ماركيز
ماركيز


«ماركيز» لم تعترف بموهبته دور النشر.. فحصل على نوبل في الأدب

نادية البنا

الأحد، 07 مارس 2021 - 05:03 ص

 

يُعد النظر للبيئة والتاريخ الشخصي المحيط بالكاتب أيًّا كان أمرا مهما لمعرفة السياق الذي تشكلت فيه أفكاره.

ومن هذه النقطة، فقد تأثّرت نصوص جابرييل جارسيا ماركيز، الذي يوافق ذكرى ميلاده 6 مارس، بالبيئة المحيطة به، فقد ولد "جابو" الطفل الصغير في بلدة "آراكاتاكا" في كولومبيا، وعاش طفولته المبكرة في تلك البلدة الفقيرة، والنائية، أما بقية حياته فعاشها متنقلا بين العوالم الجغرافية تارة، والعوالم النصية تارة أخرى.

في سنوات حياته الأولى لم يعش جارسيا ماركيز برفقة والديه وإخوته، إذ كان يقيم مع جدّه العقيد "نيكولاس ماركيز ميخِيَّا" وجدّته "ترانكيلينا كوتيس" في بيت العائلة الكبير.

وهناك سمع ماركيز الكثير من القصص والحكايات، وبدأ أول خيوط السرد القصصي يُنسج في عقله، مكوّنا نمطا قويا وممتعا للحكاية، يُحاكي نمط الحكاية الذي يتبعه جدّه، ويقول ماركيز: "ليست الذكرى الأكثر ديمومة وحيوية عندي هي ذكرى الناس، بل هي ذكرى البيت الحقيقي في آراكاتاكا الذي عشت فيه مع الجدين" .

أحب جارسيا الكتابة، وعشق سرد القصص الأسطورية والخرافية، تلك القصص التي تجعل القارئ تائها بين التصديق والتكذيب، ومن أجل الكتابة قرر في العام 1949 التخلي عن دراسة الحقوق بسبب رسوبه في الدراسة، لدرجة أغضبت والده الذي قال له ذات يوم: "سينتهي بك المطاف إلى أن تأكل الورق"، وعندما حاول أحد أصدقائه أن يدافع عنه، موضحا أن ماركيز في طريقه ليصبح واحدا من أفضل كتّاب القصّة القصيرة في كولومبيا والعالم، انفجر الأب صائحا: "إنه قصّاص، حسنا، طالما كان كذّابا منذ طفولته".

في خضمِّ هذه الظروف القاسية، بالإضافة إلى إحباطات والده، ودور النشر التي نصحته في بداية مشواره الأدبي بالبحث عن مهنة أخرى غير الكتابة، شقّ ماركيز طريقه نحو الإبداع، متحدّيا كل العقبات التي واجهته، ليصبح فيما بعد أحد أهم أعمدة الأدب اللاتيني، وأحد أفضل كُتّاب الواقعية السحرية على الإطلاق.

إن نمط الحكاية الذي يتبعه ماركيز يشبه إلى حد كبير نمط قصّة ما قبل النوم، تلك القصص الخيالية التي تحكيها الجدّات بأسلوب قصصي يأخذ معه الأطفال للنوم، والفرق بين طريقة سرده وطريقة سرد الجدّات أن ماركيز لا يقودنا عن طريق الحكاية إلى النوم، وإنما يُقودنا نحو المتعة، حيث يسرد القصة بأسلوب شائق، وفي أتون النّص فإنه يأخذ بيد القارئ من يديه ماشيا معه في طرقات السرد والحكي خطوة بخطوة، خوفا عليه من الضياع ربما.

وفي كلّ مطبٍّ أو عقبة يواجهها القارئ بين السطور، يظهر ماركيز بخفّة ورشاقة، مزيلا تلك العقبات بصورة مؤقتة، من أجل زيادة الإثارة، ورفع مستوى التشويق إلى أعلى درجاته.

اشتغل ماركيز بالصحافة، والتي أضافت إليه بدورها بُعدا آخر في التعامل الجاد والمهني مع ما يكتبه وما سيكتبه لاحقا، ومكّنته من امتلاك أدوات القصّ والحكي، وصقلت موهبته الإبداعية والفنية.

وفي شبابه كتب ماركيز المقالات الصحفية لبعض الصحف والمجلات، كما كان يكتب السيناريوهات السينمائية، وقد عرفت الشهرة طريقها إليه في عام 1967 حين انتهى من كتابة روايته ذائعة الصيت "مئة عام من العزلة" والتي توّجته عَلَما بارزا للأدب اللاتيني، ولفتت الأنظار إليه في جميع أرجاء العالم، باعتباره كاتبا موهوبا وحكّاء من الطراز الرفيع وحصل عنها على جائزة نوبل .

 

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة