ليلى بنس
ليلى بنس


حوار| المليارديرة ليلى بنس: واجهت حياة قاسية بأمريكا.. وأتطلع لإفادة مصر بخبرتي

بوابة أخبار اليوم

الأحد، 21 فبراير 2021 - 12:13 ص

أجرت الحوار أسماء فتحي

تفاصيل  وصول ليلى بنس من بائعة الـ«هوت دوج» إلى صدارة الـ«فوربس»

طريقي للنجاح لم يكن مفروشًا بالورود.. وعملت بائعة «هوت دوج» وعمري 13 عامًا

حب مصر يسري بعروقي رغم إقامتي بأمريكا منذ 45 عامًا

ابنتي تتحدث العربية وحرصت منذ صغرها على تربيتها على القيم المصرية

 

 

تحدت كل الصعاب التي واجهتها.. بنت من كل الأحجار العثرة التي اعترضت طريقها جسرًا عبرت منه إلى النجاح والأمل، وخاضت رحلة الألف ميل بخطوات ثابتة مليئة بالإيمان والطموح والمثابرة والإرادة أحيانا والتمرد على الواقع أحيانا أخرى.. اجتهدت وواصلت العمل والدراسة ليلا ونهارا، حتى تحولت من بائعة «هوت دوج» إلى مستشارة لإدارة الثروة والتخطيط المالي بواشنطن، لتصبح المصرية ليلي بنس، حديث الولايات المتحدة الأمريكية.

وحصلت على المركز الأول، كأفضل مستشاري إدارة الثروات على مستوى الولايات الأمريكية لعام 2021 وتحديداً فى جنوب كاليفورنيا.

«الأخبار المسائي» أجرت حواراً معها عقب تصدرها القائمة الأمريكية للاستشارات لتروي خلال السطور التالية رحلة كفاحها منذ سفرها من مصر لأمريكا في طريق لم يكن أبداً مفروشاً بالورود، بل كان مليئاً بالمصاعب والتحديحتى أصبحت هذه السيدة المصرية نموذجاً مشرفاً يحتذي به في المجتمع الأمريكي وفي مجال الاقتصاد خاصة.

 وإلى الحوار..

 

لماذا جاء قرارك بالسفر من مصر.. وما الصعوبات التي واجهتك؟

>>كنت أقيم مع أسرتي في «بور توفيق»، وهي منطقة سكنية مصرية تتبع محافظة السويس وتقع عند مدخل قناة السويس ويطل جزء منها على المجرى المائي هناك، وكانت أسرتي مكونة من ثلاث شقيقات، وكنا مثل أي أسرة مصرية عادية حياتنا نوعا ما مستقرة، وكنت وقتئذ في التاسعة من عمري، حتي وقعت الحرب وتهدم منزلنا في «بور توفيق»، وتفرقنا فاضطررت للسفر إلى الزقازيق للإقامة مع جدتي، بينما ظل والدي ووالدتي في السويس واستأجرا شقة هناك حيث عمل والدي، وتفرقت شقيقاتي كل منهن أصبحت تقيم لدي أحد أقاربنا، فكان القرار بالسفر فلم يكن أمامنا في هذا التوقيت بديل آخر عنه.

كيف كانت ترتيبات أسرتك للسفر خارج مصر؟

اضطر والدي في ذلك التوقيت إلى ترك مدينة السويس، نظراً لما مررنا به من ظروف عائلية، للإقامة في القاهرة؛ حيث كان يعمل مديراً لأحد البنوك المصرية، وأقمنا مع والدي في القاهرة لمدة عامين، حتي كان ذلك اليوم، الذي قابل فيه والدي أحد أصدقائه القدامي، له أحد أقاربه مهاجرا منذ فترة كبيرة خارج مصر ويقيم في «نيويورك» بالولايات المتحدة الأمريكية، ويعمل في أحد البنوك هناك، فتواصل معه لإنهاء إجراءات الهجرة إلي أمريكا، وعمل الترتيبات اللازمة لسفرنا، وخلال هذين العامين تزوجت اثنتان من شقيقاتي، وأقامت الثالثة مع إحداهن وكنت أنا الشقيقة الرابعة وأصغرهن فقرر والداي أن أسافر معهما إلي الخارج.

 

في أي توقيت كان السفر إلى الولايات المتحدة الأمريكية؟

أتذكر أننا سافرنا إلى الولايات المتحدة الأمريكية في فترة السبعينيات، لكن في البداية سافرت أنا ووالدتي فقط، رغم إنهاء والدي الإجراءات والتعريفات اللازمة لسفره معنا، لكن الحظ العاثر حال دون ذلك، فقد كسرت ساق والدي قبل السفر إلى أمريكا، ولم يتمكن من مرافقتنا في هذه الرحلة التي غيرت مصيرنا جميعاً خاصة حياتي.

 

كيف كانت رحلتك في أمريكا.. ومتي بدأت؟

عقب سفري أنا ووالدتي إلي هناك، أقمنا لدى أحد أصدقاء والدي في «نيويورك» لفترة لم تكن طويلة، ثم بدأت الرحلة الحقيقية هناك والتي لم تكن بطبيعة الحال سهلة على الإطلاق بل كانت مليئة بالعثرات والهبوط والصعود، فكل الوعود الجميلة والطيبة كانت زائفة في الحقيقة حينما اصطدمنا بالواقع، لأجد نفسي أنا ووالدتي بمفردنا نواجه الحياة القاسية ويطاردنا شبح الغربة دون أقارب، أو معارف، أو أصدقاء، فالجميع خشي ثقل الحمل، واضطررنا أنا ووالدتي للعمل كي نحصل علي قوت يومنا حتى نتمكن من العيش بالكاد وكنت حينها في سن الثانية عشرة أي ما زلت لا أستطيع مواجهة الحياة لكنني اضطررت لذلك.

كيف  بدأت عملك في «نيويورك» رغم حداثة سنك في ذلك التوقيت؟

كنت أساعد والدتي في عمل بسيط، وحين بلغت الثالثة عشرة من عمري عملت بائعة «هوت دوج» رغم أنني في ذلك التوقيت كنت طالبة، فاخترت أن يكون عملي بالقرب من مدرستي حتي لا أتعطل عن دراستي، ورغم كل الصعوبات كان هناك تحد بألا أترك تعليمي وأكمل دراستي، والأمر حقاً كان صعبا لكن حرصت قدر الإمكان علي إحداث التوازن بين الأمرين، فكلاهما حيوي ومصيري ومهم بالنسبة لي .

كيف جمعت بين العمل والدراسة ..ما تفاصيل يومك؟

حرصت على ترتيب الأمرين وتنظيم وقتي بينهما، فكنت أذهب إلى مدرستي في الصباح، وعقب انتهاء يومي الدراسي أخرج للعمل لمدة 4 ساعات يومياً، ثم أعود لمنزلي البسيط الذي أقطن فيه رفقة والدتي، وأخصص 4 ساعات أخرى لمذاكرة دروسي، وبعدها أستسلم للنوم بعد يوم طويل وشاق، لأستيقظ في الصباح الباكر وأعيد نفس تفاصيل برنامجي اليومي من جديد، واستمررت في عملي ذلك حتى التحقت بالجامعة للإنفاق علي نفسي ودراستي ووالدتي التي كانت أيضاً تعمل لمساعدتي في مواجهة تقلبات الحياة.

 

>هل أصابتك تلك الصعوبات بالإحباط خلال رحلتك بالخارج وهل قررت التراجع؟

الأمر حقًا كان في غاية الصعوبة فقد واجهت تحديات  كثيرة، لكن لم يحدث ذلك الأمر كما هو معتاد، ولا أنكر أنني شعرت بالإحباط لبعض الوقت، وهذا أمر طبيعي يصيبنا جميعا، خاصة أنني واجهت الحياة وتحملت ضغوطها في سن صغيرة، كذلك تواجدي أنا ووالدتي في بلاد الغربة بمفردنا زاد الأمر صعوبة في الحقيقة، لكن لم أفكر في التراجع، وكان لدي إصرار علي المواجهة ومواصلة رحلتي، لأنني أؤمن دائما أن المِحن هي التي تخلق النجاح وتخرج من بين جنباتها السعادة بعد الشقاء.

 

متى بدأت العمل في مجال الاقتصاد؟ 

بعد الانتهاء من دراستي الجامعية انتقلت من ولاية «نيويورك» إلي «كاليفورنيا»، ورحلتي العملية في مجال الاقتصاد في أمريكا كانت غاية في الصعوبة، إلا أنني تحليت بالصبر والمثابرة وكنت أتمسك بالأمل الذي جعلني أري دائما النور في نهاية ذلك النفق المظلم، حتي عبرته، وخلال تلك الفترة عملت مع أحد أساتذتي في الجامعة فكان يري تفوقي في دراستي، وقدرتي العملية علي دخول ذلك المجال، بل ونصحني بالاستمرار في  العمل بالاقتصاد وأن مستقبلي ونجاحي يكمن في ذلك المجال  .

قضيت مدة طويلة في أمريكا.. كم المدة وهل غيرت في عاداتك؟

أقيم في الولايات المتحدة الأمريكية منذ 45 عامًا، ورغم أنها مدة كبيرة، إلا أنها لم تفقدني مصريتي ولم تنل منها، فمازلت أدين بالحب والولاء والانتماء لوطني الحبيب مصر، فمنذ أعوام كثيرة لم أزر بلدي، لكن دعيت منذ 5 أعوام لمؤتمر يهتم بقضايا المرأة المصرية وكان شرفاً عظيماً، وخير تكريم من بلدي أن تدعوني للمشاركة فيه، وتقدمت خلاله بورقة عمل تعكف علي دراستها عدد من الجهات المعنية في مجال الاقتصاد، وقريباً سنصل إلي نتائج مهمة ستعلن خلال الفترة المقبلة.

 

هل وجدت تعارضا بين حياتك العملية والاجتماعية؟

مطلقا.. لم تطغ حياتي العملية علي حياتي الاجتماعية، بل على العكس تمامًا، كان عملي كما نقول في مصر «فاتحة خير علي»، وكان بداية لحياتي الاجتماعية واستقرارها بعد مشوار الألف ميل الذي بدأته منذ سفري من مصر إلي أمريكا، فقد تعرفت علي زوجي الأمريكي الجنسية من خلال عملي في مجال الاقتصاد، فهو يمتلك إحدى الشركات الخاصة بالاستثمار، وتوظيف الأموال، فوجدته قريباً من نفس مجال عملي، وتزوجنا عن قصة حب رائعة كان خلالها خير سند ومعين علي مواجهة الحياة فأعطاني لقبه الذي اقترن باسمي واشتهرت في المجتمع الأمريكي باسم «ليلي بنس» نسبة إلى زوجي، ولدينا ابنة تبلغ من العمر الآن 20 عاما.

 

هل حرصت على تعليم ابنتك اللغة العربية؟

تتحدث ابنتي اللغة العربية، وحرصت منذ صغرها على تربيتها على القيم والعادات والتقاليد المصرية التي تربيت عليها في مصر ونشأت علي هذه القيم، ولا مانع أن نأخذ إيجابيات المجتمع الذي نقيم فيه ونترك سلبياته، وهي أيضاً تتحدث ثلاث لغات أخرى غير الإنجليزية، لكن تبقي اللغة العربية هي الأساس.

 

هل اكتفيت بدراستك الجامعية وتفرغت للعمل؟

 

لم أكتف بدراستي الجامعية، فالعمل في الاقتصاد، ومجال الاستثمار بوجه عام في الولايات المتحدة الأمريكية، وإقناع العملاء بتوظيف أموالهم أو استثمارها في مشروعات هناك، يعد أمراً متطوراً ومتغيراً لا يقف عند حد معين، فحرصت علي الاستمرار في الدراسة بمجال الاقتصاد، وحصلت علي دورات تدريبية، ودبلومات متقدمة لمواكبة ذلك التطور غير المحدود، كي أتقدم في مجال عملي.

 

برأيك.. ما روشتة النهوض بالاقتصاد القومي في مصر؟  

تحتاج مصر وبشكل كبير لقوة اقتصادها القومي وازدهاره وتحديداً خلال هذه الفترة، ولن يحدث ذلك إلا بالنهوض بشكل مؤثر وفعال بالبورصة المصرية لتواكب البورصة العالمية، للقدرة علي المضي قدما في استكمال المشروعات القومية التي نفذ بعضها فعلياً، والأخري المطروحة لتدخل حيز التنفيذ، ضمن خطة الدولة المصرية للتنمية المستدامة، التي حدد ملامحها الرئيس عبد الفتاح السيسي للنهوض بالدولة المصرية في جميع المجالات.

 

بخبرتك في مجال الاقتصاد والأوراق المالية.. كيف يمكنك تطوير البورصة المصرية ؟

 

أعددت الكثير من الدراسات للإسهام في النهوض بالبورصة المصرية كي تستفيد بلدي بخبرتي في هذا المجال، وبالفعل قمت بالتواصل مع أهم خبراء الاقتصاد المصري في مصر، وبحثنا معا سبل التعاون بين البورصة المصرية، ونظيرتها الأمريكية، وحددنا ملامح ذلك ووضعنا أهم بنوده وآليات تنفيذه، وسيتم تنفيذ ما توصلنا إليه خلال تبادل الرؤي في أقرب وقت، ومستعدة لتقديم أي شيء لبلدي وما يتعلق بخبرتي في مجال الاقتصاد يسهم في تقدمها ونهضتها.. وأنا تحت أمرها متي تطلبني.. فهذا فخر وشرف كبيرين لا يضاهيهما شيء.

 

منذ أيام تصدر اسمك قائمة «فوربس» الأمريكية.. هل يحملك ذلك مسؤولية أكبر؟

>>سعدت كثيراً حينما تم إعلامي بتصدر اسمي قائمة «فوربس» الأمريكية وحصلت علي لقب أفضل مستشار لإدارة الثروات لعام 2021 في الولايات المتحدة بجنوب كاليفورنيا، لأنني أفخر بمصريتي وأن يتصدر اسم بلادي كل المجالات والتخصصات وحصولي علي هذا اللقب والنجاح في هذا المجال، يؤكد أن المصري لا يعيقه شيء للوصول إلي أعلي المناصب أو أن يحصل علي أعلي الجوائز وأن ينال أرفع الأوسمة، كذلك يثبت أن المرأة المصرية قادرة علي التحدي وإحداث التغيير والتقدم وإعلاء اسم بلادها في الخارج مهما واجهتها من صعوبات وتحديات فهي بـ «100 راجل» في العزم والتحدي والإرادة، وأهدي ذلك التكريم لمصر عرفانا بجميلها، ويكفي أنني المصرية والسيدة الوحيدة التي حصلت علي المركز الأول في هذه القائمة، وبالفعل ذلك يحملني مسؤولية كبيرة بأن أستمر في العمل باجتهاد حتي تزداد خبرتي في ذلك المجال وأستطيع نقل هذه الخبرات الحديثة لبلدي، خاصة أن مجال الاقتصاد والأوراق المالية، كل يوم فيه جديد .

فأنا أعشق مصر وأترجم حبي وانتمائي لبلادي بدعمها في مجالات المال والأعمال والاقتصاد، وتكريمي جاء أيضاً لتصنيفي كواحدة من أهم وأنجح المخططين الماليين في أمريكا، وتمتعي بخبرة بلغت أكثر من 40 عامًا، كذلك اهتمامي بالاستثمار في التدفق النقدي، الأمر الذي أكسبني كفاءة متميزة في مجال إدارة الثروات؛ حيث أدير مؤسسة «بنس» للثروات الواقعة بمدينة «نيوبورت بيتش» بولاية «كاليفورنيا»، كما يتولى زوجي منصب كبير مراقبي الاستثمارات في المؤسسة.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة