صورة أرشيفية
صورة أرشيفية


حكايات الحوادث| صرخة فتاة.. أبويا ضيعني‎ 

علاء عبدالعظيم

الأربعاء، 24 فبراير 2021 - 11:50 ص

استلقت بجوار الحائط داخل محكمة الأسرة بزنانيري في مشهد يثير الاهتمام، وبسرعة شديدة تجمع حولها عدد من السيدات اللائي قمن بإحضار بعض من العصائر، بينما جلسن أخريات بجوارها يربتن على كتفيها برقة وعطف، وأعينهن مغرورقة بالدموع، ويسيطر عليهن الفضول لسماع مأساتها.

 ما أن بدأت تروي الزوجة ابنة الـ24 عاما مأساتها، أخذت السيدات يمصمصن شفاههن تعاطفا معها ويكسو الحزن وجوههن بل أصبح منثورا عليها.

كان تنفسها متقطعا وقصيرا، نحيفة الجسد تئن أنينا ينفطر له القلب، عيناها ذابلتين من كثرة البكاء، وجهها شاحب كأنها في نزاعها الأخير أو أصابتها حمى تتصبب حبات العرق فوق جبينها وتتساقط وكأنها أيضا تحمل هموم الدنيا.

تنفست الزوجة الصعداء، وبصوت واهن بدأت عيناها تدمعان قائلة: "أبويا ضيعني" ولقد ساقني حظي التعيس أن أصبح ابنة لأب عاطل ومدمن للمخدرات، وأم تكدح في العمل بالمنازل والأسواق كي تنفق على أولادها الـ6 وأنا أكبرهم، فبعد أن اشتد عودي وانهيت دراستي بعد كفاح وقهر حصلت على شهادة الدبلوم، خرجت بعدها للعمل لمساعدة أمي التي بدت عليها علامات الشيخوخة والكبر رغم صغر سنها، وبعد أن ضاعت صحتها وأصبحت ملازمة للفراش.

وتابعت: "فوجئت في أحد الأيام بوالدي يجبرني على الزواج من أحد الرجال والذي يعمل تاجرا ويمتلك مالا كثيرا، غير أن عمره ضعف عمري، باءت كل محاولات بالفشل للهرب من هذه الزيجة لكن والدي لم يتركني وأجبرني على الزواج منه بالإكراه، ولم أجد أمامي سبيلا غير الموافقة أملا في أن أعيش حياة مستقرة، وأشعر بآدميتي معتقدة آنذاك بأنه قد يكون زوجا صالحا وأمينا علي لكن كانت الصدمة الأولى عندما اكتشفت أنه متزوج من 3 نساء، وأجبرني أيضا أن أقيم معهن، فأصبحت لهن خادمة لا أكثر، وأن زواجي منه هو أن أكون خادمة لهن أنفذ كل ما يطلب مني دون نقاش أو اعتراض، ومعاملتهن لي بسبب الغيرة الشديدة لصغر سني، وكلما نشب بيني وبين إحداهن مشادة كلامية لم أذق منه إلا الاعتداء علي بالضرب والإهانة بكل أنواعها، غير معايرته لي لقيامه بالإنفاق على والدي وأشقائي وأمي المريضة، فيكون الصمت حالي، وتحملت ما لايتحمله بشر.

وبدموع ونحيب قالت.. لقد رزقني الله بطفل اعتقدت أنه سيشفع لي لديه بل ازدادت معاملته سوءا بسبب غيرة زوجاته مني، هربت من بطشه وأقمت دعوى طلاق لكن والدي أجبرني على العودة مرة أخرى رغما عني بعدما أقام زوجي دعوى طاعة، وعاقبني كما لو كنت حيوان، ونقلني للعيش في غرفة صغيرة فوق سطح المنزل الذي يمتلكه بعد أن كنت أعيش داخل شقة مثل زوجاته، وآخذ مني الطفل وحرمني من رؤيته.
ضاقت بي الدنيا وأقبلت على الانتحار أكثر من مرة بتعاطي الأدوية حتى أهرب من جحيم الحياة معه وزوجاته، وبأنامل مرتعشة تكشف عن يديها وكتفيها لتظهر كدمات داكنة اللون وتوضح بأن هذه الكدمات بأماكن متفرقة من جسدها، وبدت تتعاظم الدهشة على وجوه السيدات اللاتي يحيطن بها.

لم أتحمل القهر والذل ومعايرته لي، والضرب فلم أجد أمامي غير الامتناع عن الطعام حتى ذبل جسدي وتملكني الوهن والإعياء الشديد، واقتادوني إلى المستشفى لتلقي العلاج، لم تراودني نفسي ولو لبرهة وقررت الهرب من المستشفى ولجأت إلى صديقة لي تعرف مأساتي وما أمر به مع هذا الزوج الجاحد والأب الذي لا يعنيه من الدنيا غير تعاطي المخدرات والحصول على الأموال من زوجي.
وأجهشت الزوجة في البكاء قائلة: لذا حضرت لمحكمة الأسرة كي أطلب الطلاق منه واسترداد  طفلي وحصولي على نفقة.
انتبهن جميعهن على صوت الحاجب، وهو يدعوها للدخول أمام أعضاء مكتب هيئة تسوية المنازعات يرمقونها أثناء سيرها، بنظرات ولسان حال يقولن: اللي يشوف بلاوي الناس تهون عليه بلوته.

اقرأ أيضا|  «متخليش حد يحبطك».. رسالة من «زينة» لجمهورها

  

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة