د. كاثرين كيدزيرسكا
د. كاثرين كيدزيرسكا


تفاول حذر حول كورونا

كورونا‭ ‬سيصبح‭ ‬موسميًا‭.. ‬ولقاحاته‭ ‬لن‭ ‬تتغيرمثل‭ ‬الإنفلونزا

حازم بدر

الإثنين، 22 فبراير 2021 - 07:54 م

 

رغم حالة الهلع العالمى من سلالات الفيروس المتحورة، يبدو الوضع أفضل بكثير فى فهم هذا الوباء، وبدأت بعض الدراسات تتحدث عن نقاط ضعفه، وكيف يمكن أن تسهم اللقاحات فى زيادتها، لنكون قريباً على موعد مع انتهاء هذه الدراما الممتدة منذ يناير من العام الماضى وحتى الآن.

 

ومع هذه الحالة المتفائلة التى تستند إلى دلائل تم استعراضها فى دراسات علمية، يحذر علماء من جامعات استراليا وبريطانيا فى حوارات مع "الأخبار" من الإفراط فى التفاؤل، الذى قد يؤدى بنا إلى العودة إلى نقطة الصفر مره أخرى، ويؤكدون على أن فرص ظهور جائحة أخرى مستقبلاً بوجه جديد تظل قائمة، ما لم ينتبه العالم لخطر التواصل البشرى مع الحيوانات البرية. 

العدوى‭ ‬السابقة‭ ‬بالفيروس‭ ‬تقلل‭ ‬شدة‭ ‬المرض‭ ‬عند‭ ‬الإصابة‭ ‬بالسلالات‭ ‬الجديدة

كورونا‭ ‬سيصبح‭ ‬موسميًا‭.. ‬ولقاحاته‭ ‬لن‭ ‬تتغير‭ ‬بنفس‭ ‬وتيرة‭ ‬الإنفلونزا

كانت البداية مع د. كاثرين كيدزيرسكا، من معهد "بيتر دوهرتي" للعدوى والمناعة بجامعة ملبورن بإستراليا، والتى شاركت مع زملائها بالمعهد، فى رسم رسم خريطة للاستجابة المناعية الفعالة لمرض (كوفيد − 19)،. وخلال الدراسة التى نشرت أول فبراير الجارى فى دورية " سيل ريبورتز"، قامت كاثرين وزملاؤها برسم خريطة منهجية للاستجابة المناعية للمرض لتحديد كيف تطور الأجسام المضادة استجابةً مناعية، وتوصلوا إلى رؤى جديدة حول سبب إصابة بعض الأشخاص بمرض حاد..وتبشر النتائج التى توصلوا إليها بأنه من المحتمل أن نجد لديهم إجابات على بعض الأسئلة التى تتعلق بالاختلافات المناعية بين بعض اللقاحات، ومدى تأثير الطفرات الجديدة من الفيروس، على ظهور موجة ثالثة من الوباء.

وإلى نص الحوار..

اللقاح الفعال 

- ما فهمته من دراستكم، هو أن وصف السمات المميزة للاستجابة المناعية المثالية، يمكن أن يساعد فى تحديد العلاج المناعى أو اللقاح الفعال الذى يحاكى الاستجابة المناعية الطبيعية للعدوى، وهذا يقودنى إلى التساؤل: هل الأفضل لتحقيق الاستجابة المثالية هى اللقاحات التى تعتمد على الحمض النووى الريبى مثل لقاحات فايزر، أم لقاحات الفيروس الموهن مثل اللقاحات الصينية، أم لقاحات الناقلات الفيروسية مثل لقاح أكسفورد واللقاح الروسى؟

 ما أظهره بحثنا هو أن العدوى الطبيعية تنشط العديد من أذرع الجهاز المناعي، بما فى ذلك الخلايا البائية لإنتاج الأجسام المضادة، والخلايا التائية المساعدة التى تساعد الخلايا البائية على إنتاج أجسام مضادة عالية الجودة والخلايا التائية القاتلة (CD8)، التى تتعرف على خلايا الفيروس وتقتلها قبل إنتاج جزيئات فيروسية جديدة. 

والمنطقى أن يكون اللقاح القادر على تنشيط كل هذه الأذرع المختلفة لجهاز المناعة، هو الأكثر فعالية، ومع ذلك، فنحن لا نملك رفاهية الاختيار، فوجود لقاح لمرض "كوفيد 19" يحفز المناعة عبر إحدى هذه الأذرع (الأجسام المضادة أو الخلايا التائية) أفضل من عدم وجود مناعة سابقة. 

والآلية المشتركة التى تجمع اللقاحات على اختلاف مدارس انتاجها، هى تدريب جهاز المناعة لدينا على التعرف على تهديدات معينة، وبهذه الطريقة سيستجيب نظام المناعة بشكل أسرع وأقوى عندما يواجه الفيروس الحقيقى.

الطفرات الجديدة 

- وهل شملت دراستكم للاستجابة المناعية المثالية الأشخاص المصابين بالطفرات الجديدة للفيروس التى ظهرت فى بريطانيا وجنوب أفريقيا والبرازيل؟ 

 هذا شيء لم ندرسه، فقد أصيب جميع مرضانا الذين أجرينا عليهم الدراسة بالفيروس الأصلي، ووجدنا أن توقيت الاستجابة المناعية مهم للغاية، وأثبتنا أن معظم المرضى كانوا قادرين على تنشيط جهاز المناعة لديهم فى وقت مبكر أثناء الإصابة. 

أما الأمر الأكثر إثارة للاهتمام هو أن الأشخاص الذين يعانون من مرض خفيف فقط، كانوا قادرين على إيقاف جهاز المناعة لديهم بسرعة نسبية بعد التخلص من الفيروس، فى حين أن أولئك الذين لديهم استجابة مناعية شديدة لم يوقفوا استجابتهم المناعية، حتى بعد إزالة الفيروس، وهذا يؤدى إلى مشاكل صحية تستمر لفترة، حتى بعد التعافى من الفيروس.

- وهل يمكن أن تختلف الاستجابات المناعية مع الطفرات الجديدة؟

 لا تزال طفرات هذه الفيروسات وتأثيرها على الاستجابات المناعية وانتشارها وخطورتها قيد التحقيق، نحن نعلم أن بعض الطفرات تتداخل مع المواقع التى يتم التعرف عليها بواسطة الأجسام المضادة الناتجة بعد الإصابة بالفيروس الأصلي، وبالتالى قد تكون هذه الأجسام المضادة المحددة أقل قدرة على التعرف على المتغير الجديد. 

ومع ذلك، فقد أظهرنا نحن وآخرون أن عدوى فيروس كورونا الأصلى تحفز الأجسام المضادة الموجهة ضد مواقع متعددة، لذلك عندما يعمل أحد الأجسام المضادة بشكل أقل، فلا يزال هناك أجسام أخرى تساعد فى الحماية من المرض الشديد. 

علاوة على ذلك تتمثل إحدى مزايا الخلايا التائية (CD8) فى أنها تتعرف على مناطق محمية أكثر من الفيروس، لذلك من المحتمل أن تكون أقل تأثراً بالطفرات التى حدثت فى بروتين الفيروس الرئيسى (بروتين سبايك) فى الطفرات الجديدة.

وعلى الرغم من أن هذه الخلايا لا تمنع العدوى، فإنها تقلل من شدتها وطولها.

موجة ثالثة 

- هل تعتقدين أن الطفرات الجديدة للفيروس يمكن أن تؤدى إلى موجة ثالثة من الوباء، وإلى أى مدى يمكن للقاحات الحالية أن تصمد أمام الطفرات الفيروسية؟

 الطفرات الجديدة هى فى الواقع جزء من الموجة السابقة، لأن تعريف الموجة الجديدة هو أن تحدث زيادة فى الأعداد بعد حدوث انخفاض ملحوظ فى الإصابات، وهذا لم يحدث.

ورغم ما نشهده من انخفاض فى أعداد الإصابات، لا يجب الآن المخاطرة باهمال الإجراءات الإحترازية المتمثلة فى قرارات الإغلاق، وارتداء قناع الوجه، وغسل اليدين، والتباعد الاجتماعي، لأن الالتزام بها، بجانب اللقاحات، سيساعد على منع انتشار الطفرات الجديدة.

 هل تشعرين بأننا نواجه وباء سيستمر مع البشرية مثل الأنفلونزا، أم أن هناك فرصة لإنهائه باللقاحات الحالية؟

 هذه هى أول جائحة لفيروس كورونا يتم تسجيلها فى التاريخ، ومع ذلك فإن السيناريو الأكثر ترجيحًا هو أن السكان ستزيد مناعتهم من خلال العدوى الطبيعية أو التطعيم، وأن الفيروس سيأتى موسميًا مثل الإنفلونزا وفيروسات كورونا الأخرى، ويؤدى بشكل أساسى إلى إصابات خفيفة نسبيا فى معظم الأفراد.

- وهل سيتعين على العالم تغيير اللقاحات كل عام مثل لقاح الانفلونزا؟

 فيروسات الإنفلونزا تتحور "أسرع" من فيروسات كورونا، وبالتالى يمكنها الهروب من الاستجابة المناعية التى يسببها اللقاح فى موسم واحد، ولأن تحور فيروسات كورونا "أبطأ"، وبالتالى فإنه يتماشى مع التوقعات أن اللقاحات ربما تحتاج إلى تحديث، ولكن ربما أقل من لقاحات الإنفلونزا.

فتح المدارس 

- وبماذا تنصحين الدول التى قررت إعادة فتح المدارس؟ هل ترين من واقع تجربتك أن استمرار الإغلاق كان القرار الأصوب؟

  قرار فتح المدارس من أصعب القرارات ويعتمد بشكل كبير على الوضع فى كل بلد على حدة، و نحن نعلم أن الأطفال يمكن أن يصابوا بالعدوى ويكون لديهم أعراض خفيفة فى الغالب، ومع ذلك، نعلم أيضًا أنه يمكنهم نقل العدوى للأشخاص المعرضين لخطر أكبر للإصابة بمرض شديد (مثل الأجداد).

وبالتالي، من المهم أخذ عدة عوامل فى الاعتبار، وهى إجمالى الحالات داخل الدولة، ومستوى انتشار هذه الحالات فى الدولة، وتكوين الأسرة المعيشية (هل يعيش الأجداد مع الوالدين والأحفاد؟)، البنية التحتية التقنية (هل يمكن للأطفال متابعة الدروس عبر الإنترنت؟)، عدد الأطفال فى الفصل الواحد، وهل يمكنهم اتباع قيود مثل التباعد الاجتماعي، وهل لدى المدارس خيار اختبار الأطفال بشكل متكرر، بحيث يمكنك إغلاق المدارس فى الوقت المناسب، إذا كان هناك طفل مصاب قبل أن ينتشر إلى المدرسة بأكملها، وإذا عاد الأطفال إلى المدرسة، فقد يكون من المفيد أيضًا تعليم الأطفال كيفية حماية أنفسهم (استخدام أقنعة الوجه، والتباعد الاجتماعى وغسل اليدين) وسيجلبون هذه المعرفة إلى المنزل لبقية أفراد الأسرة.

 

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة