نوال مصطفى
نوال مصطفى


حبر على ورق

عن (الغارمات) سألونى

نوال مصطفى

الأربعاء، 03 مارس 2021 - 09:09 م

سألتنى مذيعة البرنامج الصباحى بإحدى القنوات الفضائية عن واقع قضية الغارمات فى مصر، وهل يصل عددهن إلى 30 ألف غارمة؟ قلت: إن هذا العدد غير دقيق لأن السجون المصرية مجتمعة لا تصل أعداد السجينات اللاتى يقضين العقوبة فيها عن مختلف الجرائم إلى هذا الرقم. قلت لها: عندما نتحدث عن هذه القضية الشائكة ليس الرقم هو المهم، ولا حتى مسألة تسديد الديون عن الغارمة والإفراج عنها لتعود لبيتها وأولادها، ولكن كيف نفكر فى هذه القضية بشكل علمى؟ كيف نصل إلى جذور المشكلة؟ المطلوب فى رأيى هو أن نقدم حلولا واقعية، عملية تفيد الغارمة والمجتمع كله بشكل عام.
من واقع خبرتي وعملي الطويل مع السجينات، ولأنها القضية التى وهبتها وقتى وفكرى اشتغلت من خلال جمعية «رعاية أطفال السجينات» للوصول إلى نموذج للتعامل مع هذه القضية الإنسانية القاسية يعتمد على أربعة محاور: الأول هو تسديد الديون والإفراج عن السجينة، أو إنقاذ اللواتى صدر بحقهن أحكام نهائية وهاربات من تنفيذ الأحكام. الثاني هو رسم خارطة طريق للتعامل مع هذه الإنسانة بعد خروجها من السجن، لأننا اكتشفنا أن إنقاذها من شبح السجن ليس هو نهاية مشكلتها، والكثير ممن سددنا ديونهن عدن مرة أخرى إلى السجن إما بنفس الجريمة، أو غيرها.
لماذا؟ لأن الأسباب التى وقعت بسببها فى السجن لاتزال قائمة، الفقر المادي، أو فقر الفكر «التعبير العبقرى للدكتور يوسف إدريس فى كتابه: فقر الفكر.. فكر الفقر» أى إنهن يتصرفن بطرق تزيد الطين بلة، فتتزايد ديونهن وتتعدد إيصالات الأمانة التى تصدر بصددها أحكام جيدة وعقوبات ممتدة.
الوصمة الاجتماعية كذلك تضع السجينة السابقة ـ أيا كانت جريمتها ـ فى خانة النبذ والرفض الاجتماعى. لذلك عندما فكرنا فى التخطيط لمبادرة «حياة جديدة» وضعنا المحاور الثلاثة الأخرى بالتوازى مع المحور الأول الذى يركز على تسديد الديون.
المحور الثانى هو التأهيل النفسى للسجينة السابقة والهدف منه هو مساعدتها على تقبل ذاتها ومحو الوصمة من داخلها، ومساندتها فى مواجهة المجتمع بشجاعة وثقة. المحور الثالث هو التدريب والتشغيل من أجل دمج السجينة السابقة فى المجتمع كمواطنة صالحة تعمل من أجل رزقها. المحور الرابع هو العمل على تعديل القانون وهو ما نشتغل عليه منذ أربع سنوات ولانزال نحشد أهل القانون وممثلى الشعب فى مجلسى النواب والشيوخ من أجل التصديق على التعديلات المهمة فى قانون الجنايات حول المادة 341 التى تسجن المرأة أو الرجل طبعا بسببها والتعامل مع إيصال الأمانة باعتباره دينا مدنيا وليس جنائيا، واستبدال عقوبة السجن بالخدمة العامة.
الطريق لايزال طويلا يحتاج إلى مزيد من الشغل فى هذه القضية الشائكة، البعض يعتقد أن تسديد الديون هو نهاية المطاف، لكن الأمر ليس كذلك. لذلك أنظر بفخر إلى دراستنا المتعمقة، واستقطابنا لخبراء فى القانون والتنمية والتشريع من أجل إيجاد حلول حقيقية نقدمها لصناع القرار وعلى رأسهم الرئيس عبد الفتاح السيسى الذى وضع هذه القضية على رأس أجندة القضايا الإنسانية التى يعطيها اهتمامه وتركيزه. تبنى الرئيس بشكل شخصى لهذه القضية تجلى فى التوجيه الذى أصدره بتشكيل «لجنة وطنية للغارمين والغارمات» تتبع لوزارة التضامن الاجتماعى لدراسة هذه الظاهرة ووضع الحلول العملية لعلاجها من الجذور.
 فكرة:
فى سجون البرازيل طبقوا فكرة رائعة لتقويم سلوكيات النزلاء عن طريق القراءة والثقافة، فقرروا أن يحفزوا السجناء على القراءة بفكرة خارج الصندوق، أن من يقرأ خمسة كتب ويقوم بتلخيص ما قرأ تخفض مدة العقوبة عنه سنة. وبذلك ضربت الإدارة عصفورين بحجر واحد، ارتقت بفكر الناس وهو أفضل طريق لمحاربة الإجرام والسلوكيات المنحرفة، وفى نفس الوقت، خففت العبء عن إدارة السجون التى تتحمل أموالا طائلة من ميزانية الدولة تنفق فى إعالة النزلاء.
 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة