صورة موضوعية
صورة موضوعية


تجوزيه ولا تحبسيه؟

مشروع قانون الأحوال الشخصـــــــــــــية فى مرمى الزوجة المصرية

أميرة شعبان

الأربعاء، 03 مارس 2021 - 08:24 م

الزواج..تلك الكلمة المقدسة التى ارتبطت دائما بالاستقرار والأمن والدفء، تحولت فجأة وخلال أيام بسيطة إلى مادة للجدال والنقاش داخل كل بيت مصري، بعد أن وافق مجلس الوزراء المصرى من حيث المبدأ على مشروع قانون جديد للأحوال الشخصية، يتضمن عقوبة حبس الزوج سنة أو تغريمه من 20 إلى 50 ألف جنيه، فى حال زواجه من أخرى دون إعلام زوجته الأولى.
وفى الوقت الذى انقسم فيه الجميع ما بين رافض للمقترح تعاطفاً مع الزوج، وبين موافق على عملية حبسه، نسى الجميع أن الزوجة هى العنصر الرئيسى فى هذه الحالة فهى من بيدها «حبسه» أو «مباركة زواجه من أخرى»،... ومن هنا قررنا فى «ألف عيلة وعيلة « التحدث مع الزوجات لمعرفة كيف سيكون تصرفها إذا تزوج عليها دون علمها؟!.

فى البداية حرصنا على التحدث مع زوجات فى متوسط العمر، ومنهن مروة محسن، 30 عاما، زوجة وأم لطلفة تبلغ من العمر 4 سنوات، والتى ردت مسرعة «أنا مش غبية عشان أبلغ عنه علطول كدا ويتحبس ويدفع غرامة وأنا مستفدش بأى حاجة وأنا لسة فى عز شبابي»، فمروة ترى أن خيانة الرجل وتزوجه دون علمها بالرغم من عدم تقصيرها معه أمر يجب أن يحاسب عليه بشكل آخر قبل الإبلاغ عنه قائلة : « أول ما أعرف بعملته هساومه طبعا مقابل إنى مبلغش عنه، يعنى يكتب العربية والشقة باسمى مثلا، أو يحطلى مبلغ محترم فى البنك، أهى حاجة أضمن بيها مستقبلي، بعد كدا طبعا لازم أبلغ عنه عشان بصراحة أى راجل يعمل العملة دى من غير ما يراعى مشاعر مراته أو حتى يبلغها يستاهل الحبس».

أما أميرة صلاح، زوجة وأم لثلاثة أطفال فأكدت أن الأمر ليس بهذه السهولة والمرأة لديها طرق أخرى تستطيع أخذ حقها بها دون أن تبلغ الشرطة، فقالت : «موضوع إنى أحبس أبو بناتى دا مظنش أنى هعمله لو اتجوز من ورايا، طبعا هو خاين لكن علشان خاطر البنات مش هحبسه، بس هاخد حقى بدراعى وممكن توصل إنى اضرب مراته كمان، ودا حقى طبعا مش خطفته منى، وبالنسبة للفلوس هيدفع مصاريف البنات غصب عنه مش بمزاجه مش كفاية إنى فضلت على ذمته بعملته دى ومسجنتوش».


لما كان للعشرة الطويلة دور كبير فى تحديد الزوجة الأولى لموقفها من زواجه بأخرى، فحرصنا على التواصل مع زوجات تعدت عشرتهن مع أزواجهن عدة عقود ونتج عن الزواج أولاد فى مراحل عمرية مختلفة، ومنهن رشا إدريس، زوجة وأم لـ4 أطفال، وتعمل استشارية صحة نفسية وارشاد أسرى وتربوي، فأكدت أنها لن تتنازل عن زوجها بل أن زواجه من أخرى دون علمها يتيح لها فرصة كبيرة أن تمسك عليه «ذلة» مقابل عدم حبسه.
وأكدت أنها ستتبع معه إستراتيجية « يا أنا يا الحكومة»، بمعنى إنها لن تتركه يدفع 50 ألفاً للحكومة بل يجب أن تكون هى المستفيدة، وروت رشا إمكانية تحقيق ذلك قائلة: « إحنا مش هنغلب ابسط حاجة همارس كل أنواع الذل معاه ومع مراته، يعنى يا يدفع الغرامة للحكومة ويتحبس أو ينفذلى طلباتى البسيطة، خروجة مثلاً كل أسبوع أويعمل معايا شغل البيت،وكمان بقى الأكل من برا لما ميكونش ليا مزاج أطبخ، وهو بقى يختار يصرف عليا ولا على الحكومة، ولو رفض هوا تليفون واحد لمراته الجديدة يا إما تخليه يسمع الكلام يا أبلغ عنه بقى واحرمها منه».

أما نهى سليمان، زوجة وأم لطفلين فأشارت إلى أنها منذ أن اطلعت على مقترح القانون وهى تسأل نفسها سؤالاً «انا استفدت ايه لما هو يدفع الغرامة، ومين هيصرف على البيتين أصلاً لو اتحبس خصوصاً لو هى حملت كمان بقى»، ومن هنا بدأت فى التفكير لتحويل الأمر لميزة لها ولأطفالها، قائلة: «بصراحة مش كل اللى بيتجوز تانى بيبقى معاه فلوس زيادة كتير احيانا بيكون على قد البيتين بس، وعلشان كدا هاستغل الموقف واستفيد من مراته وانتقم منها فى نفس الوقت يمكن تطفش هى لوحدها، وهيكون شرطى مقابل إنى مبلغش عنه إنها تيجى تسكن معايا فى نفس البيت، وانا هقدر بطريقتى اطفشها أو اتعود عليها بقى ويبقى مكسب وجود حد تانى معايا يساعدنى فى البيت ويشوف الأولاد وطلباتهم».
لكن مهما تعددت الآراء فتبقى حالة واحدة متبقية وهى طلب الزوجة للطلاق دون إبلاغ، وهو ما رأت إسراء نصر أنه المناسب لها قائلة : بطبيعة شغلى بشوف مهازل كتيرة فى محاكم الأسرة وأطفال فى النص بيضيعوا فأنا مش هعرض أولادى لحاجة زى كدا ابدا فى المستقبل، ومش ممكن احبس والدهم فالطلاق انسب شىء.

وكيل كلية الدعوة بجامع الأزهر السابق:الإسلام لم يجعل علم «الأولى» شرطاً لصحة الزواج

بعد استعراض الأمر تواصلنا مع الدكتورمحمود الصاوى استاذ الثقافة الإسلامية، والوكيل السابق لكليتى الدعوة والإعلام جامعة الأزهر بالقاهرة، ليفسر لنا بعض الأمور الخاصة بهذا القانون.
هل يجوز للزوجة الإبلاغ عن زوجها وحبسه أو تغريمه إذا ما تزوج عليها دون علمها؟
- علينا جميعا أن نعلم أن لجوءها للقانون فى هذه الحالة ليس لحرمة الزواج الثاني، لكن إذا تسبب فى ظلمها أو ظلم أولاده منها وضيق عليهم فى النفقة مع قدرته، فهنا الزوجة لها حق فى أن ترفع أمرها للقضاء لينصفها من زوجها.
فإذا ما كان عاش معها وأنجب منها البنين والبنات وبعد سنوات طويلة ذهب ليتزوج بأخرى، وكل ما حصله من رزق مادى أو معنوى وهو مع زوجته الأولى يحرمها من ثماره ويضيق عليها، حينئذ ترفع أمرها للقضاء لكن المشكلة عمليات التدليس التى تتم أمام المحاكم والكذب وادعاء الفقر وإخفاء مصادر الدخل، وهذا ما تدفع الزوجة الأولى وأولادها ثمنه غالياً.
اذن من الأساس هل يباح للرجل الزواج دون إعلام زوجته الأولى؟
- لم يجعل الإسلام علم الزوجة الأولى شرطاً من شروط صحة الزواج بالثانية، فإذا ما تم يكون صحيحاً وتترتب عليه كافة الآثار الشرعية للزواج.
لكن الحقيقة انه ليس من الحكمة بأى حال أن يقوم الزوج بإخفاء زواجه، فكتمان الزواج له مشاكل وسلبيات كثيرة، ولايخفى أن الأساس فى عقد الزواج الصدق وعدم الغش والتدليس لأنه فى حالة عدم معرفة المرأة بارتباط زوجها بأخرى قد يلحق بها الضرر وبالأبناء فالإعلان حفظ لحقوق الزوجتين.

خبير قانونى: يكشف حيل تهرب الرجال من المساءلة!

من جانب آخر تواصلنا مع المحامى احمد عبد الجليل ليفسر لنا تبعات الامر من الجهة القانونية.
هل يساعد هذا المقترح على انتشار الزواج العرفى بالفعل؟
بالطبع فعملية الحبس أو التغريم تشجع وتدفع الرجل للجوء للزواج العرفى منعاً للمساءلة القانونية، فلا تعرف الزوجة الاولى شيئا، كما أن الزوجة الثانية عادة لا تمانع حتى تحافظ عليه وتتزوجه، فهذا القانون سيجعل من كل 10 حالات زواج 8 منها عرفيا على الأقل.
سمعنا أنه من الممكن أن يتلاعب الزوج بالقانون حتى يهرب من المساءلة .. هل هذا صحيح؟
نعم، فعادة يتم استغلال كل كلمة وكل حرف فى القانون للبحث عن مخرج، ومن الممكن أن يلجأ الزوج للتلاعب بعدة أشكال أولها الطلاق الغيابى أو الرجعي، فيطلق الأولى غيابياً ثم يتزوج الثانية ويأخذ منها موافقة كتابية، وبعدها يعيد الأولى لعصمته قبل انتهاء عدتها، وبالتالى لا يوجد عليه أى غبار.
أما الطريقة الثانية فهى إعلام الزوجة الأولى بالزواج على محل إقامة مختلف عن إقامتها الفعلي، يكون داخل نفس القرية أو المنطقة لكنه ليس عنوانها الفعلي، ويتم إرساله عن طريق البريد بالطبع، ومن هنا يخلى الزوج ذمته، ويكون المبرر عدم علمها أنها لم تستلم الإعلام أو لم تكن متواجدة بالمنزل.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة