آمال عثمان
آمال عثمان


أوراق شخصية

أوراق شخصية| أزمة الفقر التعليمي!

آمال عثمان

الجمعة، 26 فبراير 2021 - 07:39 م

أغلب أزمات ومشاكل المجتمع المصرى − إن لم تكن كلها − ناجمة عن الجهل وعدم الوعي، وتدهور مستوى جودة التعليم من سيئ إلى أسوأ، والرضوخ إلى التبسيط المخل للمناهج، وللمعلومات التى ينبغى أن يتحصل عليها الطالب، إرضاءً لأولياء الأمور، حتى تجاوز التبسيط كل الحدود، وصار خطرا على التطور العقلى المجتمعي، ومهددا له بصورة مخيفة، ومرسخا لما يسمى بنظام التفاهة، ومعلنا عن ظهور جيل من الأميين الجدد.

 

وما زاد الطينة بلة حالة التساهل والتهاون فى ظل جائحة كورونا، ليصل الأمر إلى حد تسهيل وتبسيط الامتحانات، واختزالها فى امتحان مجمع يشمل عددا من الأسئلة فى كل المناهج، وعلى الطالب اختيار الإجابة الصحيحة من ورقة الأسئلة، بالله عليكم.. ما هذا العبث التعليمي؟! كيف نحدد مدى استيعاب الطالب للمناهج التعليمية؟! وقدرته على الكتابة والتعبير والفهم والتحصيل، واختبار المستوى العلمى الذى يؤهله للانتقال من الفصل الدراسى إلى الأعلى؟!

 

إن بعض الدول ألغت العام الدراسى، وأضاعت عاما كاملا على الطلاب، ولم ترضخ للضغوط المجتمعية، حتى لا ينحدر المستوى التعليمى، ويتخرج شاب غير مؤهل علميا، صحيح أن وزارة التربية والتعليم بذلت مجهودا محمودا على المنصة التعليمية، وأنفقت عليها الكثير من الأموال، ولكن الصحيح أيضا أن الطلاب لم يشعروا بالمسئولية، ولم يبذلوا أدنى مجهود فى المذاكرة والتحصيل منذ أزمة كورونا، وتهاون الأهالى مع الأبناء، بل يشجعونهم على الغش واستخدام وسائل غير مشروعة للنجاح، والحصول على شهادات بدون تعليم، ويرفضون ذهابهم للمدارس والجامعات خوفا عليهم، ولا يمانعون فى ذهابهم للكافيهات والنوادى والمولات، ويعتبرونهم فى إجازة شتوية!!.

 

إن التقرير المشترك للبنك الدولى ومنظمة اليونسكو، يعكس مدى تفاقم أزمة الفقر التعليمى بشكل يدعو إلى القلق على مستقبل الجيل، والارتفاع فى أعداد الأطفال الذين يبلغون العاشرة، ومازالوا غير قادرين على قراءة نص قصير يناسب أعمارهم، من 53% إلى 63% بسبب إغلاق المدراس بعد كورونا، مقابل 9% فقط فى البلدان الغنية، واتساع فجوة الإنفاق التعليمى بين البلدان الغنية والفقيرة، بسبب خفض الميزانية نتيجة الجائحة، حيث كانت تعادل 48 دولارا سنويا لكل طالب، مقابل 8501 دولار فى الدول الغنية! .

 

يا سادة.. إن الاعتراض على الأسلوب الجاف والعسير والمستغلق، لا يعنى تسطيح المناهج والاستهانة بالمعلومات المهمة وتسخيفها، والتهاون فى تقييم مستوى الطالب، وإنما باستخدام أساليب تدريس مبسطة، ومفاهيم غير معقدة تُكسب الطلاب اتجاهات وقيما تعليمية، فليست هناك جريمة أكثر فداحة من التبسيط العلمى الساذج، الذى ينزل بالمعرفة إلى مستوى قدرات غير العارف، بدلا من رفعها إلى مستوى المعرفة التى ينبغى الوصول إليها!.

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة