جلال عارف
فى الصميم
رسائل سلام.. لمن ينشدون السلام!
الأحد، 07 مارس 2021 - 06:29 م
نأمل أن يلتقط الجانب الإثيوبى رسائل الموقف المصرى السودانى الموحد من قضية السد بإيجابية. فهى فى جوهرها رسائل سلام حقيقى لمن ينشد السلام. وهى تجسد الموقف العادل الذى يراعى مصالح كل الأطراف فيضمن لإثيوبيا حقها فى التنمية ويضمن لمصر والسودان حق الحياة الذى يرتبط بعدم المساس بالحقوق التاريخية والقانونية بحصص دولتى المصب من مياه النيل.
رسائل لقاء الخرطوم بين الرئيسين السيسى والبرهان تأتى بعد عشر سنوات من الصبر على مراوغة وتسويف إثيوبيا، وعلى محاولتها فرض الأمر الواقع، ومع ذلك فإن القاهرة والخرطوم لم تقطعا الأمل، ولم تستبعدا التفاوض بشرط أن يكون تفاوضا جاداً ومسئولاً، وأن يكون فى ظل رباعية دولية تشمل رئاسة الاتحاد الإفريقى والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى والأمم المتحدة للتوسط من أجل حل يتفق مع القانون الدولى ويحقق مصالح الأطراف الثلاثة.
ولا تطلب رسائل لقاء الخرطوم إلا ما يتفق مع القانون والاتفاقيات الدولية التى تنتهكها أثيوبيا بالمضى فى محاولة فرض الأمر الواقع والإعلان عن الملء الثانى للسد بعد شهور ولو بدون اتفاق مع دولتى المصب مصر والسودان.
والرسالة هنا حاسمة برفض أى ملء جديد للسد الإثيوبى إلا بعد اتفاق قانونى ملزم يضمن الحقوق كما يضمن عدم الإضرار بدولتى المصب «مصر والسودان» ويفرض وسائل التأكد من سلامة السد ومن تشغيله على الوجه الصحيح حتى لا يسبب كوارث تعرف «أديس أبابا» جيداً خطورتها، ولهذا أقامت السد على حدودها مع السودان الذى عرف فى فيضان العام الماضى حجم الأضرار التى يمكن أن يسببها السد الإثيوبى رغم تواضع كمية المياه التى تم تخزينها فى العام الماضى مقارنة بما تريد إثيوبيا احتجازه هذا العام!
رسائل لقاء الخرطوم لم تهدد ولم تصعد ولم تزه )كما فعلت إثيوبيا مراراً) بعدم الاعتراف بالقوانين الدولية والمعاهدات الموثقة.. وإنما أعلنت موقفاً يلتزم بالشرعية الدولية، ويقول إن طريق السلام مفتوح إذا تخلت أثيوبيا عن المراوغة والتسويف والجرى وراء وهم فرض الأمر الواقع، وإذا أدركت ـ ولو متأخراً ـ أن الاتفاق القانونى الملزم شرط لا يمكن تجاوزه، وأن وهم السيطرة المنفردة على مياه النيل الأزرق هو المستحيل.
القراءة الرشيدة مطلوبة لرسائل سلام سوف تصل حتما لمن ينشدون السلام، أما من يتمسكون بالأوهام ويهربون من الأزمات إلى أزمات أكبر، فليس أمامهم إلا طريق نعرف جيداً نهايته.. وليتهم يعرفون!