الفنان الراحل عبدالفتاح القصري خلال عمله كصحفي - أرشيف أخبار اليوم
الفنان الراحل عبدالفتاح القصري خلال عمله كصحفي - أرشيف أخبار اليوم


بعيدا عن التمثيل.. عبدالفتاح القصري صحفي «خرب الدنيا»| صور

علاء عبدالعظيم

الجمعة، 19 فبراير 2021 - 08:21 م

لا تزال حياة الفنان الراحل عبدالفتاح القصري توزع النكات والمواقف الساخرة رغم مرور سنوات طويلة على رحيله، وهذه المرة بقصة واقعية من حياته بعيدا عن التمثيل.

 

«إنني سوف أغير من اتجاهات الصحافة، وسيسجل لي التاريخ أن التحاقي بمجلة الفن، وعملي محررا فيها سيكون بلا منازع، ونقطة تحول في عالمها».. كلمات بدأ القصري حديثه، وقبل أن يجلس لأول مرة إلى مكتبه بمجلة الفن.

 

وقعت المفاجأة فوق رؤوس المحررين عندما فوجئوا برئيس التحرير يقوم بتقديم القصري لهم كزميل جديد، بالرغم من أن الجميع يعرفه كممثل، لكن كونه صحفي  فهذا ما لم يكن يعرفونه.

 

بالفعل تقدم عبدالفتاح القصري للعمل بالمجلة لفترة أسبوع كامل، وهو ما أحدث ضجة، انتهت بالاستغناء عنه، وهي القصة التي نشرتها مجلة الفن بالفعل مرفقة بالصور عام 1954.

 

اقرأ أيضًا| علقة ساخنة لعبدالفتاح القصري داخل الترام

 

ففي أول يوم عمل له بمجلة الفن، طلب منه رئيس التحرير كتابة «ريبورتاج» لكنه ظل يكتبه ٣ أيام، واستنفذ خلالها كمية كبيرة جدا من الورق، وكلما تصادف ودق جرس التليفون وهو منهمك في الكتابة يصيح بصوت عال..  بطريقته المعهودة قائلا: «يا عالم..  يا هوه.. شوية هدوء.. أنا عايز أكتب، وبعد أن انتهى من الكتابة تقدم لرئيس التحرير، والذي ما إن أطلع على كتاباته سأله: إيه ده يا أستاذ؟

 

فرد القصري قائلا: ريبورتاج

 

طيب فين الصور؟

 

وبسذاجة غير مسبوقة.. أجاب القصري.. صور إيه؟! .. هو أنا بشتغل مصوراتي، ولا محرر، على العموم انشر الكلام العدد ده، والعدد الجاي أنشر فيه الصور، مما أثار دهشة رئيس التحرير.

 

توجه القصري إلى مكتبه، وظل جالسا لا يبرح مكانه، كي يبحث عن أخبار جديدة طلبها منه، ترمقه نظرات زملاءه يتساءلون كيف لمحرر لم يقم من مكتبه للبحث عن أخبار، وبعد دقائق انتبه القصري لصوت سكرتير التحرير صارخا كما يصرخ طرزان في حيوانات الغابة، يسأله أين الأخبار يا أستاذ.

 

هنا تذكر القصري أن موعد تقديم الأخبار قد أزف، ولم يتمكن من كتابة خبر واحد، فصمت قليلا ولم يرد، أهداه تفكيره العميق، أو العبقرية على حد تعبيره إلى طريقة حديثة يحصل بها على الأخبار، وبهدوء شديد، امتدت يده ببطء، وأخذت تتسلل في حذر حتى وصلت أخيرا إلى درج مكتب زميل مجاور له، وفي غفلة من المحرر، تمكن من سرقة كمية من الأوراق، ولما قرأها وجد فيها بغيته.

 

وبخطوات الواثق من نفسه، وكلها زهو وغرور، توجه إلى مكتب سكرتير التحرير، وبحركة تمثيلية قال له،  نابليون معرفش يفتح عكا، وهتلر لم يتمكن من هزيمة الحلفاء، أما حاسوبك وأشار بأصابعه إلى نفسه، عمل أحسن من كدة، ووضع أمامه الأوراق، ويطالبه بعلاوة، وأنه يستحق أن يشيدوا له تمثالا في المجلة اعترافا، وتقديرا لجهوده.. وانهى كلامه آااااه.


وما إن أمسك سكرتير التحرير بالأوراق، وما قدمه من أخبار، اكتشف بأن هذه الأخبار تم نشرها من قبل، وبعصبية ألقاها في وجه القصري، وسأله القصري وهو مشدوها، إيه ده يا أستاذ، وأوضح له أن المحرر الذي قمت بسرقة الأوراق من مكتبه، تركه يأخذها ليرى ماذا سيفعل بها.

 

وفي اليوم التالي فتح كل محرر درج مكتبه ليجد بداخله دعوة موجهة من القصري لحضور اجتماع سيترأسه هو للنظر في بعض الشئون الهامة التي تهم المحررين، وما إن جاء موعد الاجتماع حتى وقف القصري ليخطب قائلا: 

 

صلوا على النبي، تعلمون حضراتكم أن مهنة الصحافة أساسها الحرية المطلقة، ولكن سكرتير التحرير في عين اللي ما يصلي على النبي بره وبعيد، يعمل دائما على شكل مقالاتنا ومواضيعنا، مرة يقول فين الصور ومرة، هي دي أخبار.

 

أنا شايف إن سكرتير التحرير ده مش صحفي، ومتعنت، والحل إننا نعطي له إجازة هو ورئيس التحرير بحجة إننا مشفقون عليهما من كثرة العمل، وسيخلو لنا الجو، ونحرر المجلة كما نريد، ونعمل موضوعات ينتظر أن تحدث بعد سنتين، وهي دي الجدعنة والسوابق الصحفية، علت وجوه المحررين الدهشة مما يقوله لهم القصري، والذي صرخ فيهم قائلا: مبتردوش ليه ياكروديات؟

 

وفجأة يسمع القصري بصوت يأتي من خلفه يقول: اقتراحات معقولة جدا، ارتبك القصري، وتلعثمت الكلمات بين شفتيه، وغلبت عليه نزعته كممثل، وقال مستعطفا لسكرتير التحرير: أنا كنت بهزر.. هو أنت صدقت.

 

وبعد دقائق عاد سكرتير التحرير يحمل بين يديه عدد من الأوراق هي كل ما كتبه القصري إليه، وردد قائلا: يا أستاذ عبد الفتاح، وتقديرا لأفكارك، ومقترحاتك الجديدة، سنمنحك هدية متواضعة، وهي إجازة إلى أجل غير مسمى، فما كان من القصري إلا أن قال لزملاءه، شايفين التقدير، وترك المجلة بلا عودة، ومعه ضجة أسبوع كامل قضاها مع المحررين، بينما ردد سكرتير التحرير وبحسب وصفه وبابتسامة تعلو وجهه، قائلا: الأستاذ القصري خرب الدنيا، ولا أراكم الله زميلا جديدا مثل عبدالفتاح القصري في مجلة لديكم.

رحلة خاصة لعبدالفتاح القصري في مجال الصحاقة

رحلة خاصة لعبدالفتاح القصري في مجال الصحاقة

رحلة خاصة لعبدالفتاح القصري في مجال الصحاقة

رحلة خاصة لعبدالفتاح القصري في مجال الصحاقة

رحلة خاصة لعبدالفتاح القصري في مجال الصحاقة

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة