ثروت عكاشة
ثروت عكاشة


بمناسبة مئويته.. «ثروت عكاشة» مؤسس البنية الثقافية المصرية الحديثة

نادية البنا

السبت، 20 فبراير 2021 - 09:21 ص

لم يكن فقط رجلًا عسكريًا يعرف التعامل مع السلاح والخطط الإستراتيجية، بل كان كاتبًا ومبدعًا استطاع أن يقود الثقافة المصرية ويؤسس البنية التحتية للثقافة بمصر في أعقاب ثورة يوليو عام 1958، وكان أول من وضع إستراتيجية كبرى للنهوض بالثقافة المصرية، إنه المفكر والأديب الراحل ثروت عكاشة وزير الثقافة ونائب رئيس وزراء مصر الأسبق، الذي تطلق د. إيناس عبد الدايم وزيرة الثقافة فعاليات الاحتفال بمئويته، الليلة من دار الأوبرا المصرية.


السيرة الذاتية 

ولد ثروت محمود فهمي عكاشة بالقاهرة في ١٨ فبراير ١٩٢١، تخرج في 1939 من الكلية الحربية، ثم حصل على دبلوم الصحافة من كلية الآداب بجامعة القاهرة عام 1951 وعلى درجة الدكتوراه في الآداب من جامعة "السوربون" بباريس عام 1960. 

كان عضواً في تنظيم الضباط الأحرار، وعقب ثورة يوليو 1952 عمل ملحقا عسكريا بالسفارة المصرية في بون ثم باريس ومدريد من 1953 إلى 1956 وكان سفير مصر في روما من 1957 إلى 1958.

تولى وزارة الثقافة لفترتين الأولى من 1958 إلى 1962 والثانية من 1966 حتى 1970، حيث شغل منصب وزير الثقافة ونائب رئيس الوزراء، وقد شارك في عضوية المجلس التنفيذى لمنظمة اليونسكو بباريس من 1962 إلى 1970، كما كان عضوا بمجلس الأمة من 1964 إلى 1966، ونائباً لرئيس اللجنة الدولية لإنقاذ مدينة البندقية من 1967 إلى 1977، ثم مساعداً لرئيس الجمهورية للشؤون الثقافية من 1970 حتى 1972، والمجمع الملكى لبحوث الحضارة الإسلامية.

كما كان أستاذا زائرا بالكوليج دو فرانس بباريس عام 1973، وانتخب زميلاً مراسلاً بالأكاديمية البريطانية الملكية في 1975، ورئيساً للجنة الثقافة الاستشارية بمعهد العالم العربي بباريس من 1990 حتى 1993. 

أنشأ «عكاشة» أكاديمية الفنون عام 1959، وأسس فرق دار الأوبرا المختلفة، والسيرك القومي ومسرح العرائس، وأنشأ قاعة سيد درويش، كما بدأ تقديم عروض الصوت والضوء، وكان له دور وطني بارز من خلال إقناع المؤسسات الدولية بالعمل على إنقاذ معابد فيلة وأبي سمبل والآثار المصرية في النوبة، أثناء بناء السد العالي.

الجوائز والأوسمة 

وقد حظي ثروت عكاشة بالعديد من مظاهر التقدير وحاز العديد من الجوائز المحلية والعالمية، ومنها وسام الفنون والآداب الفرنسي عام 1965م، ووسام اللجيون دونير «ووسام جوقة الشرف» الفرنسي بدرجة كوماندور عام 1968م.

كما حصل على الميدالية الفضية لليونسكو تتويجاً لإنقاذ معبدي أبوسمبل وآثار النوبة، والميدالية الذهبية لليونسكو لجهوده من أجل إنقاذ معابد فيلة وآثار النوبة عام 1970م، بالإضافة إلى الدكتوراه الفخرية في العلوم الإنسانية من الجامعة الأمريكية بالقاهرة عام 1995م، وجائزة الدولة التقديرية في الفنون من المجلس الأعلى للثقافة في 1987، وجائزة مبارك في الفنون من المجلس الأعلى للثقافة عام 2002 .

«عكاشة» وزيراً للثقافة

جاء عكاشة وزيراً للثقافة بعد تشكيل أول وزارة للثقافة في مصر التي أسّسها المفكر القومي الراحل فتحي رضوان في حكومة عام 1958 وكانت تحمل عنوان «وزارة الإرشاد القومي»، بفضل ميوله الليبرالية التي لم ينكرها أبداً، نجح عكاشة في نزع الطابع التعبوي الضيق عن الثقافة عبر مسارين: الأول تأسيس بنية ثقافية مؤسساتية شاملة ذات طابع تعليمي وأكاديمي تربوي تسعى إلى نشر الثقافة، أما المسار الثاني، فارتبط بجعل هوية مصر الثقافية تعددية مع الانفتاح على الثقافة الغربية ومؤسساتها الدولية والإقليمية.

في عهده، تأسست وزارة الثقافة كمؤسسة حقيقية شكّلت مثالاً يحتذى به لبقية الدول العربية التي استلهمت التجربة المصرية بعد الاستقلال الوطني، أنشأ المجلس الأعلى للثقافة («المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب» وقتها)، و«الهيئة العامة للكتاب»، و«أكاديمية الفنون»، و«دار الكتب والوثائق القومية»، وفرق دار الأوبرا المختلفة، والسيرك القومي ومسرح العرائس، و«جهاز الثقافة الجماهيرية» الذي كان شرياناً ثقافياً في مختلف أقاليم مصر. 

كما اهتم باستقدام خبراء عالميين لجمع التراث المصري، إضافة إلى الدور الذي قام به في توجيه نداء عالمي لإنقاذ آثار النوبة بعد تأسيس السد العالي وإعادة بناء معبد أبو سمبل في أسوان، وتأسيس مشروع «الألف كتاب» الذي كان معنياً بنشر الترجمات، ويحلو للكثير من المثقفين وصفه بـ«البناء العظيم» ولا سيما أنّه استطاع إتمام ذلك البناء المؤسسي في فترة قصيرة.

مذكراته

في مذكراته التي كتبها ونشرت في طبعات عدة بعنوان «مذكراتي في السياسة والثقافة»، عدّد عكاشة الأدوار التي أدّاها سياسياً وثقافياً، كاشفاً الآليات التي عمل بها والأسماء التي تعاون معها لتأهيل مؤسسات الثقافة في مصر، وكان من بين هؤلاء علي الراعي، ولويس عوض، ويحيى حقي، وأحمد أبو زيد، وفؤاد زكريا، والراحل سعد كامل وكلها من القامات الكبيرة، ما يكشف عن وعي كبير امتلكه الراحل ودفعه إلى استثمار هذه العقول. 

شدد في مذكراته على أنّه صاحب «رأي انتقائي، تمليه ميوله الليبرالية»، كما كشف عن إيمان بما سماه «دولة الرعاية» التي ترعى مواطنيها في مختلف المجالات وهو منظور حكم فلسفته في العمل الثقافي، لم يبالغ الناقد والكاتب الراحل رجاء النقاش عندما وصفه بأنّ له صوتاً وضوءاً، الصوت نسمعه في الكونسرفاتوار الذي أسّسه في القاهرة، والضوء نراه مع آثار مصر التي أنقذها من الضياع مع بناء السد العالي.

إنتاجه الموسوعي

ومن الجوانب المثيرة في سيرة ثروت عكاشة إنتاجه الذي وُصف بالموسوعية، لقد تجاوزت مؤلفاته 80 كتاباً جاءت غالبيتها في مجالات تاريخ الفن، وأشهرها «العين تسمع، والأذن ترى»، كما اشتغل على ترجمة نصوص شهيرة زادت على 45 كتاباً، أبرزها نصوص جبران خليل جبران، وأعمال أوفيد، وريتشارد فاغنر، وبرنار شو وغيرهم.

«الثقافة» في أسبوع | إعلان إطلاق احتفالية مئوية ثروت عكاشة.. الأبرز

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة