د. محمود مهنى /  صبرى عبادة /  د. أسامة فخرى /  د.عبدالفتاح عبدالقادر /  فاطمة موسى
د. محمود مهنى / صبرى عبادة / د. أسامة فخرى / د.عبدالفتاح عبدالقادر / فاطمة موسى


الإسلام لا يشجع الكثرة الضعيفة

أزهريون : تنظيم النسل.. ضرورة دينية

زكريا عبدالجواد

الجمعة، 19 فبراير 2021 - 09:10 م

 تعد الزيادة السكانية أحد أهم عوامل الهدم الرئيسة لمعدلات التنمية المنشودة، ويرفض كثيرون تنظيم الأسرة مستندين إلى موروثات اجتماعية سلبية توارثتها الأجيال تشجع على زيادة النسل حتى باتت وتيرتها أسرع بكثير من كل المشاريع التنموية التى تقوم بها الدولة.

وبات السؤال مُلِحًا: كيف يمكن مقاومة هذه الموروثات الخاطئة؟ 

 ويقول د. محمود مهنى أستاذ الشريعة الإسلامية وعضو هيئة كبار العلماء، إن مواجهة الموروثات الاجتماعية المشجعة على زيادة النسل يتطلب تكاتف جهود عدة جهات مثل المنابر الإعلامية بالتوازى مع المنابر الدينية.

 ورأى أن الرد عليها يحتاج تسويقاً إعلامياً مكثفًاً لما أفتى به العلماء قديماً وحديثاً أن تنظيم النسل جائز فى ظروف معينة. 

وفى أيام النبى صلى الله عليه وسلم قال الصحابة: كنا نعزل على عهد رسول الله والقرآن ينزل فلم يأمرنا ولم ينهنا.

وأوضح "مهنى" أن الإنسان إذا لم يكن قادراً على الزواج ورعاية الأطفال وأنجب كثيرًا وضيعهم فإنه يأثم انطلاقاً من قول النبى صلى الله عليه وسلم " كفى بالمرء إثما أن يضيع من يعول" .

وأكد أن ضياع الأطفال بسبب الفقر إثم على الأب، وإذا كانت الزوجة ضعيفة والإنجاب خطر على صحتها فهنا يجب الامتناع عن الحمل ارتكابا لأخف الضررين. 

العزل أولى

وتابع"مهنى":  إذا كان الإنسان  لا يقوى مادياً على كثرة الأولاد فالعزل أولى وأفضل، وشدد على أن المقطوع بحرمته هو "تحديد النسل" فهو أمر محرم شرعاً. وأفتى بذلك د. شوقى علام مفتى الجمهورية وغيره من العلماء قديماً وحديثاً.

وقال الشيخ صبرى عبادة وكيل وزارة الأوقاف إن المعتقدات الدينية والموروثات الشرقية من أهم أسباب الزيادة السكانية واعتبر الأمر هو المرض الأساسى وأكد أنه لا علاج لمقاومة هذه المفاهيم الخاطئة إلا بتحرك الدعاة على نطاق واسع، والجلوس وجها لوجه لتغيير الموروثات الاجتماعية الخاطئة التى تزيد من حجم المشكلة السكانية.

وأكد أن الوزارة تولى الأمر اهتمامًا كبيرًا وتعتبر قضية الزيادة السكانية من أهم القضايا التى تحتاج جهداً دعوياً مكثفاً وبالفعل أعدت لها كثيراً من المحاضرات وندوات والخطب والدروس للتوعية بمخاطرها فى ظل الموروثات الخاطئة.  

وأكد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتبر الأمر متروكا لعادات الناس وليس تشريعا دينيا وأوضح أن الزيادة وكثرة البنين فى ظل المعضلات الاقتصادية والأمراض الاجتماعية، أدت إلى ما نرى من أفراد لا يصلحون أن يقيموا أمة .

وأقول لهم إن عولتم ذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم برفع أقوال إن صحت فمفهومها خاطئ. وإن كانت الأحاديث ضعيفة ولا ترقى إلى مرتبة إضافتها كقول للرسول صلى الله عليه وسلم. فنقول لهم إن ما فعله النبى صلى الله عليه وسلم لهو أصدق قولاً حيث تركنا على سنة فعلية لم يستطع أحد أن يزيفها أو يشكك فيها، حيث إنه لم ينجب إلا من السيدة خديجة والسيدة مارية القبطية وأنجب أولاده وهو فى ريعان شبابه.

وماتت السيدة خديجة أم أولاده وهو بعمر خمسين عامًا، ومع ذلك لم يتزوج امرأة من أجل الإنجاب، ولم يسع لذلك بدعوى أنه من أركان الإسلام، وظل فى عصمته قرابة 8 نساء وكان منهن التى لا تنجب، وتزوج التى لم تنجب أصلا مثل السيدة عائشة رضى الله عنها ولو كانت دعوة كثرة الإنجاب لكان الرسول صلى الله عليه وسلم أحرص الناس  عليها. 

و"تابع" عبادة : ولنا فى رسول الله أسوة حسنة إذ ولد صلى الله عليه وسلم وحيدا لأبويه ومع ذلك كان قائدا فريدا ومعلما لأمة بأسرها. 

وأكد أن هناك جهودا مبذولة من قبل وزارة الأوقاف تحت عباءة الأزهر الشريف، ولم تبخل الوزارة بالجهد فى هذه القضية أبداً وتعتبرها من أوليات القضايا التى تحتاج الجهود الدعوية. 

ويقول د. أسامة فخرى الجندى مدير عام شؤون المساجد بوزارة الأوقاف أن تنظيم الأسرة لا يتعارض مع قوله صلى الله عليه وسلم   "تناكحوا تناسلوا فإنى مباه بكم الأمم يوم القيامة"  لأن هذا الحديث رغم كونه مرسلاً فإن المقصود به الكثرة المؤمنة الصالحة القوية المنتجة، فالنبى صلى الله عليه وسلم لا يباهى بكثرة ضعيفة متخلفة وجاهلة، والعبرة بالكيف لا الكم. 

الكثرة المنتجة

وقال عبدالفتاح عبدالقادر جمعة مدير التدريب الدعوى بوزارة الأوقاف إننا فى حاجة ماسة إلى رفع الوعى بمخاطر الزيادة السكانية، ويكون ذلك بالقضاء على الموروثات الاجتماعية الخاطئة، بعد أن أصبحت هذه الزيادة تمثل حملًا ثقيلًا على المجتمع وزادت معدلات الفقر.

ولعل خطر هذه المشكلة يكمن فى الفهم الخاطئ لطلب الذرية فى كونها عزوة وصارت الموروثات الاجتماعية الخاطئة مشجعة على زيادة النسل الذى يكون عالة على مجتمعه، ومن يمعن النظر فى مفهوم النصوص الواردة فى هذا الشأن يدرك أنها تضمنت ما يشير إلى مراعاة الذرية المطلوبة شرعا، فنجد البعض يستشهد لكثرة الإنجاب بحديث النبى صلى الله عليه وسلم " تناكحوا تكاثروا فإنى مباهٍ بكم الأمم يوم القيامة" فنقول له إن المعنى المقصود بالكثرة فى هذا التوجيه النبوي هى الكثرة النافعة المنتجة القوية التى يقول فيها سيدنا رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ): " المؤمن القوى خير وأحب إلى الله "عز وجل" من المؤمن الضعيف" وموضع المباهاة التى يريدها النبى صلى الله عليه وسلم، تكون فى قوة الفكر ومدى النفع، أما الكثرة الضعيفة المتخلفة التى تكون عالة على الآخرين والتى تعانى الفقر والأمراض والتخلف العلمى والحضارى فهى الكثرة السلبية التى عبر عنها نبينا (صلى الله عليه وسلم) بغثاء السيل، حيث قال عليه الصلاة والسلام: يوشك أن تتداعى عليكم الأمم كما تتداعى الأكلة على قصعتها، قيل: أمن قلة نحن يومئذ يارسول الله ؟ فقال (صلى الله عليه وسلم):  بل أنتم يومئذ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل. كما قال صلى الله عليه وسلم: (كفى بالمرء إثمًا أن يضيع من يعول ).

وتقول الداعية فاطمة موسى إن مواجهة الموروثات الاجتماعية المشجعة على زيادة النسل تتم بالفعل من خلال وزارة الأوقاف بعقد الندوات الخاصة بهذه القضية وخاصة بجهود كبيرة فى التوعية مع الإناث المتزوجات والمقبلات على الزواج باعتبارهن عماد الأسرة والناقل التلقائى للثقافة السليمة لأفراد العائلة. 

مورثات خاطئة

وأوضحت موسى أن الموروثات الاجتماعية أفكار مترسخة فى الوجدان والفكر لا يواجه إلا بالفكر وأصبح تغييره أسهل عما قبل لأن وسائل الاتصال سهلت المهمة ويجب أن تتضمن المناهج الدراسية توجيهات وتوضيحات للأفكار المغلوطة وتصحيحها عن طريق طرح الأفكار السليمة وخصوصاً فى السنوات التعليمية التى تبدأ معها مرحلة الشباب مثل المرحلة الثانوية والجامعية كما يجب عمل حملات توعوية على شاشات التليفزيون والاتجاه بهذه الحملات على مواقع التواصل وخصوصاً أنها أصبحت ذات تأثير بالغ فى تغيير الفكر.

وأكدت "موسى" أن تنظيم الأسرة أصبح ضرورة حتمية حتى يعيش كل فرد فى الوطن حياة كريمة وبقدر يناسبه من التعليم ويحصل على مايحتاجه من السلع والخدمات.  

وأكدت أن القرآن الكريم نظًم الأسرة بطريقة علمية وجعل الوقت بين كل حمل وآخر يسهم فى الحد من هذه الظاهرة، فمرحلة الحمل تسعة أشهر ومرحلة الرضاعة التامة عامان كاملان.

وأكدت أن العبرة فى الإنجاب بالكيف لا الكم وأن الرسول صلى الله عليه وسلم يريد أن يتباهى بأمة قوية سليمة العقل والبنية. 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة