فيلا أثرية
فيلا أثرية


معركة جديدة لمثقفى الإسكندرية

بعد 65 عامًا.. أتيليه الإسكندرية مهدد بالطرد من فيلا تمفاكو الأثرية

بوابة أخبار اليوم

الإثنين، 22 فبراير 2021 - 12:45 م

الإسكندرية- أحمد سليم
محافظ الإسكندرية: نحترم أحكام القضاء ونبحث حلولا قانونية للحفاظ على الآتيليه

لا أحد يعرف بالتحديد سر تميز وتفرد مدينة الإسكندرية، ولكن المؤكد أن للثقافة والفنون والعمارة دورًا كبيرًا فى تشكيل هوية هذه المدينة.  ليس فقط خلال الحقب الفائتة، ولكن منذ أن تأسست عروس البحر المتوسط، وهى منارة للعلم والفلسفة. يحج إليها الباحثون عن الحكمة والمعرفة من كل بقاع الأرض.
عندما تسير فى شارع فؤاد بوسط المدينة، تشعر بأنك بين أحضان التاريخ، وتأتيك نسائمه المحملة بالسحر والفن من مبانيه القديمة والمميزة وكأن أرواح العظماء الذين مروا من هنا لازالت تحلق فى سماء المنطقة.
هنا فى 6 شارع فيكتور باسيلى، المتفرع من شارع فؤاد بقلب مدينة الإسكندرية، يخوض الفنانون والمثقفون معركة جديدة، من معارك الحفاظ على هوية هذه المدينة، وذلك بعد صدور حكم قضائى بتسليم الفيلا المؤجرة  لجماعة الفنانين والكتاب «آتيليه الإسكندرية» لملاكها استنادا على حكم صادر من المحكمة الدستورية العليا للملاك بإنهاء تعاقداتهم مع الكيانات الاعتبارية المؤجرة لهم.
فيلا أثرية
فى شموخ وبهاء، تقف فيلا «تمفاكو» أو «كرم» شاهدة على عظمة العمارة فى مدينة الإسكندرية، تلك البناية الرائعة التصميم والمسجلة فى عداد الآثار الإسلامية بالقرار رقم 538 لسنة 1996.
يرجع تاريخ إنشاء الفيلا إلى عام 1893 حسب التاريخ المدون على البوابة الحديدية للمبنى، وينسب بناؤها إلى الثرى اليونانى تمفاكو، ثم انتقلت ملكيتها إلى تاجر الأخشاب كرم النجار الذى قام بتجديدها وأسند أعمال التجديد إلى المهندس ماكس عذرى فاشتهر المبنى بإسم قصر كرم، وفقا لمحمد متولى مدير عام أثار الإسكندرية.
وقال « متولي» فى تصريح لـ « أخبار الأدب» إن ملكية الفيلا انتقلت إلى البنك الإيطالى المصرى لتبدأ علاقة « الآتيليه» به فى العام 1956 عندما قامت جماعة الفنانين والكتاب باستئجاره من البنك قبل أن تؤول ملكية المبنى إلى مجموعة من الأفراد.
يشير متولى إلى أن الفيلا التى تتكون من طابقين وبدروم تتنوع زخارف واجهتها بين الزخارف النباتية والهندسية وزخارف أسنان المشط، فضلا عن وجود زخارف الوجوه الآدمية، لافتا إلى أن  جدران البهو الرئيسى للفيلا مزخرفة بالتجاليد الخشبية المزودة بالزخارف النباتية البارزة.
نداء واستغاثة
قبل سنوات وبالتحديد فى عام 2015، تعرض مبنى الآتيليه للاقتحام على يد ملاكه وتم كسر الباب  الملحق بالحديقة الخلفية، فى محاولة للبناء على جزء من الحديقة الملحقة بالفيلا، قبل أن ينتفض مثقفو الإسكندرية ويتم السيطرة على الموقف وتحرر وقتها محضرا بالواقعة.
لكن هذه المرة يبدو أن الرياح قد تأتى بما لا تشتهى السفن وأن الطعن الذى ينتوى أعضاء مجلس إدارة الآتيليه تقديمه فى المحكمة ردا على الحكم الصادر باستعادة الملاك للفيلا، ضعيف نظرا لقوة حجة الملاك، ما جعلهم يناشدون الدولة بالتدخل لحل المشكلة.
من جانبهم طالب مثقفون وكتاب بضرورة تدخل الدولة لإنقاذ الآتيليه ودشنوا حملات عبر وسائل التواصل الاجتماعى على شبكات الإنترنت، تحت عنوان « أنقذوا أتيليه الإسكندرية».
وقال الروائى إبراهيم عبد المجيد، إن آتيليه الاسكندرية معرض للضياع، مطالبا وزارة الثقافة بشرائه من الورثة للحفاظ على قيمته الأثرية والتراثية.
وأضاف : «لو ماعندهمش فلوس يفتحوا باب التبرعات لشراء الاتيليه».
فى السياق نفسه، طالب مثقفو وفنانو الإسكندرية وزارة الثقافة بتعويض الورثة بدلا من هدم الصرح العظيم، حيث أوضح المحامى السكندرى مصطفى إبراهيم طلعت منسق الأنشطة الثقافية والندوات بالآتيليه احترام كل محبى الآتيليه وممارسى الأنشطة الثقافية والفنية للقانون، وكافة الأحكام القضائية ولكن هناك اعتبارات تاريخية وثقافية وتراثية يجب أن نقف عندها بالفكر والتأمل، وتغليب الحكمة على أى قرار آخر.
مؤتمر لدعم الآتيليه


وقال الدكتور محمد رفيق خليل، رئيس مجلس إدارة آتيليه الإسكندرية، إن آتيليه الإسكندرية ليس مجرد جمعية تعتنى بالثقافة والفنون فى الإسكندرية، ولكن لها دور تاريخى كبير فى إثراء الحركة الثقافية والفنية بالمدينة منذ ثلاثينات القرن الماضى.
وأوضح أن آتيليه الإسكندرية يُعد أقدم الجمعيات الثقافية فى مصر، حيث أنشأه الفنان محمد ناجى فى عام 1934، أى قبل إنشاء أتيليه القاهرة بنحو 20 سنة.
وناشد خليل مثقفو مصر للتضامن معهم فى الحفاظ على الآتيليه، من خلال الحضور فى المؤتمر المزمع انعقاده فى السادس والعشرين من فبراير الجارى لتجميع كل آراء المثقفين ومقترحاتهم فى الحفاظ على هذا المكان الهام. وأشار خليل إلى أنهم تواصلوا مع وزارة الثقافة ومحافظة الإسكندرية وكافة الجهات المعنية للتدخل لإنقاذ الآتيليه.
بدوره أكد اللواء محمد الشريف، محافظ الإسكندرية، عقب لقائه بوفد من مجلس إدارة الآتيليه، على احترام أحكام القضاء المصرى العادل، وهو ما يحتم ضرورة السعى إلى وضع حلول قانونية مناسبة لجميع الأطراف بما يضمن الحفاظ على «أتيلية الإسكندرية» نظرا لأهميته التراثية والثقافية والعلمية لدى مثقفى الإسكندرية، ومراعاة عدم المساس بحقوق المالكين. 
ووعد المحافظ مثقفى الإسكندرية برفع جميع مطالبهم والتنسيق مع جميع الجهات المعنية بالاتيليه من وزراة الثقافة ووزارة الآثار ووزارة التضامن الاجتماعى لحل تلك الأزمة.
تحرك متأخر
«دعوات نزع الملكية هى ابتزاز صريح للدولة» هكذا رأى الدكتور إسلام عاصم، الباحث فى التاريخ ونقيب المرشدين السياحيين الأسبق، لافتا إلى أن ملف أزمة آتيليه الإسكندرية، يتم متابعته على أعلى مستوى فى الدولة .
وقال عاصم فى تصريح لـ أخبار الأدب: «يجب التفريق بين أمرين هنا فى أزمة الآتيليه وهما قيمة الآتيليه ودوره الثقافى فى المجتمع منذ ثلاثينات القرن الماضى فلا أحد ينكر الدور الكبير الذى قام به وأظنه أول تجمع يهتم بالمثقفين فى مصر كلها، أما الأمر فهو فيلا كرم وهى مبنى أثرى لا يمكن المساس به وهو محفوظ ولن يجرؤ الملاك على هدمه أو إخراجه من مجلد الآثار».
وأضاف «عاصم» أن ما يحدث فى الأزمة الحالية هو محاولة لابتزاز الدولة لكى تقوم بنزع ملكية المبنى وهو أمر مرفوض – بحسب قوله- لأن الملاك قد يطلبون قيمة تتجاوز القيمة المالية الحقيقية للمبنى، مشيرا إلى أن الحل هو توفير مكان لائق ومناسب لجماعة الآتيليه يمارسون من خلاله نشاطهم وترك المبنى الحالى الذى سيظل كما هو ولن يستطيع أحد المساس به.
وأشار إلى أن وزارة الثقافة تمتلك الكثير من قصور الثقافة فى الإسكندرية ونشاطاتها ضعيفة للغاية فالأفضل هو عمل شراكة مع الآتيليه وتخصيص مبنى لهم فدورهم فى الإسكندرية لا أحد ينكره.
وقال إن الدولة من المفترض أن تحتوى الجمعيات المهتمة بالثقافة والفنون لأن هذا دورها ولكن محاولات انتقادها فى هذه الأزمة أمر فى غير محله، لأن القضية متداولة منذ أكثر من عشر سنوات فى المحاكم وكان على مجلس إدارة الآتيليه اتخاذ خطوات كثيرة حتى لا نصل إلى هذه المرحلة.
 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة