عاطف زيدان
عاطف زيدان


كشف حساب

أخلاق القرية.. فين؟!

عاطف زيدان

الأحد، 14 مارس 2021 - 06:01 م

أفزعتنى الصور التى نشرتها وسائل الإعلام، وتداولها رواد التواصل الاجتماعى، حول طوفان القمامة، الذى يملأ ترعة سقارة بالجيزة، رغم تبطينها بتكلفة، 30 مليون جنيه، ضمن مشروع تبطين الترع، وتحسين حياة أهالى الريف، فى إطار المشروع القومى لتطوير قرى مصر وتوابعها، الذى أطلقه الرئيس السيسى مؤخرا، وتم رصد 515 مليار جنيه لتنفيذه.

التساؤل الذى داهمنى وغيرى، بعد مشاهدة الصور الصادمة، ليه ؟ وفين أخلاق القرية، التى نتباهى بها دائما ؟

أهالى إحدى القرى الواقعة على الترعة، ألقوا تبعات ما حدث على بعض أهالى ومصانع وورش مدينة الحوامدية، ولم ينفوا قيام بعض أهالى قريتهم، بإلقاء قمامتهم فى الترعة، لعدم وجود صناديق قمامة فى القرى غالبا، وتخلى الوحدات المحلية، عن دورها فى هذا الشأن.

التفسيرات كلها، فى رأيى، لاتبرر ما جرى. فالأمر يتعلق بما هو أخطر، ولمسته وغيرى من أصحاب الأصول الريفية، وهو تدهور مستوى الأخلاق فى القرى، مقارنة بأجيال الآباء والأجداد، بدليل وقوع جرائم بشعة فى الآونة الأخيرة، لم نكن نسمع عنها من قبل، حتى بين أبناء الأسرة الواحدة، لأسباب تافهة.

لم تعد أخلاق القرية، كما عايشتها فى طفولتى، موجودة بنفس الرسوخ. النفوس لم تعد صافية. والتراحم والتواد واحترام حقوق الجار، باتت من آثار الماضى الجميل. التدين لم يعد سلوكا وأفعالا، تتجسد فى الصفاء والتسامح والتكافل الاجتماعى والمشاركة فى السراء والضراء، وحب الخير للآخرين، وإعطاء كل ذى حق حقه، والحفاظ على نظافة الترع والطرق والشوارع، بل والتعاون فى الرى وزراعة القطن وحصاد القمح والذرة، واستخدام أعوادها كوقود فى الأفران التقليدية أو علف للماشية.

انتشر الطمع والجشع والحسد والغل والحقد. وغلبت المصالح الخاصة على ما عداها، وأصبح التدين لدى البعض، مظاهر وربما التزام شكلى، أمام الناس، بالصلاة والصيام، وترديد آيات وأحاديث، ثم القيام بكل ما يتناقض مع ذلك، من إفساد وظلم وأكل مال الآخرين بالباطل، والكذب وعدم الوفاء بالوعود.

لقد عبرت فى مقال سابق عن سعادتى بالمشروع القومى لتطوير الريف المصرى، لكن صور ترعة سقارة الصادمة، تجعلنى أطالب علماء الأزهر والأوقاف وخبراء الاجتماع وعلم النفس والإعلام، بصياغة مشروع قومى مواز، لإصلاح الضمائر والنفوس، وإعادة أخلاق القرية إلى سابق عهدها، قبل أن تتسبب السلوكيات المنحرفة والنفوس الخربة، فى إفساد الحاضر والمستقبل.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة