حمدى الكنيسى
حمدى الكنيسى


يوميات الأخبار

«لولاهم»

حمدي الكنيسي

الإثنين، 15 مارس 2021 - 08:30 م

 

ثمة ارتباط آخر مباشر جدا بالشهداء، حيث حملت بيدى جثة أحد شهداء الصاعقة عندما وفقنى الله إلى أن أكون المراسل الحربى للإذاعة

- لو سمعت كلمة "لولاهم" لتداعت إلى ذهنك فوراً الكلمات الثلاثة التى تختصر كل شىء، وتجسد كل جوانب وأبعاد ما قدمه لنا كل شهيد مضحياً بحياته الطاهرة دفاعاً عنا ودعماً لنا فى أن نعيش فى أمن وسلام فنقولها بأعلى صوت "لولاهم.. ما كنا هنا"، وهذا− بالضبط− ما سجله التاريخ عندما انطلق أبطال قواتنا المسلحة− "فى حرب الاستنزاف وحرب أكتوبر" لتحطيم أسطورة جيش الدفاع الذى قالت عنه دعاياتهم الإسرائيلية والأوروبية إنه الجيش الذى لا يقهر، وبالشجاعة المذهلة، وروح الفداء والتضحية استعدنا الأرض والكرامة، ثم جاءت الحرب مع الإرهاب الذى استهدف مدبروه ومنفذوه− من أعداء الداخل والخارج− إيقاف مسيرة البناء والتنمية والتقدم بل ضرب أمن واستقرار مصر فى إطار مخطط الشرق الأوسط الجديد والجماعة الإرهابية إياها، لولا أبطال جيشنا وشرطتنا الذين قدموا المزيد من عظيم الأداء والعطاء وروح التضحية والفداء وبقينا نحن لنمارس حياتنا وعطاءنا حاملين فى قلوبنا وعقولنا كل الاعزاز والوفاء والعرفان لكل شهيد ضحى بحياته من أجلنا، ومن أجل مصرنا الغالية.

- بالنسبة لي− شخصياً − ربطنى بيوم الشهيد، وأكثر من شهيد ما يستحق التسجيل ففى بداية شهر مارس ١٩٦٩ كنت قد دخلت عش الزوجية، ولم يمر يومان فقط من شهر العسل حتى وجدتنى أرتدى بذلة سوداء، ورباط عنق أسود واتجه مسرعاً إلى مسجد عمر مكرم ومنه إلى ميدان التحرير لأشترك فى جنازة الشهيد العظيم.. الجنرال الذهبى عبدالمنعم رياض، وكنت من بين الملايين الذى احتشدوا فى توديع البطل الشهيد، تنطلق حناجرنا ببركان هادر من الهتاف باسمه، وكانت صدمة مروعة للعدو الذى توهم أن ما حدث لرئيس أركان حرب القوات المسلحة، سوف يثبط الشعب والجيش ويدفعهم إلى هوة اليأس والاستسلام لمخطط الاحتلال التام، وبلغت الصدمة ذروتها عندما تم رد الصاع صاعين بعملية بالغة الشجاعة والحرفية تحت قيادة البطل الاسطورى إبراهيم الرفاعى حيث تم تدمير الموقع الإسرائيلى الذى صدرت منه القذيفة التى أودت بحياة الجنرال الذهبي، ثم توالت عمليات الصاعقة لتقتل وتأسر كل يوم المزيد من جنود العدو.

ولا يفوتنى أن أذكر كيف قابلتنى زوجتى "عروسي" لدى عودتى من الجنازة المهيبة تسبقنى دموعي، وقد بدا على وجهها عتاب يقول لي: فيه حد يسيب شهر العسل ويروح لجنازة؟ لكنها على أى حال تداركت بثقافتها ذلك الشعور، وأخذت تحدثنى عما تابعته على شاشات التليفزيون من ملايين المشيعين للشهيد العظيم، وما جاء فى لقاءات وحوارات الخبراء− عسكريين ومدنيين − عن شخصية وتاريخ عبدالمنعم رياض.

- ثمة ارتباط آخر مباشر جدا بالشهداء، حيث حملت بيدى جثة أحد شهداء الصاعقة، عندما وفقنى الله إلى أن أكون المراسل الحربى للإذاعة فى حربى الاستنزاف وأكتوبر، عندما صحبنى قائد المجموعة التى احتلت وطهرت أحد حصون خط بارليف إلى أعلى الحصن لأرى بعينى كيف تم اقتحامه وبينما كان يشرح لى التفاصيل المثيرة المذهلة لاحظ وجود جثة أحد رجاله بجوار فتحة الدخول، فسأل زميلاً له بأن يحملها إلى مثواها خارج الحصن، ووجدتنى مستغرقاً فى النظر إلى وجه الشهيد وجسده الممتلئ، ويده الممدودة أمامه لعله كان يقذف بها قنبلة داخل الحصن ولم أملك إلا أن أشارك فى حمل جثته الطاهرة. وأنا كنت مازلت أتذكر جيداً ملامحه وحركة يده حتى الآن فإننى أتذكر أيضاً ملامح وبنيان شهداء آخرين كنت أسجل معهم أثناء أو بعد إحدى المعارك والاشتباكات بالمدفعية، ويحمل التسجيل كل معانى الحماس والاصرار على قهر العدو، وعندما أعود من ماسبيرو فى اليوم الثانى أو الثالث إلى الجبهة كان يستقبلنى خبر استشهاد بعضهم.

هكذا قُدر لى أن أرتبط مباشرة بقصص حية لشهداء عظام قدموا حياتهم الغالية لمصر بأسمى معانى الوفاء والفداء والانتماء دون انتظار لأى مقابل شخصى، وهذا ما جعلنى اقتدى بما جسدته أرواحهم الطاهرة من أعظم القيم والمبادئ حتى أننى عندما طلب الرئيس أنور السادات "بطل الحرب والسلام" أن يتم تكريمى كمراسل حربى وصاحب أشهر برامج الحرب "صوت المعركة" قائلاً لوزير الإعلام د. جمال العطيفى: هل يتم تكريم حمدى الكنيسى أم أنه زيه زى أى مذيع. دا قالب دماغ إسرائيل؟ وقد أبلغنى الوزير أنه بصدد اتخاذ قرار بترقيتى درجتين استثنائيتين، فإذا بى التزم الصمت ثم أقول له: يا ترى الشهيد اللى ضحى بحياته كان بينتظر مكافأة أو ترقية؟ فسألنى عما أقصده، وقلت له: أنا لا أريد أى تكريم شخصي.. فقط أريد تكريماً عاماً لنا نحن الاعلاميين بإنشاء نقابة تضمنا كغيرنا من الصحفيين والمحامين والآخرين!!

رحيل قائدين عظيمين

فقدنا فى الأيام القليلة الماضية قائدين من أبرز أبطال قواتنا المسلحة لم ينعما بالشهادة التى أقبل عليها كل منهما فى أشرس وأخطر المعارك والعمليات الفدائية ضد العدو، لكنهما حفرا اسميهما بمداد من ذهب فى سجلات البطولة وعظيم العطاء، اقتحاماً وتدميراً لمواقع العدو، وقتلا وأسرا أعدادا من جنوده وضباطه.

فقدنا الفريق كمال عامر الذى نعاه الرئيس السيسى قائلاً: إنه معلمى واستاذى وقائدى، وأحد أغلى رجال مصر اخلاصاً وارتباطاً بتراب الوطن. وفقدنا فى نفس الوقت قائداً عظيماً آخر اللواء أحمد رجائى عطية أو "القومندان ريجا" كما كان يناديه زملاؤه الذين يعرفون تفاصيل العمليات الفدائية العديدة التى خاضها أو قادها، ودفع العدو ثمنها الباهظ.

واننى احتفظ بحوارات سجلتها مع البطلين العظيمين أرجو أن أعرضها بالتفصيل المثير فى يومياتى القادمة، أو من خلال برنامج وثائقى أقدمه قريباً فى قناة شهيرة.

لأنه عصرها الذهبى

- يتأكد يوماً بعد يوم أن المرأة المصرية تعيش عصرها الذهبى فى دولة ٣٠ يونيو ٢٠١٣ وها هى ذى السيدة "انتصار السيسى" توضح فى كلمتها من خلال "منظمة تنمية المرأة التابعة للتعاون الاسلامى"، كيف حققت التعديلات التشريعية والتنفيذية ما جعل مصر تحتل المركز الأول فى تقرير الأمم المتحدة للمرأة وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائى. مما أضاف الكثير إلى احتفالنا باليوم العالمى للمرأة، وجعلنا نتوقع اسهامات وإنجازات متميزة فى أكبر وأهم المواقع التى تشغلها المرأة المصرية الآن بصورة وأرقام غير مسبوقة.

الحاجة زينب

- مرة أخرى لفتت "الحاجة زينب مصطفي" الأنظار الرسمية والشعبية، فقد نقلت الشاشات ووكالات الأنباء صورتها وقد انحنى الرئيس السيسى ليقبل رأسها تقديراً لها عندما تبرعت بقرطها الذهبى "كل ما تملكه" لصندوق تحيا مصر، ثم عادت الأضواء إليها عندما رحلت إلى بارئها، فإذا برئيس الجمهورية هو أول من ينعيها بمزيد من الحزن والأسى، مقدراً لها أنها نموذج للمرأة المصرية فى قدرتها على العطاء والتكافل، وقد ألهم الرئيس القيادات الحزبية والشعبية والدينية بموقفه وكلماته البليغة.. فتوالت التعليقات والتعبيرات عن العزاء.. والتقدير من الجميع.. لتكون بما فعلته.. وما تجلى فى ردود فعل الرئيس.. "قدوة" للمرأة المصرية البسيطة.. جنباً إلى جنب مع ما تقدمه الأكثر خبرة وإمكانيات من سيدات آلت لهم أكبر المواقع والمناصب فى مختلف المجالات.

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة