يسرى الفخرانى
يسرى الفخرانى


فنجان قهوة

راديو من العتبة!

أخبار اليوم

الجمعة، 05 مارس 2021 - 08:41 م

بقلم/ يسرى الفخرانى

اشتريت من محل صغير فى العتبة راديو متوسط الحجم يشبه إلى حد كبير الراديوهات التى كانت فى بيوتنا زمان، لا يمكن مهما بالغت أن أصف لكم سعادتى باقتنائه، أضعه بحرص على مكتبى وأطمئن إلى وجوده كل يوم، وأستمتع بإدارة بكرة المؤشر لألتقط أغنية أو قطعة موسيقية أو نشرة أخبار أو بعض ما تيسر من تلاوات القرآن الكريم.

أعتقد أحيانا أن هذا الراديو هو آلة الزمن بالنسبة لى، وأن المؤشر الذى يلتقط عشرات الموجات يحملنى معه إلى زمن عائلى مبهج، عندما كان هذا الصندوق الصغير يجمعنا فى سهرات بسيطة فى البلكونة نستمع إلى حفلات عبد الحليم حافظ فى ليالى شم النسيم فيأتى صوت عبد الحليم من كل البلكونات والنوافذ حولنا فى نفس الوقت، حتى اللحظات التى كنا نفقد فيها صوت الإرسال كان يلفنا صمت واحد فنطمئن أن الراديو أمامنا ليس هو المسئول.

كان الراديو قطعة أثيرة فى بيوتنا حتى بعد وجود التليفزيون بسحره بسنوات طويلة، هذه القطعة الخشبية المضيئة تحتل مكانا خاصا يحمل للبيت كله صوت الشيخ رفعت فى الصباح المبكر، كما يختلط أثيره بمهارة وإتقان مع رائحة البخور يوم الجمعة وهو يبث صلاة الجمعة من الأزهر الشريف وبرنامج السيدة آمال ماهر على الناصية.

ينبهر أصدقائى ويتأملون جهاز الراديو، ويطلبون بإلحاح اسم المحل الذى اشتريته منه، يرسل لى أكثرهم صورا لهم بعد ذلك مع جهاز الراديو وقد اشتروا نسخة وضعوها فى مكان يحبونه، أحدهم قرر أن يضيف جلسة الراديو إلى البيت على أمل أن يمنحه دفء البساطة وونس ذكريات ومتعة المفاجآت التى يمنحها الراديو بمؤشر يفاجئك فى الليل بأغنيات من بيروت وقبرص واليونان وأحيانا يحمل الهواء أصوات متقطعة من أغنية طليانى يمط فيها المغنى الكلمات مثلما يفعلون وهم يأكلون قطعة بيتزا.

أكتب لكى أُغرى كل الأعزاء بشراء جهاز راديو، استمتعوا بهدايا المساء التى تأتى دون توقع، صوت أم كلثوم ومسلسل ألف ليلة وبعض البرامج القديمة المسلية، هدايا ليست مثل أى هدايا، إنها تأتى ملفوفة فى أيام بعيدة وذكريات ولمة جميلة وإحساس عيد ورائحة كيكة برتقال فى الفرن!

الراديو عالم سخى من فنون الكلام الطازجة، تقدم شهية فى لحظة ميلادها، جرب شعور أن تغلق عينيك وتترك مئات الأصوات تأتيك متدفقة من هذا الصندوق الصغير من بلاد بعيدة فى نفس الوقت، أحاديث فى الحب وفى السياسة وفى الحياة، وأغنيات تحرضك على أن تكون مسافرا عاشقا على متن سفينة تعبر البحر تبحث عن أحلى أيام ام حياتك.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة