جلال عارف
فى الصميم
الأفعال.. لا الأقوال!
السبت، 13 مارس 2021 - 07:11 م
أياً كانت الأسباب وراء التصريحات المتوالية من المسئولين الأتراك )وعلى رأسهم أردوغان( حول السعى لاستعادة العلاقات الطبيعية مع مصر فإن الموقف المصرى واضح وحاسم منذ أن انقلبت تركيا على علاقات حسن الجوار وتركت شعار »صفر مشاكل« لتصبح صانعة الأزمات فى المنطقة، وليسير بها »أردوغان« وراء وهم إحياء عهد الاستعمار العثمانى والتحالف مع »الإخوان« وباقى جماعات الإرهاب التى عاثت فى الأرض العربية فساداً ودماراً، لينتهى به الأمر بوضع بلاده فى عزلة عن محيطها وعن العالم وبأوضاع داخلية بائسة يدفع ثمنها شعب تركيا الصديق.
ومنذ البداية كان موقف مصر حاسماً فى رفض التدخل التركى فى شئونها. وعدم السماح بأى تهديد لأمنها القومى فى الداخل أو عبر الحدود.
وكما مضت مصر فى سحق عصابات الإرهاب فى الداخل، وضعت الخطوط الحمراء أمام التدخل الأجنبى فى ليبيا الشقيقة، وقامت بتأمين مصالحها فى البحر المتوسط رافضة أى مسعى لتحويل شرق المتوسط إلى ميدان للصراع أو مسرح للاستفزاز العسكرى من الجانب التركى فى نزاعه مع اليونان وقبرص.
الآن -وأياً كانت الأسباب- تتواصل تأكيدات المسئولين الأتراك على توجه جديد نحو استعادة العلاقات الطبيعية مع مصر التى يعود أردوغان للإقرار بأنها »قلب العالم العربى وعقله«، وتتحدث كل القيادات التركية بتفاؤل عن تقدم فى طريق فتح صفحة جديدة فى علاقات الدولتين.. ويجىء رد مصر -على لسان وزير الخارجية- بأنها تنتظر الأفعال لا الأقوال. ثم بالتأكيد على ثوابت مصر التى كانت منذ البداية تطلب من تركيا أن تمتنع عن التدخل فى الشئون الداخلية لدول المنطقة، وأن تتوقف عن دعم جماعات الإرهاب وأن تلتزم بمبادئ حسن الجوار وبقواعد القانون الدولى التى ينبغى أن تحكم وحدها الأوضاع فى شرق المتوسط وفى المنطقة كلها.
لا تطلب مصر إلا ما هو طبيعى فى علاقات الدول، وبالأفعال وليس بالأقوال، وهو نفس ما يطلبه الشعب التركى الصديق بعدما عانى من الثمار المريرة لسياسة بعث »العثمانية« من جديد بالتآلف مع الإخوان، وبعد أن أدرك أنه يدفع الثمن غالياً مع أوضاع اقتصادية متردية وعزلة قاسية عن العالم كله لدولة كانت تتمتع بحسن الجوار فى المنطقة وترفع شعار »صفر مشاكل« الذى انتهى بالحديث عن »الإرث العثمانى« وإثارة الأزمات مع الجميع!
يعرف القادة الأتراك أن طريق العودة عن هذه السياسات قد يكون طويلاً، لكن عليهم أن يبدأوا وأن يثبتوا أنهم جادون فى النوايا الحسنة التى يطلقونها.. »الأفعال قبل الأقوال« ومصر تنتظر وتأمل أن يكون الجميع قد استوعب الدرس!