إبراهيم عبد المجيد
إبراهيم عبد المجيد


مصر الجديدة :

حكمة الإنسان القديم فى الأساطير

الأخبار

الثلاثاء، 16 مارس 2021 - 07:52 م

الأساطير فى تاريخ الشعوب من صنع الإنسان لكن أبطالها أغلبهم من الآلهة القديمة أو أنصاف آلهة جاءوا نتيجة التزاوج بين الآلهة والبشر. بالطبع هناك بعض البشر صنعوا أساطيرهم أيضا حين وجدوا أنفسهم أقوى وأعظم ممن حولهم لكن هذه الأساطير تختلف فى أنها كثيرا ما تعددت رواياتها حسب الأصدقاء والأعداء. الأساطير التى كانت من صنع الآلهة القديمة تظل فيها الحكمة عابرة للزمان. لماذا اختار صانع الأساطير أن يكون أبطاله من الآلهة أو أنصافها. ليعطى لمعناها طعم الخلود. سأعطى مثلا بأسطورة إيزيس وأوزريس المصرية وهى أشهر الأساطير عند القارئ العادى. حين قام ست إله الشر بقتل أخيه اوزوريس إله الآخرة والحساب وإله الشمس الذى جعل غروبها ذهابا إلى الآخرة لذلك كان المصريون القدماء يدفنون موتاهم غرب القرى ليكونوا قريبين من القيامة. أعود وأقول إن ست حين فعل ذلك مزق أعضاء أوزوريس وفرقها فى البلاد فقامت إيزيس زوجة أوزوريس بالبحث عن أعضائه فى كل مكان وجمعتها ثم أعادت إليه الحياة وأنجبت منه حورس لينتقم. الأسطورة ببساطة تقول إن العقاب لا يضيع لكنها من زاوية أخرى تصور إيجابية المرأة المصرية كما قال توفيق الحكيم وهو يقارن بين إيزيس وبنيلوبى الأغريقية التى انتظرت زوجها يوليسيس عشر سنوات حتى عاد من طروادة وكانت خلالها هدفا للرجال والخطاب. فصارت تنسج ثوبا من القماش وتعدهم هى الضعيفة أمامهم أن تتزوجهم بعد أن تنتهى من نسج الثوب. وبالليل تفك مانسجته لتبدأ فى الصباح من جديد وتمر الأيام. استخدمت الحيلة لكن إيزيس استخدمت القوة فى البحث عن أعضاء زوجها وحبيبها الممزقة فكانت هى الإيجابية. من الأسطورتين تدرك أن للمرأة طرقا كثيرة للحياة وإذا أضفت إليهما شهر زاد ستعرف أكثر. هذه مجرد أمثلة ونعود إلى أساطير يونانية أخرى مثل كعب أخيل الذى كان أبوه ملكا وأمه حورية للبحر بنت إله. أخذته أمه بعد أن ولدته ووضعته فى نهر ستيكس نهر الخلود الذى سيحميه ماؤه من أى طعنات أو إصابات. أمسكته من قدمه ووضعته فى النهر ولم تدرك أن يديها ستمنع الماء عن كعبه فصارت له نقطة ضعف. أسطورة وضعها البشر ليقولوا إن لكل شخص نقطة ضعف مهما بلغ من قوته وجبروته. لكنه لا يدركها كما لم تدركها أم أخيل ولم يدركها أخيل نفسه. فدخل الحروب ضامنا النصر على كل الخصوم. حتى أصابه باريس من فوق سور طروادة بالسهم فى كعبه فكان مقتله. لماذا لم تدرك ذلك أم أخيل وأغرقته كله بالماء فأراحتنا. حكمة الاساطير. أتذكر أسطورة انتيوس ابن «جايا» إلهة الأرض الذى كان يقطع الطريق على كل غازى يقتله. وإذا غلبه التعب يعفر نفسه بتراب الأرض - أمه - فتعود إليه قوته حتى جاءه هرقل وعرف سرَّه فاحتضنه بقوة يرفعه عن الأرض فتناثر ترابا. أرضك هى مصدر قوتك وما أبشع النفى الإجبارى عنها. أما آخر المقال فهو بروكرستوس الذى كان يقف فى الطريق يطلب من أى مار أن يبيت عنده فسيحسن ضيافته. ويطلب منه أن ينام على سرير معدنى فإذا وجد الضيف أطول من السرير قطع من ساقيه. وإذا كان اقصر شد ساقيه يخلعهما عن مفاصلهما. قُتل بروكرستوس بنفس الطريقة لكن ظل المعنى أن يجبرك أحد على أن تردد ما يقول بعد أن يخدعك بالأمل. ظل المعنى عابرا للزمان معبرا عن الإجبارعلى ليّ الحقائق لتعبر عن أفكار موضوعة سلفا. قولبة الفكر. وهى الشمولية التى أضاعت بلادا كثيرة أشهرها ألمانيا النازية وإيطاليا الفاشية والاتحاد السوفييتى وغيرها فى كل العصور.

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة