صورة أرشيفية
صورة أرشيفية


صاحبة الجلالة.. قصة «الحرية» التى انطلقت من عمارة «الإيموبيليا»

بوابة أخبار اليوم

السبت، 13 مارس 2021 - 09:42 م


تجرى انتخابات نقابة الصحفيين فى  19 مارس 2021 الحالي، وهو ذكرى إصدار المرسوم الملكي 10 لسنة 1941 بإنشاء نقابة الصحفيين المصرية، أربعة وسبعون عام من عمر المبنى والمهنة .. صراع القلم والسلطة الأمل فى الحرية وقيود الأنظمة حكاية شقة صغيرة حجرتين وصالة تبرع بها محمود أبوالفتح، صاحب جريدة المصري، في عمارة الإيموبيليا كمقر مؤقت للنقابة عام 1941، وكانت هناك دعوى لعقد الاجتماع الأول بجريدة الأهرام، كحل لمشكلة المقر إلا أن محمد التابعى، اقترح دار المصري، لأنها كانت فى رأيه جريدة مصرية صميمة، ومنعا للاختلاف اتفقوا أن تكون دار البلاغ لصاحبها عبد القادر حمزة باشا، مقر الاجتماع الأول حتى تبرع محمود أبوالفتح بشقته .. وفى عام 1944 أمر فؤاد سرج باشا، وزير الداخلية بالاستيلاء على نادى القمار الشهير بشارع قصر النيل ليكون مقر لنقابة الصحفيين.
المبنى تأخر عن المهنة الفارق الزمنى كبير.. المهنة سبقت الحيطان والجدران عرفت مصر الصحافة مبكرا قبل الحوائط مع قدوم الحملة الفرنسية على مصر صدرت صحيفة «بريد مصر» باللغة الفرنسية التى اهتمت بالأخبار والاحتفالات وتفاصيل الزيارات الحربية التى يقوم بها نابليون شديد الاهتمام بالصحافة لدرجة حرصه على أن تشتمل الحملة على مطبعة خاصة رافقته على سفينته الحربية واهتم أيضًا بتزويد المطبعة بحروف باللغة العربية.. تولى محمد على الحكم كان اهتمامه واضحا بالطباعة والمطبعة وكان الاهتمام أولاً للأغراض الحربية أنشأ مطبعة بولاق تلاها العديد من المطابع الصغيرة بطرة وأبوزعبل والجيزة.. وأصدر «جورنال الخديوى» باللغتين العربية والتركية وهو ليس جريدة بالمعنى الصحفى، ولكنه أقرب إلى منشور رسمى حكومى تتخلله بعض الأخبار وقصص ألف ليلة.. حتى كان الإصدار الأهم فى بداية القرن الثامن عشر «الوقائع المصرية» التى أصدرها فى 1828 وهى أقرب إلى مفهوم الصحيفة بموادهها التحريرية.. وصدرت أول صحيفة أهلية ( وادى النيل ) 1876، وأصدر يعقوب صنوع صحيفته أبونظارة 1876، وصدرت جريدة الأهرام أقدم الجرائد المصرية .. تاريخ حافل بحروف المطابع ورائحة الورق قلم الكاتب وعرق العامل البحث عن المعنى والمتاعب والجرى وراء الخبر والحقيقة سقوط الورقة والقلم والدم على الأرض حكاية الصحافة حدوتة مصرية خاصة .. المبنى الصحفى يصدر مطبوعة خاصة ( الصحفيون ) لسان حال الصحفى داخل نقابته، نستعرض العدد الأول الصادر فى مارس 1957 بعد ستة عشر عام، من عمر إصدار المرسوم الملكى. 
- طبيب فرنسى أول نقيب للصحفيين المصريين.
- شقة الإيموبيليا المقر الأول لنقابة الصحفيين. 
- حكاية نادى القمار المقر الدائم لنقابة الصحفيين. 
- لجنة القيد برئاسة أنطون الجميل لم تقبل سوى 100 عضو فقط .

قصة نقابة الصحفيين 
صدرت جريدة الأهرام فى أغسطس 1876 أقدم الصحف المصرية، ومنها انتقلت أول دعوة لإنشاء نقابة الصحفيين، وكانت الدعوة فى 1891 وتبنت الجريدة حملة إنشاء كيان يضم الصحفيين، وأصحاب الصحف أيدت العديد من الصحف دعوة جريدة الأهرام، وكانت أكثرهم اهتماما على صفحاتها جريدة المؤيد التى أسسها الزعيم مصطفى كامل ديسمبر 1889 برئاسة تحرير الكاتب الصحفى على يوسف، واستمرت الدعوة ولكنها لم تأخذ الجدية الحقيقة حتى عام 1912، قام عدد من أصحاب الصحف بإنشاء نقابة الصحفيين المصريين وانتخبت جمعيتها العمومية «مسيو كانيفيه» الفرنسى  صاحب جريدة «لاريفورم» بالإسكندرية نقيبا (عمل كانيفية طبيبا لفترة بفرنسا وسكرتير خاص لرئيس الجمهورية الفرنسية قبل حضورة إلى مصر فى فبراير 1894، وبعد عام واحد أصدر جريدته لاريفوم، كما إنشاء صحيفة القاهرة ‏JournalduCaire‏ التي كانت لا تزال تصدر بالعاصمة عقب وفاته في الثالث والعشرين من شهر سبتمبر سنة ‏1931، وكانت لاتزال تصدر عند ظهور الكتاب التذكاري عنه سنة‏ 1945).
ويقول لطفى السيد، فى مذكراته (‏حيث يقول في الصفحة‏ 135‏ وما بعدها‏ :‏ في نحو سنة‏ 1912‏ دعونا إلي تأليف نقابة للصحافة المصرية‏، وقد استجاب الصحفيون علي اختلاف ألوانهم إلي هذه الدعوة‏،‏ واجتمعت الجمعية العمومية، وانتخبت مسيو كانيفيه صاحب جورنال الريفورم‏ (الإصلاح‏)‏ نقيبا‏،‏ وانتخبت فارس نمر صاحب المقطم وإياي ـ أي لطفي السيد ـ وكيلين‏,‏ كما انتخبت كلا من جبرائيل تقلا صاحب الأهرام ومسيو فيزييه صاحب جورنال لوكير‏(‏ القاهرة‏)‏ سكرتيرا‏,‏ ولم تعمر هذه النقابة طويلا لأن الحرب العالمية الأولي سنة‏ 1914‏ قضت عليها‏,‏ وكانت هذه أول محاولة لإنشاء نقابة للصحفيين في مصر‏.‏) 
وبعد انتهاء الحرب قام خمسة من الصحفيين وهم داود بركات رئيس تحرير الأهرام  وإسكندر سلامة وأحمد حافظ عوض وجورج طنوس بتكوين رابطة هدفها العمل على إنشاء نقابة الصحافة.. وعقب دستور 1923 أسرع ثلاثة من الصحفيين وهم أمين الرافعى الكاتب الصحفى بجرائد اللواء والشعب والعلم وأحمد حافظ عوض صاحب مجلة خيال الظل لسان حال الوفد والمنافس الأقوى لمجلة الكشكول وليون كاسترو لمقابلة رئيس الوزراء وطلبوا منه إصدار قانون لإنشاء نقابة للصحفيين.. ثم اجتمع عدد من أصحاب الصحف ومحرريها وبدأوا فى إعداد مشروع النقابة وأعلنوا قيامها عام 1924. وبالرغم من تعدد المحاولات فإن أيا منها لم تنل اعترافا رسميا إلى أن صدر مرسوم باعتماد نظام جمعية الصحافة فى 20 أبريل سنة 1936 فى عهد وزارة على ماهر.. إلا أن هذا المرسوم لم يقدر له الانتقال لحيز التطبيق لأن البرلمان لم يعتمد المشروع المقدم.
وفى 27 نوفمبر 1939 تقدم رئيس الوزراء على ماهر إلى مجلس النواب بمشروع إنشاء نقابة للصحفيين أعده محمود عزمى، وظل فى حالة جدل إلى أن صدر القانون رقم 10 لسنة 1941 فى 31 مارس بإنشاء النقابة واشترطت الحكومة إيجاد مقر لها فتبرع صاحب جريدة المصرى محمود أبو الفتح، بشقة بعمارة الإيموبيليا كمقر للنقابة وانتخب أول نقيب لها 1941 .

وفى عام 1942 احتج مجلس النقابة على أسلوب الرقابة على الصحف فى عهد الحكومة التى كان أبو الفتح المدافع عنها ولكنه لم يخرج عن إجماع مجلس النقابة ولم يمنعه موقفه الشائك من مطالبة الحكومة بكل ماكانت تطلبه النقابه عند إنشائها وتتمثل تلك الطلبات فى قطعة الأرض والإعانة السنوية لصندوق المعاشات وامتيازات العمل الصحفى والتأمين الاجتماعى للصحفيين . 
أنطون الجميل ولجنة القيد 
تم تشكيل مجلس النقابة الأول عام 1941 أول مجلس للنقابة مكون من اثنى عشر عضوا، ستة يمثلون أصحاب الصحف وستة من المحررين ومن أصحاب الصحف محمود أبوالفتح باشا الذى اختاره المجلس نقيبا المجلس وجبرائيل بشارة تكلا باشا وفارس نمر باشا وعبدالقادر حمزة باشا ومحمد التابعى باشا وإدجار جلاد باشا، ومن المحررين خليل ثابت بك وإبراهيم عبدالقادر المازنى ومحمد فكرى أباظة ومحمد خالد وحافظ محمود ومصطفى أمين.
وصدر قرار رسمى بتعيين أنطوان الجميل، رئيس تحرير جريدة الأهرام وحده ممثلا للنقابة فى لجنة الجدول وكان الجميل سنة 1941 كل شىء فى اللجنة ورأى أنه لا يبغى ألا يدخل الصحافة غير المؤهلين تأهيلا علميا وصحفيا معترف به وهو ما دعاه إلى عدم قبول الكثير من المتقدمين للعضوية ولم يقبل سوى 100 عضو فقط وكان هذا التشدد من جانبه هو السبب المباشر لحصوله على أقل الأصوات فى أول انتخابات للنقابة وكان له تعليق لطيف على نتيجة التصويت ( لقد أخذت أصواتا لا أستحقها فالعضوية فى هذا المجلس ليست لى بل لأبنائى فى المهنة).
مقر النقابة 
يحكى الأستاذ يحيى قلاش قصة المقر الأول لنقابة الصحفيين فى الاحتفال بالذكرى السبعين على إنشاء النقابة مارس 2011 فى مقاله المنشور بجريدة الشروق قائلا : «منذ صدور المرسم الملكى بإنشاء النقابة فى 31 مارس عام 1941 وحتى عقد أول جمعية عمومية فى ديسمبر من العام نفسه لم يكن للنقابة مقر، فكانت تعقد اجتماعات مجلسها المعين المؤقت فى دور الصحف وهى الأهرام ثم البلاغ ثم المصرى، وبعد انتخاب أول مجلس وبسبب اقتران موافقة الحكومة على إنشاء النقابة بشرط توفير مقر لها سارع محمود أبوالفتح بالتنازل عن شقة كان يستأجرها بعمارة الإيموبيليا مكونة من غرفتين لتصبح أول مقر لها، وعندما حان موعد عقد اجتماع جمعية عمومية عادية للصحفيين عام 1942 وجد مجلس النقابة أن الصحفيين فى أشد الحاجة إلى مكان أكثر اتساعا لعقد جمعيتهم واهتدى المجلس إلى قاعة نقابة المحامين الكبرى، وأثناء عقد الاجتماع استدعى انتباه المجلس وجود قطعة أرض فضاء مجاورة لنقابة المحامين عليها بضع خيام.. وفى اليوم التالى توجه محمود أبوالفتح إلى جهات الاختصاص فى الدولة وطلب هذه الأرض ليقام عليها مبنى النقابة، لكنه علم أنها مملوكة للقوات البريطانية وقد أنشأت عليها خياما يقيم فيها الناجون من جرحى الحرب العالمية الثانية، وعرضت على «أبوالفتح» قطعة أرض أخرى يشغلها سوق الخضر والفاكهة بشارع رمسيس (الموقع الحالى لنقابتى المهندسين والتجاريين) بشرط أن تتولى النقابة إزالة آثار السوق على نفقتها الخاصة، لكن المجلس رفض العرض وفضل الانتظار حتى تضع الحرب أوزارها ثم يسعى مرة أخرى للحصول على قطعة الأرض المجاورة لنقابة المحامين».
إنذار حافظ محمود للقيادة البريطانية!
خلال هذه الفترة سعت النقابة لإيجاد مقر آخر، وفى عام 1944 كان فؤاد سراج الدين وزير الداخلية قد أمر بالاستيلاء على مبنى من طابق واحد بشارع قصر النيل ومصادرته لصالح النقابة بعد أن كان ناديا للعب القمار، وظل هذا المبنى مقرا للنقابة وناديا لها تم دعمه بمكتبة قيمة والعديد من الدوريات الصحفية وأصبح يتوافد عليه الزائرون من كبار رجال الدولة والأدباء والفنانين.. وعلى الرغم من أن مصطفى النحاس رئيس الوزراء قد أمر بتخصيص قطعة الأرض المجاورة للمحامين ليقام عليها مبنى نقابة الصحفيين فإن مساعى فكرى أباظة نقيب الصحفيين فى ذلك الحين (عام 1944) لم تكلل بالنجاح لتنفيذ أمر رئيس الوزراء، لأن جهات الاختصاص فى الدولة لم تكن قادرة على أن تآمر القوات البريطانية بالجلاء عنها.. ولم ييأس الصحفيون، وغامر حافظ محمود وكيل النقابة فى ذلك الوقت وقام أثناء غياب فكرى أباظة بالخارج بتوجيه إنذار إلى القيادة البريطانية بالقاهرة  للجلاء عن هذه الأرض، وكانت المفاجأة أن استجابت على الفور، لتواجه النقابة مأزقا جديدا، وهو مشكلة تمويل إقامة المبنى. 

وهنا يظهر دور مصطفى القشاشى، سكرتير عام النقابة وأحد أشهر من تربعوا على هذا الموقع لعدة دورات وبذل جهودا مضنية مع محمود فهمى النقراشى رئيس الوزراء آنذاك ومهد الطريق لعقد اجتماع لرئيس الوزراء مع مجلس النقابة لأول مرة وبعدها بعث النقراشى برسالة للمجلس قال فيها: «يسعدنى أن أبلغكم أن مساهمة الحكومة مستمرة حتى يتم بناء مبنى النقابة ويفرش بأحدث المفروشات حتى يصبح منارة إشعاع تطل منها مصر بحضارتها العريقة على الدنيا كلها.. وأريدكم أن تعرفوا أننى قررت أنه عندما يحضر وفد أجنبى إلى مصر أن أعزمه فى نقابة الصحفيين لأنها مرآة صادقة للمجتمع المصرى». 

وقد عهد إلى المهندس الدكتور سيد كريم أن يعد تصميما نموذجيا للنقابة ووضع النقيب محمود أبوالفتح حجر الأساس أول يونيو 1947 وتم افتتاحه رسميا برئاسة النقيب فكرى أباظة فى 31 مارس 1949 وبلغت تكاليفه 39.80جنيه ساهمت الحكومة فيها بمبلغ 35 ألف جنيه دفعتها للنقابة على خمسة أقساط وغطت النقابة بقية التكاليف من إيراداتها الخاصة.. وبذلك عرف الصحفيون أول مقر حقيقى لنقابتهم .
مجلة الصحفيون 
أصدر اتحاد محررى الصحف جريدة المساء فى 1946 واتخذت مقر نقابة الصحفيين مقرا لها وتولى الرسم بها الفنان زهدى العدوى وكان دائم التواجد بحديقة النقابة لمشاهدة مباراة الطاولة يوميا بين فكرى أباظة والفنان رخا .. وكان الإصدار الأول لمحاولة أن يكون هناك مطبوعة صغيرة لاتحاد محررى الصحف ولكن ظلت الأزمه المالية حتى توقف التفكير فى إصدار خاص بالنقابة . 
وفى إبريل 1954 يصدر قرار مجلس قيادة  الثورة بحل مجلس نقابة الصحفيين الحالى وتفويض وزير الإرشاد فى تشكيل لجنة تحل محل المجلس القائم وتعديل قانون 1941 تعديلا شاملا .. ولم تشهد تلك الفترة أى إصدار خاص لنقابة الصحفيين يعبر عن النقابة وينشر النشاط الخاص وفى  24 مايو1956 إصدار الرئيس جمال عبد الناصر قانون  بتأميم الصحافة وأطلق عليه تنظيم الصحافة . 
وفى مارس 1957 أصدرت نقابة الصحفيين مجلة خاصة باسم ( الصحفيون ) مجلة تصدرها نقابة الصحفيين، مجلة من القطع الصغير على ورق جرائد لا تحمل المجلة أى ثمن وهى غالبا مجانا، وطبعت بمطابع جريدة الشعب بالقصر العينى المجلة 16 صفحة بالإضافة إلى الغلاف المتصدر رسم للرئيس جمال عبد الناصر وظهر الغلاف كاريكاتير للفنان زهدى عن الصحافة الوطنية فى المعركة ( يقصد العدوان الثلاثى).
 
إقرأ أيضاً : حقوق الإنسان في مصر.. أرقام تعكس قفزات في تحسين أوضاع السجون

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة