صابر سعد
صابر سعد


يا محافظ القليوبية؟!

صابر سعد

السبت، 13 مارس 2021 - 10:58 م

حريق هائل يلتهم الأخضر واليابس، فاجعة مدمية، 20 روحًا بريئة صعدت إلى بارئها.. عيون الملايين تتجه صوب محافظة القليوبية، فساعات مرت دون أن يجد المواطنون أي تحرك من (الساكنين) ديوان المحافظة في تلك الرقعة من أرض مصر، فربما قد وضعوا أنفسهم في موضع الكثير من المتفرجين ولا يعلمون أنهم يمتلكون صلاحيات وإمكانيات دولة هائلة لو استخدموها لما رأينا 20 مواطنا تنسف أجسادهم النيران وتجعلهم وما يحيط بهم أثرا بعد عين.    


استيقظ سكان مصر الخميس الماضي على فاجعة أدمت القلوب وأدمعت العيون إثر مصرع ٢٠ عاملا في مصنع بالعبور فضلا عن إصابة ٢٤  آخرين، فانتظرت لساعات بُعيد نشوب الحريق، كي يميز المدان من البريء.. لكن جاء هذا دون جدوى فلم  تحرك محافظة القليوبية ساكنًا، حتى أصبح المصنع بطوابقة الأربعة مساويًا الأرض.


 20 عاملا ذهبوا من أجل لقمة عيش تسد رمقهم ومن يعولون، لكنهم عادوا جثثًا هامدة مشوهة أكلت أكثرها النيران.. أيًا كان سبب الحريق ماس كهربائي أو انفجار في مواد كيميائية بالبدروم، إلا أن النتيجة أنه التهم الأخضر واليابس في دقائق معدودات، وكانت المفاجأة خلو المصنع من اشتراطات السلامة، فضلا عن عدم تجديد رخصته، فالتحقيقات أظهرت أن المصنع تم بناؤه عام 2009، واستخرجت رخصة تشغيل للمصنع خلال عام 2012 وانتهت عام 2017.


4 سنوات والمصنع بدون ترخيص.. معلومات طرحت سؤالا يتبادر إلى الذهن: أين كان محافظ القليوبية حينما كان المصنع يعمل دون رقابة منذ سنوات على مرأى ومسمع من الجميع؟.. المصنع ليس إبرة تختفي في كومة قش بل تم إنشاؤه على مساحة 1500 متر «بدروم و 3 أدوار».
كان الغريب في الأمر أن المحافظ لم يعترف بالتقصير عندما حلت الكارثة، بل أطل علينا في عدد من وسائل الإعلام مكتفيًا بالقول إن «حادث حريق مصنع للملابس في مدينة العبور يأتي ضمن مسلسل الإهمال من جانب أصحاب المشروعات بعدم الالتزام بالاشتراطات السلامة المدنية»، هنا حاول المحافظ أن يفر من المسؤولية لكنه وقع في الفخ وكأنه أراد أن يقول دون أن يعلم «المصنع يعمل في محافظة بلا رقابة».


أود أن يهمس أحدهم في أذن سيادة المحافظ ليقول له «إن ما حدث ليس خطأ دولة، فمصر في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي تظلل على العمال وتحميهم وتمد لهم يد العون حتى في أحلك الظروف أثناء أزمة كورونا وغيرها، لكن الظاهر للقاصي والداني أن هناك مخطئين في محافظة القليوبية، فلم نسمع أنك أحلت أحدًا منهم إلى التحقيق أو أوقفتهم عن العمل لحين ظهور الحقيقة جلية، وكأنك لم تسمع شيئًا عن الحسم».


أقول لك يا سيادة المحافظ.. أرواح المواطنين ليست مجانية، كما أن المصنع كان يعمل «على عينك يا تاجر» إذن أين كنت وأجهزتك التنفيذية حينما لم يجدد ترخيص المصنع؟ ومن سمح لهذا المصنع أن يعمل بعد انتهاء الترخيص؟.. وإذا كنت لا تعلم شيئًا فهذه مصيبة كبرى وتستوجب التوقف عندها ومحاسبة المسؤول وأن كنت تعلم فقد تجاوزت المصيبة المدى.

 

نعم.. محافظ القليوبية مسئول حتى وإن كان بشكل غير مباشر.. لقد مرت ساعات وساعات، ولم يعلن حتى للرأي العام عدد المصانع غير المرخصة أو التي انتهى ترخصيها، وماذا سيفعل لتقنين أوضاعها؟ وهل سيقدم المسؤول عن السماح بإنشاء تلك المصانع للتحقيق وكذلك المتورط في إعطاء الإذن للمصانع بمزاولة نشاطها دون ترخيص؟ لماذا يتم الإبقاء على المسؤول عن اشتراطات السلامة ومن هم على شاكلته حتى الآن؟ 


السؤال الأهم: من سمح باستعمال الدور الأرضي من المصنع كمخزن ومصنع للكيماويات على الرغم من أن الأدوار الثلاثة التي تعلوه بها مصنع ملابس.. أليس هذا استهتارًا بأرواح البشر؟.. وعند توقف مصنع الكيماويات عن العمل لماذا لم تتابع اللجان المخولة ذلك وتزيل المواد الخطرة من البدروم؟.


من الواضح أن محافظ القليوبية كان في سبات عميق.. نأمل أن يفيق من غفوته حتى لا نستيقظ على كارثة أخرى قد لا تحتملها القلوب.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة