محمد الشماع
محمد الشماع


يوميات الأخبار

ما لم يكتبه أنيس منصور!

الأخبار

الثلاثاء، 02 مارس 2021 - 09:10 م

محمد الشماع

رفع المتظاهرون صورة غلاف المجلة ردا على كذب وانتهازية وتضليل الجماعة المحظورة لكشف محاولتها السطو على الثورة من قلب ميدان التحرير!

عندما كنت رئيسا لتحرير مجلة آخر ساعة كنت أتلقى بكل سعادة إشادات وتهانى القراء من مصر وخارجها والمصادر الصحفية من مسئولين وشخصيات عامة. لكن كانت أكثر الردود أثراً تلك التى تأتى من الأسرة الصحفية، حيث كان إحساس الأسرة هو السائد رغم وجود المنافسة، ولكن المنافسة لم تكن تمنع الأساتذة والزملاء من الإشادة بعمل منافس.
كان أول لقاء بالكاتب الصحفى الكبير الأستاذ مكرم محمد أحمد القامة الصحفية الكبيرة، وكانت الإشادة الأولى التى تلقيتها منه عقب انتهاء المؤتمر الجماهيرى للرئيس الأسبق حسنى مبارك فى مدرسة المساعى المشكورة بمدينة شبين الكوم بمحافظة المنوفية والذى أعلن فيه ترشحه للرئاسة لفترة رئاسية سادسة فى العام ٢٠٠٥.
تصادف أن تقابلت مع أستاذنا الكبير مكرم الذى بادرنى قائلا: برافو يا محمد انت عامل شغل هايل.. مازالت تلك الكلمات تتردد فى أذنى ولن أنساها أبدأ.. فى العام ٢٠٠٦ شكلت رئاسة الجمهورية بعثة رسمية وشعبية للسفر إلى لبنان تضامنا مع الشعب اللبنانى الشقيق ضد الغزو الإسرائيلى كان الوفد يضم بعض رؤساء تحرير الصحف المصرية القومية والحزبية والمستقلة والفنانين والوزراء  والسياسيين فى استراحة الرئاسة بمطار القاهرة فوجئت بالكاتب الصحفى والمفكر  الكبير الأستاذ حلمى النمم وزير الثقافة الأسبق يلتفت نحوى ويصافحنى مشيدا بمجلة آخر ساعة والتطور الذى حدث بالمجلة شكلا ومضمونا وكان سعيدا وهو يهنئنى بالنجاح الذى تحقق، علما بأن الأستاذ حلمى كان رئيساً لتحرير مجلة المصور العريقة خلال تلك الفترة. تلك التهنئة كان لها أثر عميق جدا فى نفسى وشعرت بسعادة غامرة لأنها من أستاذ وصحفى كبير ومفكر له قدره.
هذه الرحلة كان مشاركا فيها الكاتب الصحفى الكبير الأستاذ عادل حمودة فى بيروت، صافحنى الكاتب الموهوب والمتميز وإذا به يهنئنى ويشيد بالمجلة إشادة اعتز بها ما حييت كما أشفق علىّ من حجم مشاكل ومسئوليات رئاسة تحرير بحجم آخر ساعة، خاصة فى ظل الظروف الصعبة التى بدأت تهاجم الصحافة القومية  ماليا وإداريا مع بداية ظهور وسائل التواصل الاجتماعى.
أبدع محاور
فى أول اجتماع للمجلس الأعلى للصحافة تحينت الفرصة عندما وجدتنى أجلس فى مواجهة أروع وأبدع محاور، الصحفى الكبير مفيد فوزى، فوجهت له التحية فإذا بالأستاذ يرد التحية بأحسن منها، بل وختمها بطريقته المحببة وكلماته السريعة التلغرافية المعبرة بدقة قائلا: يا محمد انت عامل حاجة كويسة قوي! ظللت أشكره إلى أن بدأ الاجتماع .
عقب أحد الاجتماعات بالمجلس الذى كان يضم الكاتب الكبير الأستاذ صلاح منتصر وعلى باب القاعة إذا بالأستاذ يقول لى: آخر ساعة كويسة جدا فكرتنا بأيام زمان.. الكاتب الكبير كان أحد نجوم وأعمدة آخر ساعة خلال سنواتها الذهبية وسط كوكبة من كبار الصحفيين والأدباء والمفكرين.
أستاذ الأجيال
أما أكثر ما أسعدنى حقيقة من أستاذ الأجيال الكاتب الصحفى الكبير أستاذنا لويس جريس رحمه الله الذى تعلمت  منه الكثير من خلال ما كان يكتبه فى مجلة صباح الخير التى كان رئيسا لتحريرها قبل سنوات.. ومن حسن حظى أن جمعتنا جلسات عمل تحت قيادته طوال خمس سنوات من عمر المجلس الأعلى للصحافة.. وقال لى انت نجحت بشكل كبير فى آخر ساعة وبتعملوا مجلة ممتازة.. أنا بأحييك على هذا. تلك الكلمات من أستاذ تعلم على يديه أجيال وله مكانة رفيعة فى عالم الصحافة والمجتمع هى التى كانت الدافع الرئيسى الذى كان يمدنى بالقوة لمواصلة العمل واستمرار النجاح مع زملائى بالمجلة.
رئيس التحرير  المنافس
رغم التنافس الشديد بين مجموعة رؤساء التحرير الذين تم تعيينهم فى العام ٢٠٠٥ وكان منهم صحفيون متميزون، منهم من اقترب من جيل الأساتذة الكبار كان الزميل عبدالله كمال رئيس تحرير روزاليوسف من ألمع الصحفيين وأكثرهم قدرة وكفاءة وكان هناك تنافس كبير بين روزاليوسف العريقة وآخر ساعة صاحبة التاريخ الصحفى الذى لا ينسى .
فى إحدى الرحلات الرئاسية وانا فى مقعدى بالطائرة وصل عبدالله كمال وقبل أن يلقى علينا السلام قال بصوته المميز يا استاذ شماع موضوع الغلاف بتاعك رائع.. ممتاز انتم عاملين شغل هايل وكان الغلاف انفراداً عن اختفاء سفينة صيد مصرية بالقرب من المياه الإقليمية السودانية بالبحر الأحمر وأرسلت المجلة الزميل علاء عزمى إلى السودان واقترب من مكان الحادث وأجرى مقابلات مع المسئولين بالسودان وبالسفارة المصرية فى الخرطوم.
أنا منير عامر!
الكاتب الكبير الذى تعلمت منه قبل أن أشرف بالعمل فى بلاط صاحبة الجلالة وشرفت بمكالمته هو أستاذنا الكاتب الكبير منير عامر أطال الله فى عمره ومتعه بالصحة والعافية.. فوجئت بمكالمة من رقم موبايل لا أعرفه.. فتحت التليفون وسمعت صوتا هادئاً ومريحاً يقول: يامحمد.. أنا منير عامر.. أهلا ياريس..
ثم قال لي: أنا باكلمك من تليفونى الخاص من على البلاج عشان اقولك آخر ساعة ممتازة والموضوعات متنوعة وجميلة، وأخذ بكيل المديح وأنا فى حالة من الفرح والسعادة لمجرد الاتصال، فما بالك بهذه الإشادة من أستاذنا العظيم. استمر الحوار وأنا أتلقى منه النصائح الصحفية التى لا تقدر بثمن واختتم المكالمة بتمنياته باستمرار النجاح وان اتواصل مع الاستاذ الذى شكرته كثيرا ودعوت له بالصحة والعافية وان يمتعنا بكتاباته وإبداعاته.
تلك الإشادات التى تلقيتها من أساتذة كبار فى بلاط صاحبة الجلالة كنت انقلها لزملائى من الشباب والكبار بالمجلة لأنهم يستحقون هذه الإشادات نتيجة عملهم وجهدهم، وكانت تمثل لنا قوة دفع جبارة على الاستمرار فى العمل والتمييز والتفوق.
عاشق الصحافة
أما التهنئة التى كانت تتبعها دروس فى الصحافة تلك ما كان يرشدنى إليها أستاذ الأجيال الكاتب الصحفى الموهوب محسن محمد أحد النجوم البارزين من أبناء أخبار اليوم الذى أثرى المكتبة الصحفية بالعديد من الكتب والمؤلفات والترجمات الصحفية والسياسية التى كانت تستشرف مستقبل العمل الصحفى وتنتقد ما يجرى فى الحاضر. كان أستاذنا حريصا على أن ينشر  مقالاته وإبداعاته  فى آخر ساعة حتى عندما كان رئيسا لمجلس إدارة دار التحرير ورئيس تحرير جريدة الجمهورية.
اتصل بى الأستاذ مشيداً بالتغييرات التى حدثت بالمجلة من حيث الشكل والمحتوى التحريرى، لم يكن الاتصال للتهنئة فقط، لكنه كان يعطينى دروساً فى الفن الصحفى ويرصد ملاحظاته على المجلة لكى ينبهنى لإصلاحها.
كنت أشعر خلال مكالماته أنه سعيد بالنجاح والتطور الذى تحققه المجلة التى حرص على الكتابة فيها حتى وفاته!
الأديب العالمى عندنا!
خلال زيارتى للاديب العالمى جمال الغيطانى وبمجرد أن جلست فإذا به يبدى دهشته  لى مما سمعه من الفريق يوسف صبرى أبوطالب محافظ القاهرة فى تلك الفترة ووزير الدفاع المصرى بعد ذلك.. وبطريقته الجذابة فى سرد الأحداث قال: تصور أن سيادة الفريق يوسف صبرى أبوطالب اثناء لقائى معه أبدى إعجابه الشديد بما اكتبه فى آخر ساعة وانه رغم كثرة مشاغله ومسئولياته حريص على قراءتها!
قلت للأستاذ جمال وانا ابتسم: والله ده شرف كبير لآخر ساعة ان تمدها بإبداعاتك دون انقطاع.. بادلنى الأديب العالمى بابتسامة بها تعجب ودهشة من أن تأتيه الإشادة من قراء آخر ساعة ربما قارن ذلك بما يكتبه فى مجلات وصحف فرنسية!
صاحب مواقف
أما الشهادة التى تختلف عن كل الشهادات فكانت من الكاتب الكبير أنيس منصور لأنه الوحيد من هؤلاء الكبار الذى سبق له أن رأس تحرير آخر ساعة.. كنا ننشر سلسلة من الملفات عن رؤساء تحرير المجلة وكبار الصحفيين والأدباء والمفكرين الذين أثروا المجلة بإبداعاتهم بمناسبة اقتراب احتفال آخر ساعة بعيدها الماسى ومرور ٧٥ عاما على إصدارها.
عقب نشر الملف الخاص بالأستاذ أنيس اتصل وتوقعت أن يوجه لى العتاب عن أخطاء تكون قد وردت بالملف الذى نشرناه.. وذلك غالبا ما يحدث ان من يتصل بك يكون له موضوع أو خبر به خطأ أو له ملاحظة غير ايجابية ويريد أن يعاتبك أو يقول لك إن صورته وحشته وأن المدام زعلانة جدا من نشرها وأرجو رفعها من الارشيف بتاعكم.. هوه مفيش غيرها.. فأقول له بسيطة.. ابعث غيرها (!) أما أن يتصل بك مصدر لكى يبدى إعجابه الشديد بالموضوع الذى نشرته المجلة ويكون من أساتذتنا فهذا نادراً ما يحدث، لكن ذلك ما فعله الأستاذ الذى أبدى إعجابه بما نشر عنه ووعدنى بأنه سيكتب عن انطباعاته عن نجاحات آخر ساعة فى عموده اليومى الشهير مواقف بجريدة الأهرام.. لكنه فى الحقيقة لم يكتب!
إشادة شعبية
إشادات كثيرة، لكن المفاجأة الكبرى أن هناك إشادة شعبية وجماهيرية خرجت بصورة تلقائية وربما لم تحدث من قبل فأثناء انهيار نظام مبارك فى فبراير ٢٠١١ بدا واضحاً أن جماعة الإخوان الإرهابية المحظورة تسطو على الثورة من قلب ميدان التحرير، فقام المتظاهرون برفع صور غلاف آخر ساعة تتصدره صورة مهدى عاكف مرشد جماعة الإخوان المحظورة وتصريحاته الخطيرة التى يؤكد فيها أنه «يؤيد مبارك» ويتمنى الجلوس معه وكان هذا أول وأجرأ حوار ينشر فى إحدى الصحف القومية لمرشد الجماعة  المحظورة كشف فيه كثيراً من الأسرار التى لم تنشر وتحدث عن العلاقة بين نظام مبارك والجماعة المحظورة، وأجرى الحوار الذى أحدث ضجة سياسية وصحفية داخليا وخارجيا الصحفى القدير الصديق حسن علام.
يوميات الصديق
مر شريط تلك الذكريات أمامى سريعاً وأنا أقرأ يوميات الصديق وليد عبدالعزيز مدير تحرير الأخبار عضو الهيئة الوطنية للصحافة وإشادته بزملائنا من شباب الصحفيين المتميزين وكفاءتهم العالية وبالتطوير الذى تحقق لجريدتنا الأخبار بقيادة الصديق خالد ميرى رئيس التحرير الذى أحدث تغييرا يستحق التهنئة وكل التقدير والتشجيع على استمرار النجاح والتألق فى سماء صاحبة الجلالة مادام قيادات وأبناء أخبار اليوم يسيرون على نهج العمالقة أساتذتنا العظام وروح الأسرة التى تجمعنا وهى سر قوتنا وتفوقنا.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة