عبدالقادر شهيب
عبدالقادر شهيب


شىء من الأمل

هل التاريخ لا يرحم؟!

‬عبدالقادر شهيب

الخميس، 11 مارس 2021 - 07:17 م

اعتدنا أن نردد القول بأن التاريخ لا يرحم، أى أن التاريخ سوف يحاسب الجميع، خاصة المسئولين، وبصرامة على ما فعلوه وصنعوه.. أى أنه إذا تأخر الحساب فى الوقت الحاضر فإن أحدا لن يفلت من حساب التاريخ!

واعتدنا ايضا ان نردد قولا آخر هو أن التاريخ سوف ينصف من يستحق الإنصاف.. فهل حقا التاريخ لا يرحم من لا يستحق الرحمة، وينصف من يستحق الإنصاف ؟!..

حتى بتحقق ذلك يتعين أولا أن يجد التاريخ من يصدق فى كتابته، وهذا أمر غير متوفر، سواء تاريخنا أو تاريخ غيرنا.. فنحن إزاء أكثر من تاريخ وليس تاريخا واحدا.. أى أننا اختلفنا حول التاريخ وشخوصه ووقائعه وأحداثه.. نحن لم نتفق حتى على الأحداث الجارية التى شهدناها وعايشناها، مثل ما شهده مجتمعنا فى ٢٥ يناير، فما بالنا بالأحداث الماضية القديمة التى لم نعايشها أو نشاهدها؟!.. لقد اختلفنا حوله ولم نتفق لا على شخوصه أو وقائعه أو أحداثه، ووصل الأمر إلى حد التعارض البين بيننا حول تلك الأحداث والشخوص والوقائع!

لقد اختلفنا وبشدة ومازلنا نختلف حول ما قام به أحمد عرابى.. فهناك من يحمله مسئولية تعرض مصر للاحتلال الإنجليزى.. وهناك فى المقابل من يراه زعيما وطنيا عظيما قاد ثورة كبيرة وتصدى لاستبداد الخديو وخسر معركته ضد الاحتلال بسبب الخيانة.. واختلفنا أيضا حول الخديو إسماعيل.. فهناك من يحملون مسئولية فرض الهيمنة الاقتصادية الأجنبية على مصر بعد أن أغرقها فى الديون.. وهناك من يراه صانعا للنهضة الحديثة فى مصر.. كذلك اختلفنا حول الملك فاروق..

فهناك من رَآه ملكا فاسدا سياسيا وأخلاقيا عادى أكبر حزب شعبى عرفته مصر فى عصرها الحديث.. وهناك من يراه ملكا وطنيا كان يحب مصر ويكره الاحتلال الإنجليزى وأن فساده الأخلاقى مجرد ادعاءات غير حقيقية.. وذات الاختلاف الشديد وقع بيننا حول كل من عبدالناصر وأنور السادات وحسنى مبارك..، رغم أن البعض منا عايشهم وهم رؤساء وعاش أحداث عصر كل منهم!.. وهدا الاختلاف الشديد لم يحدث فقط بين الناس العاديين الذين من الطبيعى أن يحدث خلاف بينهم لاختلاف المصالح والمواقع الاجتماعية أيضا وإنما حدث بين من اضطلعوا بمسئولية تسجيل وتدوين التاريخ، ومن يريد التأكد من ذلك عليه أن يلقى نظرة على كتب التاريخ لدينا.. ولم يحدث ذلك لدينا فقط أو فى بلدنا وإنما هى ظاهرة عالمية ولا ننفرد بها، ولذلك مازلنا لا نعرف حقيقة ما حدث.

فى انفجار برجى نيويورك، وحقيقة مصرع الأميرة ديانا، بل وحقيقة اقتحام مبنى الكونجرس الأمريكى الذى وقع منذ أسابيع قليلة فقط.. بل إن من لم يرحمه التاريخ من زعماء العالم مثل هتلر هناك قوى صاعدة فى أوروبا من اليمين المتطرف تحاول رد الاعتبار له بمحاكاة عنصريته وفاشيتهم!

فهل سيتاح للتاريخ إذن أن ينصف وأن يحاسب بلا رحمة؟!.. أم أنها مجرد أمنية صعبة المنال؟!

 

 

الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة