روبير فالزير
روبير فالزير


رسالة من شاعر .. إلى رجل نبيل

أخبار الأدب

الثلاثاء، 09 مارس 2021 - 01:39 م

ترجمة وتقديم: عثمان بن شقرون

من الشائع جداً فى عالم الأدب أن نرى نجاح الأثر الأدبى لبعض الكُتَّاب ينمو على مر السنين، حتى لو كان مثل هذا المصير لا يلقاه إلا عدد قليل من الكتاب والأدباء، لدرجة أنه يمكن القول إن مرور الوقت وحده يمكن أن يضمن لنا التواجد فى حضرة كاتب مهم. أو كما قال الفيلسوف الألمانى فريديريك نيتشه على وجه التحديد: «إن البعض يولدون بعد وفاتهم». هذه المقولة تنطبق بالضبط على الأديب السويسرى روبير فالزير الناطق بالألمانية. (مدينة بييل السويسرية ( 1878- 1956). 
يعتبر روبير فالزير، بلا منازع، أسذج وأعمق وأكثر كاتب مثير للدهشة فى القرن العشرين. الكاتب الهامشى والساخر المتمرد المحتشم وعاشق الفشل الذى اقترنت لديه الكتابة بالمشى، والذى جعل من حياته مادة للكتابة ولم يبال تماما بما يمكن أن تحققه النجاحات من ترق اجتماعى أو مكانة اعتبارية، بعدما اختار بإرادته الهامش المتجول والغياب والصمت. إن حيويته البطيئة، وحزنه الماكر، وسحره المتواضع والمؤثر، ولَّد فى كتاباته كثافة أدبية أثارت إعجاب كبار الكتاب من معاصريه: فرانز كافكا وروبير موسيل، ووالتر بنيامين وماكس برود وآخرون ممن صنعوا وجه الحداثة الأدبية فى أوروبا. 

يفرض هذا الكاتب على القارئ، من أجل الدخول إلى عوالمه، أن يتخلى عن كل الأفكار المسبقة، وأن يتحلى بالتسامح وأن يرمى فى سلة المهملات كل نظريات الأدب والنقد، وأن ينغمس فى ما يقرأ من نصوصه محاولا إدراك: كيف تنشأ عنده مشكلة اللعب الغامض فى الكتابة، وكيف يهدم الحواجز بين الحقيقة والخيال، وبين الواقع والمتخيل، وكيف يخلق لغته الخاصة ليجعل للكتابة دورا يكشف الذات بالقدر الذى يخفيها. هذا الروائى المنسى الذى كان لى شرف استضافته لأول مرة فى لغة الضاد فى ترجمة آخر أعماله التى نشرها قيد حياته، «الوردة»، لم يكتب فى النهاية سوى ثلاث روايات، وعدة قصص قصيرة ونصوص أخرى كثيرة عصية عن التصنيف. وعلاوة على أنه أنهى العشرين سنة من حياته فى مشفى للأمراض العقلية والنفسية فإنه يتفرد بكونه اخترع طريقة جديدة فى الكتابة سميت بالميكروغرام أو المنمنمات. وهى كتابة مجهرية لم يكشف عنها إلا بعد سنين من وفاته بجهد جهيد من باحثين أمضوا أكثر من خمس وعشرين سنة فى فك رموزها.

لقد نشر روبير فالزير مئات النصوص القصيرة فى الصحف والمجلات، حتى سمى سيد النثر القصير، لكن هذه المجموعة التى نترجم منها هذا النص يعود تاريخ نشرها إلى عام 1914، هى من بين القليل جدًا من النصوص التى أولاها أهمية قصوى وجمعها بنفسه فى مؤلف سماه: «نصوص شعرية قصيرة» [Kleine Dichtungen] نشرته لأول مرة دار النشر Kurt Wolff سنة 1914، وترجمت إلى الفرنسية ونشرت عام 2015 تحت عنوان:Petits textes poétiques.

ويعتبر تضاعف الإصدارات والترجمات المنجزة اليوم للكاتب السويسرى روبير فالزير إلى شتى اللغات فرصة للتحدث والدفاع عن قراءة هذا المؤلف فى لغة الضاد، التى لم تستضفه سوى فى عملين أدبيين نشرا سنة 2019: «مشوار المشى» (1917) و»الوردة» (1925). وفيما يأتى ترجمة أحد نصوصه المقتطفة من كتاب «نصوص شعرية قصيرة»: «رسالة من شاعر إلى رجل نبيل».

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة