج الإذاعة التى صارت علامات مميزة محفورة فى ذاكرة المصريين، وكان لها دور مهم فى التوعية والارتقاء بالذوق العام واكتشاف المواهب. أذكر منها على سبيل المثال : «كلمتين وبس» الوجبة الصباحية الشهية المليئة ببهارات السخرية والنقد البناء واللغة السهلة العميقة، كان يقدمه الأستاذ العابر للأجيال فؤاد المهندس، ويكتبه الكاتب القدير أحمد بهجت. «ربات البيوت» البرنامج الذى دخل كل بيت فى مصر، وقدم المعلومة، والثقافة فى محتوى مدروس يفيد الأم، الأب، والأولاد تقدمه الإعلامية الكبيرة صفية المهندس. «أبله فضيلة» تقديم فضيلة توفيق، وكان أجمل برنامج للأطفال يستمتع به الكبار أيضا. «لغتنا الجميلة» تقديم الشاعر القدير فاروق شوشة حيث كنا نستمع إلى أجمل القصائد بأداء رائع، ولغة محكمة جميلة. برنامج المسابقات الذى كان يقدمه على فايق زغلول. ولا يمكن أن ننسى برنامج «تسالى» الذى تقدمه إيناس جوهر بكل ما فيه من خفة ورشاقة فى المحتوى والأداء. أما «على الناصية» فكان البرنامج الذى ينتظره الملايين كل يوم جمعة، بعدما اكتسبت مقدمته الإذاعية القديرة آمال فهمى شعبية كاسحة بانفراداتها الإذاعية، وجرأتها فى اقتحام القضايا الاجتماعية الشائكة.
مسلسلات الإذاعة خاصة التى كانت تقدمها إذاعة الشرق الأوسط فى الخامسة والربع مساء كل يوم كانت تحظى بمتابعة هائلة، خاصة إنها قدمت دراما إذاعية مأخوذة عن روايات كبار الأدباء ومنهم إحسان عبد القدوس، يوسف السباعى، أسامة أنور عكاشة، وعبد السلام العصرة، وطاهر أبو فاشا، وآخرين. المسلسل الإذاعى ممتع، يتيح لخيال المستمع أن يتخيل شكل الشخصية، وحركتها، ومشاعرها سواء كانت فرحا، حزنا. غضبا، غيرة. الخيال يعمل كثيرا، ويحرك حواسنا وأولها حاسة السمع، ثم الرؤية المتخيلة التى تفجر أحاسيسنا مع الأحداث.
ارتبط الراديو بالتكنولوجيا الجديدة وجدد نفسه مع الزمن، فأصبح متاحا فى كل زمان ومكان وفقا لترددات البث التى يحملها المستمع على جهاز الموبيل أو اللاب توب. كذلك تطور المحتوى ليناسب العصر الحالى، وأصبح لدينا سبع محطات خاصة إف إم. إلى جانب ثمانى محطات حكومية. ولا يزال الراديو مستمرا، يجدد نفسه مع الزمن.
ويبدو أننى لست وحدى الغارقة فى عشق الراديو، فقد أعلنت الدول الأعضاء فى اليونسكو اليوم العالمى للإذاعة فى عام 2011 ثم اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة فى عام 2012 بوصفه يوماً دولياً يُحتفل به فى 13 فبراير من كل عام.
بدأ بث الإذاعة المصرية يوم 31 مايو عام 1934 بالجملة الشهيرة «هنا القاهرة» وتعتبر من أقدم الإذاعات فى العالم، كما تمثل أرشيفاً وتجسيداً هائلاً للتاريخ المصرى الحديث ورافداً مهماً فى تشكيل الوجدان المصرى والعربي.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة