د. سيف قزامل
د. سيف قزامل


مواجهة

الدكتور سيف قزامل: تغليظ عقوبة ضرب الزوجة يؤكد انتهاء عصر «سى السيد»

سنية عباس

الخميس، 25 فبراير 2021 - 09:07 م

 

أثار مشروع قانون تغليظ عقوبة ضرب الزوجات الذى تقدمت به النائبة أمل سلامة جدلا مؤخرا، لما يتضمنه من تعديلات على قانون العقوبات تصل بمقتضاها عقوبة تعدى الزوج على زوجته الحبس لمدة لا تقل عن ٣ سنوات وحتى ٥ سنوات، لما يسببه ضرب الزوجات من خطر على الأسرة المصرية ويهدد السلم الاجتماعى، وتتباين حول هذا التعديل الآراء الفقهية.. والقانونية الذى اعتبرته رأيا يتسم بالجرأة لإحياء أحكام قديمة سبق أن قضت فيها محكمة النقض المصرية بأنه لا يوجد فى القانون ما يسقط عقوبة الزوج عند ضرب زوجته وإن لم يتجاوز فى ضربها حدود حق التأديب.

 

وفى حوار مع د.سيف رجب قزامل أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر الشريف والعميد السابق لكلية الشريعة والقانون بطنطا يصحح المفاهيم المغلوطة لقوله تعالى: «واضربوهن»، وفهم المعنى الصحيح للقوامة، وهل تأديب الزوجة حق شرعى للزوج أم سلطة يمارسها وفق ضوابط شرعية وقانونية، وفى هذا السياق يجيب على تساؤلات كيفية إثبات ضرب الزوج لزوجته وغالبا ما يحدث بدون شهود؟ وهل تغليظ العقوبة سيكون سببا لخراب البيوت كما يتخوف البعض منه لتشجيع الزوجات على مقاضاة أزواجهن؟ وما عقوبة الزوجة التى تدعى كذبا ضرب زوجها للانتقام منه؟ وماذا عن الحكم الشرعى لضرب الزوجة لزوجها؟.

يقول: أحاط الله سبحانه عقد الزواج بأحكام مهمة لحقوق وواجبات الحياة الزوجية فى القرآن الكريم إذا رعاها كل من الزوج والزوجة لتحققت الرحمة والمودة بينهما قال تعالى: «ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن فى ذلك لآيات لقوم يتفكرون»، وهذا هو الاجتماع الجميل فيجمع الله عز وجل بين رجل وامرأة لا يعرف أحدهما الآخر، إلا قبل الزواج بفترة قليلة وينشأ الحب بينهما فى إطار هذا الميثاق الغليظ الذى ينادى بالمعروف بين الزوجين عبر عنه القرآن الكريم بقوله تعالى: «وعاشروهن بالمعروف» وهى كلمة جامعة تقتضى مراعاة الزوجة أمور زوجها وبيتها ويعاملها الزوج بحنان وعطف مقتديا بالرسول صلى الله عليه وسلم حيث كان يمازح زوجاته ويحلب شاته ويساعد أهل بيته، وبهذا العقد الجميل لن تصل العلاقة بينهما إلى ضرب الزوج زوجته للتأديب وهو من الأسباب الدافعة للشقاق بينها فتقل نسب الطلاق لتعود لما مضى فى أحوال الأسرة المصرية حيث كانت شبه معدومة لتقديس الحياة الزوجية، وفى النص القرآنى علاج ربانى بتدرج وسائل تأديب الزوجة التى يخشى من نشوزها، أى تعصى وتخالف ولا تستجيب لحقوق زوجها الشرعية وربما تفهم أن طاعة الزوج يخل بكرامتها والصحيح أن الطاعة فى أمور النكاح والعلاقة الزوجية من لوازم العشرة، وفى هذا المقام تصحيح للفهم الخاطئ لبعض ما ورد فى قوله عز وجل: «واللاتى تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن فى المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا»، وعليه يبدأ التأديب بالموعظة برفق ولين ثم العلاج الثانى الهجر فى المضاجع وليس هجر المضاجع ذاتها، والعلاج الثالث فى قوله تعالى: «واضربوهن» الذى يجهل معظم الأزواج ضوابطه وفق ما حددته الشريعة الإسلامية فلا يضربها الزوج كما يضرب الدابة ومن شروطها ألا يكسر عظما أو يؤذى عضوا ولا يجوز للزوج أن يضرب باليد أو على الوجه ولا يخدش الجسد ولا يترك أثرا يظهر للناس أو أثرا نفسيا والمراد به ضرب رمزى بالمسواك مثلا وما على شاكلته ليشعرها فقط بالتأديب دون إيلامها، وإذا لجأ الزوج إلى الضرب المبرح مباشرة كان فعله غير مشروع ويعاقب عليه القانون بوصفه يشكل جريمة ومن حق الزوجة شرعا أن ترفع الأمر للقضاء ليقتص من الزوج لتجاوزه فى عدم فهم الشرع.

ويضيف: فى حالة عدم وجود شهود لإثبات واقعة الضرب تطلب الزوجة من الزوج أن يحلف اليمين وإن كذب يكون ذليلا أمامها ويكون حلفه يمينا غموسا وهو الذى يتعمد صاحبها الحلف على الكذب وقال الرسول صلى الله عليه وسلم فى عقابه: «من حلف على يمين ليقتطع بها مال إمرئ مسلم بغير حق فقد أوجب الله له النار وحرم عليه الجنة، وفى لفظ آخر لقى الله وهو عليه غضبان»، ويتابع: سكوت الزوجة فى حالة الضرب يساعد الأزواج على التمادى فى ذلك فعليها أن تعترض وتستغيث وتفضح زوجها أمام أهله وأهلها وهذا ما تفعله الفتيات والسيدات حاليا عندما يتعرضن للتحرش فيلجأن للقضاء وهو ما لم يكن يحدث من قبل خجلا، والوسيلة الرابعة أن يلجأ كل من الزوجين لأهله ليكون هناك حكم من أهله وحكم من أهلها عند استحالة التفاهم بينهما وقبل وقوع الطلاق الذى غالبا ما يكون بسبب الضرب أو السب الذى لا يقل امتهانا عن ضرب الزوجة لعدم تحكم الزوج فى كظم غضبه ويسبها بأهلها وربما تخشاه ولا تحترمه وهنا أنبه الزوجة أن تكون واعية وتعترض على مثل هذا الفعل حتى لا يكرر الزوج هذا السلوك المهين له قبل أن يكون مهينا لزوجته.

ومن المفاهيم المغلوطة التى تتسبب فى الإساءة والقسوة للزوجة معنى القوامة قال تعالى: «الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم»، فالقوامة تكليف وليست تشريفا فيشفق الزوج على زوجته وأولاده ويصبر عليها بعد أن انتقلت من بيت أسرتها إلى بيت زوجها، لتكون مسئولة ومساوية للرجل فى إدارة الحياة الزوجية يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته»، والزوج القيم على زوجته أمين عليها يتولى أمرها ويحوطها ويعتنى بها ويهتم بمصالح الأسرة وتدبير احتياجاتها ويحميها وينفق عليها، وإذا لزم التأديب ففى حدود المنهج الربانى، أما فهم القوامة على أنها استبداد واستعباد فهذا خطر يهدم الأسرة ويهدد السلم الاجتماعى، فالحياة الزوجية ينبغى أن تقوم على التشاور ويقدر الزوج رأى زوجته فى كل صغيرة وكبيرة وعليها أن تحفظه فى ماله وأولاده لاستمرار العشرة بالمعروف بينهما، وحتى فى حالة الانفصال تقوم أيضا على التراضى والتشاور لقوله تعالى: «فإن أرادا فصالا عن تراض منهما وتشاور فلا جناح عليهما»، ويؤكد: د.قزامل: نظام «سى السيد»، واكتفاء الزوجة بكلمتى حاضر وطيب بدون تحقيق المودة والرحمة ليس من الإسلام، وعلى الرجال أن ينتبهوا إلى أن الزوجة وخاصة العاملة التى تشاركه أعباء الحياة فى وقتنا هذا وتبذل من الجهد الكثير يجب تمكينها من التوفيق بين واجبات الأسرة ومتطلبات العمل.

ويستطرد: إذا ابتليت الزوجة بزوج يسيء معاملتها ويضربها وتحاول رد الإساءة بالمثل فتضرب زوجها دفاعا عن نفسها، نقول لها: لا يصح للزوجة أن تقوم بضرب زوجها، ولكن ترفع الأمر إلى القضاء وكما أعطى الإسلام الزوج حق الطلاق، فالرجل الذى يسيء العشرة وتكون زوجته مستقيمة أعطاها الإسلام أيضا حق الخلع، ويقول الشرع فى ذلك إذا تم الاعتداء على المرأة من الرجل وترى أنه يستحق القصاص لا تضربه والقاضى يقتص منه أمامها، وفى حالة ادعاء الزوجة كذبا ضرب زوجها لها للإضرار به فعلى الزوج بالمثل أن يطلب منها حلف اليمين وحكمها مثل حكم الرجل عندما يحلف كذبا باليمين الغموس، وهذا يوجب أن تتعلم الفتيات ما لهن من حقوق وما عليهن من واجبات قبل الإقدام على الزواج وعلى الرجال مثل ذلك تجنبا لكثير من المشاكل.

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة