زكريا عبدالجواد
زكريا عبدالجواد


رٌكن الحواديت

البكاء على أيام وليالي الحلمية

زكريا عبدالجواد

الجمعة، 05 مارس 2021 - 05:58 م

هاتفنى صديق قبل أيام، كان بخلفية صوته أغنية تتر المسلسل الشهير "ليالى الحلمية"، طال الحديث بيننا فسمعت بعدها موسيقى مسلسل "ذئاب الجبل" فتأكدت أن الأمر ليس مصادفة، وحين سألته قال إنه يحتفظ بتراث من المسلسلات القديمة، ويحب مشاهدتها دائما. 

تندرنا معًا على زمن فنٍ جميلٍ، كانت الدراما فيه فارسًا يصول ويجول فى ميادين غرس الفضيلة والأخلاق، وترحمنا على أعمال مازالت بتفاصيلها تشكل وجدان الملايين، وخاصة الأعمال التى ألّفها كتيبة المبدعين، الذين آمنوا بأن الدراما قوة ناعمة، قادرة على تشكيل وعى الأجيال. وللأسف أبناء هذا الجيل من المبدعين يقفون الآن متأبطين تاريخهم العظيم فى طابور العاطلين عن العمل! 

أكدتُ لصديقى أنى هجرت مشاهدة الدراما التليفزيونية منذ سنوات، وأن مسلسل "الليل وآخره" كان آخر عمل أشاهده كاملًا عام 2003، ومن بعده لم أتابع عملًا دراميًا،  بعد أن اكتشفت برؤية مشاهد بسيطة أن أغلب المسلسلات انصرفت عن معالجة المشكلات الاجتماعية الملحة والمعروفة، وتحولت مهمتها إلى طرح طقوس وعادات "فاسدة" مُعتقة برائحة المخدرات والخمور، والملابس والألفاظ غير اللائقة، حتى أننى أخجل من متابعة ولو مشهدا واحدا وسط أسرتي. 

اتفقنا على أن الأعمال المسفة كتبها فقراء فكر، دسوا فيها تفاهات تعكس دواخلهم، وأداها عديمو موهبة، لعبوا دور بطولة لابتذال يليق بهم، ويؤكد أن المسافة بين إبداع أسامة أنور عكاشة، ومحمد صفاء عامر، وعبد الحميد أبو زيد، ومحمد جلال عبد القوى ويسرى الجندي، وغيرهم من كتيبة المبدعين المحترمين، ومايقدمه هؤلاء تماما كالمسافة الفاصلة بين الفضيلة والرذيلة.

ويؤكد كل الوقت أن هناك فرقا بين أن تتآمر على الدراما وتعتبرها سكينًا تطعن به الأخلاق والتقاليد، وبين أن تكون مبدعًا حقيقيًا تؤمن بأنها سيف جمال قادر على هزيمة القبح كل الوقت.

يمر الزمان، وستظل الشاشة محتفظة بذاكرة لا تنسى من أساء إلى متابعيها، وتسجل خطاياهم −بالصوت والصورة−  فى حق مجتمع تؤمن غالبيته بأن الحياء سيظل دائما من كمال الجمال. 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة