جلال عارف
جلال عارف


فى الصميم

«كورونا».. والجامعة العربية

جلال عارف

الجمعة، 19 فبراير 2021 - 08:26 م

لم يعد ممكناً للعالم أن يتجاهل الحقيقة الصادمة وهى أن بضع عشرة دولة تحتكر ما يقرب من 80٪ من الإنتاج العالمى للقاحات ضد وباء كورونا بينما بقية دول العالم تبحث عن القليل لتبدأ عملية التلقيح أو تقف فى طابور الانتظار حتى يقرر الأثرياء أنهم قد اكتفوا!!.

يحدث ذلك رغم كل تحذيرات الخبراء ونداءات منظمة الصحة العالمية بأن أحداً لن ينجو وحده وأن "التلقيح" لن يؤتى ثماره إلا إذا شمل دول العالم كلها وأن الاستمرار فى الوضع الحالى ليس له من نتيجة إلا ظهور سلالات من "كورونا" أشد شراسة لن تكون الدول التى تمتلك المال أو النفوذ بعيدة عنها مهما تكدست جرعات اللقاح فى مخازنها لأنها استحوذت على أضعاف احتياجاتها الفعلية!!.

القضية فرضت نفسهاعلى "أجندة" المنظمات الدولية.. ومجلس الأمن أطلق دعوة لتنسيق الجهود العالمية والأمين العام للأمم المتحدة طالب بخطة عالمية للتلقيح ضد الوباء.. ومنظمة الصحة نفسها أعلنت عن بداية قريبة لتوزيع مليارى جرعة من اللقاحات على الدول الفقيرة حتى نهاية العام، ومنظمة التجارة العالمية أبدت استعدادها للمساعدة مع بداية عهد مديرتها الإفريقية الجديدة.

فى عالمنا العربى سوف نجد انعكاساً للأوضاع الدولية وسوف نجد دولاً قليلة وفرت احتياجاتها ودولاً أخرى تواصل العمل لإنجاز المهمة بينما يبدو الوضع سيئاً فى دول عديدة ليس فقط بسبب الإمكانيات وإنما أيضاً بسبب الظروف الصعبة التى تمر بها فى ظل حروب أهلية وعدوان خارجى ودمار للدولة ومؤسساتها ومع إرهاب لا يعرف ديناً أو وطنا واحتلال عنصرى رأيناه يضع العقبات حتى لا تصل بضعة آلاف من جرعات اللقاح إلى أشقائنا فى فلسطين.

لا يملك الإنسان إلا الألم والحسرة على فرص ضاعت وأوضاع علينا − رغم كل شىء − تجاوزها أتوقف أمام سؤال افتراضى: هل كان يمكن للعرب أن يواجهوا الوباء بصورة جماعية كما حدث فى أوروبا التى أدارت الأزمة من خلال "الاتحاد الأوروبى" ووفرت لدولها ما تحتاجه من لقاحات، وخاضت معارك من أجل ذلك وفرضت شروطها على الأطراف الأخرى من الشركات الكبرى والدول المنتجة؟!

ما يشجع على طرح السؤال هو ما سمعناه من السفير أحمد أبوالغيط أمين الجامعة العربية من أن الاجتماع الأخير لمجلس الجامعة العربية شهد أجواء إيجابية لم تكن موجودة طوال السنوات الماضية.. وما ينبغى أن تكون الأطراف العربية قد تعلمته من تجارب الماضى القريب التى تحول فيها البعض لأدوات فى حروب "الآخرين" أو إلى داعمين لفرق الإرهاب أو إلى متوهمين أن الأمان يمكن أن يأتى بالتحالف مع أطراف غير عربية تسعى لمد النفوذ ونهب الثروات دون أن توفر أمناً أو تساهم فى استقرار لا يقوم إلا بالقوة الذاتية التى تحمى الحقوق وتبنى السلام الحقيقى.

هل آن الأوان لتصحيح الأخطاء؟ وهل يمكن أن نقول للمواطن العربى أننا جادون فى البحث عن بداية جديدة للعمل العربى المشترك؟ وهل يمكن أن يتم توفير اللقاح ضد كورونا لكل المواطنين العرب من خلال عمل عربى مشترك وعاجل تحت مظلة الجامعة العربية هو الخطوة الأولى على طريق طويل لتصحيح أخطاء الماضى.. أم أن أقصى أمانينا ستظل أن تسدد الدول الأعضاء ما تأخرت "أو امتنعت!" عن سداده من التزاماتها المالية فى ميزانية الجامعة لكى تظل فقط على قيد الحياة؟!

ربما لو بدأنا بعمل عربى مشترك ضد فيروس "كورونا" فإننا سوف ندرك أنه لا مفر من هذا الطريق لمواجهة كل "الفيروسات" التى تهاجم العالم العربى.. بدءاً من الإرهاب وحتى حروب القبائل أو الحروب بالوكالة، وانطلاقاً من إدراك كامل بأن القوة العربية وحدها هى القادرة على حماية الأمن العربى، وهى وحدها القادرة على تحصين العرب من كل "الفيروسات" التى اخترقت جهاز المناعة العربية أو التى تتربص به.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة