صورة من جنوب سيناء
صورة من جنوب سيناء


«رب ضارة نافعة».. «كورونا» فرصة لإحياء مسار الحج من «الفيروز» للحجاز

علي الشافعي

الجمعة، 05 مارس 2021 - 06:19 م

 

عندما تحط قدماك محافظة جنوب سيناء، ستجد نفسك في حيرة من اختيار الوجهات السياحية التي ستحل ضيفًا فيها، فجنوب سيناء تزخر بالتحف السياحية التي تجذب السائحين المحليين والأجانب، كما أنها منطقة سياحية متكاملة بها شتى أنواع السياحة التي يقصدها أي شخص وبخاصة الدينية منها.

 

صنوف متنوعة من السياحة

 

«الدينية والثقافية والتاريخية والترفيهية والعلاجية».. صنوف شتى لأنواع السياحة الموجودة على أرض تلك البقعة المباركة من أرض مصر، كما زاد جنوب سيناء سحرًا التطويرات المختلفة خاصة افتتاح عدد من المتاحف بالمدن السياحية الشاطئية مثل شرم الشيخ، مما أهل هذه المحافظة الساحرة أن تخلق منتجًا سياحيًا جديدًا يلبي رغبات العاشق للجمال المهتم بصنوف السياحة وبتقنيات حديثة تواكب العصر خاصة أننا أصبحنا في عام 2021.

 

استراتيجية سياحية للتغلب على أزمة كورونا

 

ورغم توافر العديد من أشكال السياحة في جنوب سيناء، إلا أن الشائع فيها هي السياحة الشاطئية والسفاري والترفيه، بسبب روعة الشواطئ الخلابة، فضلا عن دفء المناخ معظم فترات السنة مما يجذب العديد من الجنسيات للاستمتاع بأشعة الشمس التي قد لا تظهر ببلدانهم سوى أسابيع قليلة طوال العام.

اقرأ أيضا.. الجارديان تختار مسجد السلطان برقوق كأروع الأبنية في العالم

ومع ظهور جائحة كورونا، وتقلص الحركة السياحية الوافدة إلى مصر، اهتمت متمثلة في وزارة السياحة والآثار ووزارة الطيران المدني ومحافظة جنوب سيناء وكذلك القطاع الخاص، بالعمل بشكل تكاملي لاستقطاب أسواق سياحية جديدة غير مرتبطة بجنسيات معينة كالسياحة الروسية التي زادت من الكساد السياحي في ردح من الزمن، فسابقت جنوب سيناء الزمن من أجل تطوير منتج سياحي متنوع يلبي رغبات وطموحات السائح من أية مكان بالعالم، ولعلها مناسبة لإعادة إحياء طريق الحج للحجاز مجددًا.

 

منتج سياحي جديد لتلبية رغبات السائحين 

وقال الدكتور إسلام نبيل عبد السميع رئيس مكتب هيئة تنشيط السياحة بجنوب سيناء، إن تنويع الأسواق السياحية الوافدة أصبح ضرورة حتى لا يتم الاعتماد مرة أخرى على جنسيات بعينها كما حدث عقب سقوط الطائرة الروسية والتي كانت سببًا في توقف الرحلات الجوية السياحية إلى مطار شرم الشيخ مما أثر بالسلب على قطاع السياحة بجنوب سيناء بشكل ملحوظ.

وتابع: "يأتي الآن التساؤل الهام؛ هل تستطيع جنوب سيناء أن تحقق هذا التوازن من خلال استغلال مقوماتها التراثية الملموسة؟، هذا ما سوف يتم استعراضه من خلال عرض للمقومات التراثية والتاريخية التي تحظي بها جنوب سيناء و بناءًعليه يمكن تقديم بعض المقترحات الهامة والتي تتمثل في برامج سياحية جديدة و مبتكره على أرض جنوب سيناء التي تهتم بالسياحة الثقافية والتاريخية ليتحقق الهدف وهو توفير منتج سياحي جديد يلبي رغبات السائحين الوافدين إلي مصر من الأسواق التي تهتم أكثر بالسياحية الثقافية والتاريخية".

"بوابة أخبار اليوم" تستعرض في سياق التقرير التالي أبرز المقومات السياحية في جنوب سيناء:

أقدم المعابد المنحوتة بالصخر 


من أهم مناطق الآثار الفرعونية بمحافظة جنوب سيناء هي منطقة آثار سرابيط الخادم ومنطقة وادي المغارة ومنطقة سهل المرخا، ويوجد بسرابيط الخادم معبد حتحور كان أهم المعبودات المصرية القديمة والتي كان مركز عبادتها بمدينة دندرة بصعيد مصر ولها 5 معابد منهم هذا المعبد بجنوب سيناء، ويعتبر من أقدم المعابد المنحوتة بالصخر، ويوجد حول هذا المعبد منطقة مناجم والتي كانت تستغل من قبل المصريين القدماء لاستخراج معادن شتى أشهرها الفيروز ولذلك سميت سيناء بأرض الفيروز.

 

وادي المغارة

 تعتبر منطقة مناجم استغلت أيضا لاستخراج المعادن وبها العديد من النقوش التي ترجع إلى عهد مصر الفرعونية أي الدولة القديمة وكذلك الوسطى والحديثة.
 
 

المنفذ البحري للمصريين القدماء لدخول سيناء

وتعد منطقة سهل المرخا التي تمتد بطول ساحل خليج السويس وتحديدا بمنطقة راس بدران وتقع بالقرب من مدينة أبو رديس، المنفذ البحري للمصريين القدماء لدخول جنوب سيناء بالبعثات التعدينية التي كانت ترسل من قبل ملوك مصر لاستخراج المعادن، لذا تم اكتشاف ميناء فرعوني يرجع إلى نهاية الأسرة الخامسة الفرعونية بمنطقة رأس بدران، والجانب الآخر من المجرى المائي لخليج السويس وهو ذاته المقابل لهذا الميناء هي منطقة العين السخنة والتي تم الكشف بها مؤخرا على ميناء فرعوني آخر موازٍ لميناء سهل المرخا (ميناء خوفو - وادي الجرف) و كذلك بقايا بعض السفن والنقوش التي تشير إلى البعثات التعدينية التي أرسلت.


 لذلك نستطيع أن نتصور أن المصريين القدماء أتوا من الدلتا أو صعيد مصر إلى العين السخنة ثم عبروا خليج السويس بالسفن، ثم اتخذوا الطرق البرية داخل جنوب سيناء وصولا لمناطق المناجم، وهذه الطرق البرية حملت العديد من النقوش التي تشير إلى هذه البعثات وأشهرها طريق روض العير المؤدي إلى منطقة سرابيط الخادم. 

 

جبل موسى 


من أهم مناطق الآثار "البيزنطية-المسيحية" بمحافظة جنوب سيناء هي بقايا دير وادي الطور الموجود بمدينة الطور وهي العاصمة الإدارية الحالية للمحافظة، وتوجد منطقة وادي فيران بمحتوياتها الأثرية الفريدة خاصة دير السبع بنات ومنطقة وادي الدير والتي تشمل دير سانت كاترين و جبل موسى وغيرها من بقايا الأديرة والقلايا القديمة التي ترجع إلى أوائل العهد المسيحي.

 

مسار طريق الحج


منذ الفتح الإسلامي كان الحجاج يستخدمون الطريق البرى عبر شبه جزيرة سيناء «درب الحج المصري»، حيث كان الحجاج يتجمعون فى الفسطاط بحلول شهر رجب، ثم يتحركون لبركة الحاج، ومنها إلى منطقة تسمى الدار البيضاء بالقرب من طريق السويس، ثم إلى عجرود، ومنها يسلكون طريقهم عبر سيناء فى مراحل مختلفة، مرورًا بالعديد من المحطات والمنازل المعدة لاستقبال الحجاج وصولا إلى منطقة (نخل) بكسر النون، بوسط سيناء.

فهذه المنطقة كانت من المحطات الرئيسية فى طريق الحج البرى، عبر سيناء، وفيها كان الحجاج يتزودون بالماء والأطعمة وما يحتاجونه لاستكمال رحلتهم، ومن نخل يواصلون مسيرتهم حتى العقبة، ومنها إلى الأراضى الحجازية، وصولا إلى مكة المكرمة. 


السؤال الذي يتبادر إلى الذهن: كيف يمكن أن نستغل ذلك سياحيا؟ ..والإجابة بشكل بسيط أنه يمكن الربط بين هذه المناطق من خلال عمل برنامج سياحي متكامل تكون فكرته قائمة على اتباع مسار طريق الحج الأوروبي القديم والذي كان يمر بسيناء وصولا إلى القدس، لذلك يمكن للبرنامج أن يبدأ من مدينة الطور، وزيارة الدير بها الذي بني في القرن السادس الميلادي متزامنا مع بناء دير سانت كاترين وقيل إنه قد يسبقه ثم من مفارق مدينة الطور التوجه إلى وادي فيران الذي يبعد حوالي 50 كم والذي يحتوي على أقدم مدينة بيزنطية كاملة تضم شتى أنواع العمائر المسيحية البيزنطية والتي يعود بعضا منها إلى القرن الخامس والسادس الميلادي ثم زيارة دير السبع بنات الذي يقع بنفس الوادي وهو تابع لإدارة دير سانت كاترين، ثم التوجه بعد ذلك إلى دير سانت كاترين والمبيت بمدينة سانت كاترين التي تبعد حوالي 60 كم عن وادي فيران و زيارة جبل موسى، ويختتم البرنامج برحلة اليوم الواحد إلى مدينة القدس وهي مقصد الحجاج المسيحيين في العالم، وبعد العودة من القدس يستطيع السائح الاستجمام علي شواطئ مدينة السلام بشرم الشيخ قبل العودة لوطنه.


المحافظة تتمتع أيضا بالآثار الإسلامية، معظمها عبارة عن قلاع على طريق أو مسار الحجاج المسلمين وأخرى على ساحل خليج السويس أو العقبة للسيطرة على المياه الإقليمية أثناء الحروب الصليبية أو تأمين طرق التجارة البحرية. 


مسار الطريق القديم للحجاج المسلمين، يبدأ من بركة الحاج بالقاهرة وهي تبعد 6 كم عن منطقة المرج الحالية حيث يتجمع فيها الحجاج المسلمين من مصر والسودان وبعض البلدان الأخرى، ثم تسير القافلة محملة بكسوة الكعبة المشرفة وصولا إلى السويس ومنها إلى سيناء حيث تعبر محطات عديدة مثل منطقة القباب ووادي الحاج وغيرها وصولا إلى قلعة مدينة نخل ثم سيرا من خلال بعض المحطات الأخرى وصولا إلى قلعة العقبة، على مسار هذا الطريق كان يوفر ملوك وسلاطين مصر الدعم للقوافل من حماية وتوفير مصادر مياه وغيرها حتى ييسر على القافلة رحلتها، والمسافة من المرج إلى العقبة تعتبر الربع الأول من مسار هذا الطريق والذي كان ربما يقطع خلال 9 أيام سيرا، لذا ينصح  الدكتور إسلام نبيل عبد السميع رئيس مكتب هيئة تنشيط السياحة بجنوب سيناء، باستغلال مسار هذا الطريق.

 

قلعة صلاح الدين


 وتوجد قلاع إسلامية أهمها قلعة الجندي والباشا ورأس سدر والتي تقع بمدينة رأس سدر وبناها صلاح الدين الأيوبي أثناء حروبه مع الصلبيين، وتوجد قلعة أخرى بمدينة نويبع وهي عبارة عن طابية صغيرة بناها السردارية المصرية عام ١٨٩٣ وجعلتها مركزاً للشرطة لحفظ الأمن في تلك المنطقة، وتوجد أيضا قلعة جزيرة فرعون أو قلعة صلاح الدين بطابا وهي القلعة التي تم استخدامها على مر العصور ولكن المباني القائمة بها الآن ترجع إلى عهد صلاح الدين الأيوبي الذي استغلها أثناء حروبه مع الصلبيين.

 

الأنباط.. والآثار المتنوعة


توجد العديد من الآثار الأخرى التي لم نذكرها مثل آثار الحقبة الزمنية فيما قبل التاريخ كالنواميس، وآثار الأنباط بسيناء من ميناء تجاري و أبراج حراسة علاوة على النقوش النبطية الكثيرة والمنتشرة بمواقع مختلفة على أرض سيناء، والطرق التاريخية الهامة، ولكننا سلطنا الضوء أكثر على الآثار التي يمكن أن تستغل سياحيا أولا ولو تم ذلك فسوف نرى أن الآثار الأخرى سوف يكون لها أيضا نصيبا فيما بعد.

 

متحف شرم الشيخ
مؤخرًا.. تم افتتاح متحف شرم الشيخ الذي أثرى المدينة، وتعرض من خلاله ٥٢٠٠ قطعة أثرية تمثل حقبا زمنية مختلفة من تاريخ و حضارة مصر.

 

مدينة سانت كاترين


بالإضافة إلى ما سبق؛ ام الاهتمام بمدينة سانت كاترين وإقامة مشروع "التجلي الأعظم" واستغلال القيمة الدينية والتاريخية لهذه المنطقة من خلال رفع كفاءة المدينة و تحويلها إلى مزار سياحي عالمي بمواصفات خاصة يغلب عليه الطابع الديني و البيئي.

 

حمام موسى


يوجد اتجاه نحو تطوير حمام موسى بمدينة الطور، لتحويله إلى مشروع استثماري لخلق منتج سياحي جديد يهتم بالسياحة الاستشفائية.

 

سباق الهجن الدولي
وفي سياق آخر تم بناء مضمار سباق هجن دولي في شرم الشيخ، ويتم تطوير هذا المشروع على مراحل متتالية، وهو لون جديد من أنواع السياحة التي تهم الدول العربية في المقام الأول و يجذب العديد من الأجانب المهتمين في نفس الوقت.

 

المركز الدولي للمؤتمرات


لم تنته شرم الشيخ عند هذا الحد، بل تمت توسعة المركز الدولي للمؤتمرات ليستوعب مؤتمرات دولية كبيرة بحضور يصل لأكثر من ٧ آلاف مشارك كما حدث في المؤتمرات الدولية للشباب ومؤتمر وزارة البيئة.

 

المدينة الشبابية بشرم الشيخ


تم تطوير المدينة الشبابية بشرم الشيخ، والتي استضافت عددًا من المسابقات الرياضية الدولية المتنوعة.

 

مدينة يخوت عالمية


مؤرخًا، تم طرح مشروع إقامة مدينة يخوت عالمية لاستقطاب السائح الثري.

 

أكبر متحف حضاري مفتوح


جنوب سيناء مسرح شهد العديد من الأحداث التاريخية والدينية، فإذا كان بصعيد مصر أكبر متحف مفتوح على مستوي العالم  في مدينة الأقصر، فيوجد في جنوب سيناء أكبر متحف حضاري مفتوح يضم شتى العمائر البيزنطية المسيحية بوادي فيران، والتي يرجع تاريخها إلى أوائل العهد المسيحي في مصر، هذا علاوة علي النقوش الكثيرة المنتشرة على أرض جنوب سيناء لتشير إلى الحضارات المختلفة و المتعاقبة التي مرت بهذه البقعة المباركة التي تجلي الله سبحانه و تعالي عليها وكلم نبيه موسي دون غيرها من بقاع الأرض، وهي أيضًا المنطقة التي شهدت لقاء الخضر بسيدنا موسي وغيرها من الأحداث التاريخية والدينية العديدة.

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة