المصنع لحظة احتراقه
المصنع لحظة احتراقه


النيابة تباشر التحقيقات والتحريات تستبعد الشبهة الجنائية

حكايات من داخل حريق مصنع العبور

أخبار اليوم

الجمعة، 12 مارس 2021 - 09:21 م

بقلم/ محمد الأصمعى - ياسر محمد -آلاء المصرى - محمد عبدالله

انطفأت نيران حريق مصنع الملابس بمدينة العبور الذى راح ضحيته ٢٠ شخصًا وإصابة ٢٤ آخرين، ومازالت قلوب المصابين وأهالى الضحايا مشتعلة حزنًا وألمًا.

هدأت عاصفة النيران، ولم تهدأ صرخة الوجع التى أطلقتها أسر الضحايا والمصابين بين أروقة وجدران المستشفيات والمنازل، لعل وعسى لا يتكرر الحادث الأليم. وفى السطور التالية يروى المصابون وبعض أسر الضحايا لـ"أخبار اليوم" تفاصيل الحادث الذى أسقط عددا من شهداء لقمة العيش.

‮«‬النيابة‭ ‬العامة‮»‬ ‭ ‬تباشر‭ ‬التحقيقات‭ ‬بسؤال‭ ‬المصابين‭ ‬ومالك‭ ‬المصنع

أُخطرت "النيابة العامة" يوم الخميس الماضى بنشوب حريق بمصنعين أحدهما للكيماويات والآخر للملابس الجاهزة بمدينة العبور، بمنطقة المحاجر، فانتقلت لمعاينة محل الحادث كما انتقلت إلى مستشفيات: (السلام العام) و(الصحة النفسية بالخانكة) و(القاهرة الجديدة بلبيس العام).

وطلبت "النيابة العامة" من "جهاز مدينة العبور" إفادة بالتراخيص الصادرة للعقار محل الحادث، فثبت منها إصدار ترخيص ببنائه عام ٢٠٠٩، واستخراج رخصة تشغيل للمصنعين خلال عام ٢٠١٢ انتهيا خلال عام ٢٠١٧. وسألت "النيابة العامة" مالك مصنع الكيماويات فقرَّر استصداره ترخيصًا للمصنعين ببدروم العقار، ثم تأجيره باقى الأدوار لصاحب مصنع ملابس جاهزة خلال عام ٢٠٢٠، ملقيًا المسؤولية عن نشوب الحريق على الأخير؛ لتوقف مصنع الكيماويات عن العمل، مدعيًا تجديده الترخيص الصادر لمصنع الكيماويات فقط وانتهاءه خلال عام ٢٠٢٢، بينما نفى عاملٌ بمصنع الملابس صلته بالواقعة مقررًا بملكيته لآخر سورى الجنسية أمرت "النيابة العامة" باستدعائه لسؤاله، كما سألت "النيابة العامة" "رئيس جهاز مدينة العبور" فشهد باستصدار تراخيص للمصنعين خلال عام ٢٠١٢ انتهيا خلال عام ٢٠١٧، وجُدِّد فقط الترخيص الصادر لمصنع الكيماويات.

كما طلبت تحريات الشرطة حول الواقعة والتى أسفرت مبدئيًّا عن عدم وجود شبهة جنائية فى نشوب الحريق، وجارٍ تكثيف التحرى للوقوف على سبب وقوعه.

المصابون‭ ‬يروون‭ ‬تفاصيل‭ ‬الحريق‭:‬ شــاهدنا‭ ‬النيـران‭ ‬تلتهم‭ ‬أجســـاد‭ ‬زملائنـــا

ولاء‭:‬ النيران‭ ‬حاصرتنا‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬جانب‭.. ‬وأبى‭ ‬نقلنى‭ ‬للمستشفي

ولاء أشرف محمد.. فتاة فى مقتبل العمر.. تفتحت عيناها على الدنيا لتجد نفسها وسط أسرة فقيرة مكونة من الأب والأم و٥ بنات.. لم تكن أبدا ساخطة على الدنيا بل كانت راضية بكل ما كُتبَ على جبينها.. طلبت من أبيها النزول إلى سوق العمل من خلال مصنع الملابس المجاور لمنزلهم لمساعدة والدها العامل البسيط فى توفير متطلبات الحياة.. وبالفعل بدأت ولاء فى العمل وعندما نقل المصنع من منطقة السلام إلى العبور لم تترك العمل بل استمرت على مثابرتها لتساعد أهلها بقدر ما تستطيع .

تقول ولاء: أعمل فى المصنع منذ عدة شهور وأثناء العمل فوجئنا بدخان كثيف والنار تحيط بنا من كل جانب ورحت أبحث عن مخرج من تلك المأساة مع زملائى فى العمل.. أصبت ببعض الكسور فى قدمى وكان والدى قد حضر إلىّ بمجرد علمه بالحريق فى المصنع الذى أعمل فيه ونقلنى إلى مستشفى السلام الذى مكثت به لعدة ساعات ثم خرجت.

رحاب:‭ ‬منظر‭ ‬الجثث‭ ‬المحترقة.. ‬مرعب

رحاب جمال توفيق.. تعيش مع أسرتها بأحد العقارات بمدينة السلام.. الحزن يسيطر عليها وبالكاد تستطيع أن تتحدث.. تصف حالتها عند اندلاع النيران وتقول: كانت النار تغطى أرجاء المكان.. المصنع كله تقريبا تحول إلى كتلة من اللهب.. وقتها أدركت أننى سأحترق مع الجثث التى تحترق أمام عيني.

كان المنظر مفزعا ولا أدرى كيف نجوت مع بعض زملائى بعد إصابتى باختناق شديد نتيجة الدخان الكثيف. ويقول والدها الحاج جمال توفيق: أنا من محافظة بنى سويف وأعول أسرة مكونة من 6 أشخاص.. منذ وفاة زوجتى وأنا أقوم برعاية أبنائى بقدر استطاعتى ولكن ظروف الحياة القاسية جعلتنى أترك ابنتى التى تبلغ من العمر 16 عاما تذهب إلى مصنع الملابس لتساعدنى فى تربية أخوتها فأنا عامل بسيط.

داليا‭:‬ نجوت‭ ‬من‭ ‬النيران‭ ‬بأعجوبة‮ ‬

فى الطابق السادس لأحد العقارات بمنطقة السلام تقيم داليا سيد علي.. ذهبنا إلى أسرتها بعد خروجها من المستشفى.. كانت حالة الأسرة يرثى لها والجيران ذهبوا إلى أهلها لمواستهم فى إصابة ابنتهم.. كان الذهول يرتسم على وجه والدها وهو لا يكاد يصدق ما حدث مع ابنته.. وقالت داليا: "لا أستطيع التعبير عن شعورى عندما شاهدت ألسنة النيران تتصاعد.. كنت فى الطابق الثالث من المصنع ورأيت العمال يتدافعون من أجل النجاة وتساقط منهم العديد من الأشخاص مابين مصاب ومن تفحمت جثته.. سقطت على الأرض وكادت النيران تلتهم جسدى مع من تفحمت جثثهم لكن القدر كتب لى النجاة بعد أن استطعت الوقوف والجرى بأقصى سرعة" . وتحدثت شقيقتها سمية قائلة إنها تعمل فى مصنع آخر وبمجرد علمها بالحريق لم تصدق أن أختها نجت لكن الأحزان تسيطر على الجميع بسبب الكسور التى تعرضت لها شقيتها.

الحاجة‭ ‬ابتسام‭:‬ الحريق‭ ‬التهم‭ ‬جسدى‭ ‬ابن‭ ‬أخى‭ ‬وإبنة‭ ‬أختي

بكاء ونواح هذه هى الحال التى شاهدناها عندما انتقلت " أخبار اليوم" إلى محل إقامة الحاجة "ابتسام دوبارة إسماعيل" قالت والدموع تملأ عينيها مات ابن أخى محترقا.. كان سليمان عثمان مثالا للشاب الطيب وأيضا لقيت ابنة أختى ياسمين إبراهيم مصرعها محترقة بعد أن تفحمت جثتها وهى أيضا كانت فتاة طيبة. وتضيف الحاجة إبتسام قائلة: كانت الساعة حوالى العاشرة صباحا عندما فوجئنا بالنيران حولنا تلتهم طوابق المصنع بمن فيه وما فيه فقد أتت النيران على كل شيء.. وجدت النيران تكاد تلتهم جسدى وتحرق يدى وظللت أدفع النيران عنى بكل السبل ورغم ذلك كان تفكيرى فى ابنتى سلمى التى حرقت النيران أيضا أجزاء من جسدها ووجهها وكذلك ابن أخى وبنت أختي.

الصدفة‭ ‬تنقذ‭ ‬أما‭ ‬وابنها‭ ‬من‭ ‬الموت

القدر كتب كلمته وأنقذ "الحاجة أم محمود" وابنها من الموت.. هى تعمل مشرفة جودة بمصنع الملابس منذ سنوات ولم تذهب إلى العمل يوم الحريق بسبب مرضها المفاجئ كما أن ابنها جلس بجوارها وقام بتوصيلها إلى المستشفى لتلقى العلاج.. وقالت إنها فى يوم الحريق شعرت بآلام شديدة فلم تذهب إلى المصنع.

بدء‭ ‬صرف‭ ‬تعويضات‭ ‬للضحايا

أكد محمد سعفان وزير القوى العاملة أن حقوق العمال المتوفين والمصابين محفوظة، وذلك بعد الانتهاء من إعداد التقرير النهائى ومعرفة اسباب اندلاع الحريق وسيتم التفاوض مع ادارة المصنع لصرف التعويضات الخاصة لأسر المتوفين، والعمال المصابين.

من جهته صرح مجدى حسن وكيل وزارة التضامن بالقليوبية أن مديرية التضامن بالقليوبية بدأت بصرف التعويضات اللازمة للمصابين والمتوفين بالحريق وذلك تنفيذا لتعليمات نيفين القباج وزيرة التضامن وعبدالحميد الهجان محافظ قنا.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة