جمال حسين
جمال حسين


من الأعماق

مصر وبيان الـ٣١.. البادى أظلم 

جمال حسين

الجمعة، 19 مارس 2021 - 02:54 م

 

أسعدنى وأثلج صدرى وصدور كثيرٍ من المصريين؛ ذلك البيان القوي الذى ألقته البعثةُ المصريَّةُ الدائمةُ بمكتب الأمم المتحدة فى جنيف، أمام مجلس حقوق الإنسان، وكان بمثابة ردٍ حازم وحاسمٍ على البيان الذى وقَّعته ٣١ دولة بمنظمة حقوق الانسان الأممية بجنيف ضد مصر، يتهمونها بانتهاك حقوق الإنسان.. المفاجأة والدهشة ألجمت هذه الدول؛ التى لم تكن تتوقَّع أن يأتى الردُّ المصرىُّ بهذه القوة، بعد أن كانت تتخذ دائمًا موقف الدولة المدافعة، التي تنفى الاتهامات عن نفسها، مما شجَّع هذه الدول على التمادى فى غيِّها، وتكرار نفس الاتهامات فى كل مناسبةٍ، بل وفى كل دور انعقادٍ، مما جعلنا شبه متأكدين أن الأمر لا يعدو إلا أن يكون تسييسًا مفضوحًا للقضية؛ من أجل ابتزاز مصر. 

كنت دائما اتساءل لماذا السكوت؟ ولماذا لا نرد الصاعَ صاعين، ونحن لسنا أقل منهم فى احترام مبادئ حقوق الإنسان؟، لماذا لا نقول لهم بكل شجاعةٍ "اللى بيته من قزاز ما يحدفش الناس بالطوب"؟، لماذا لا نتحوَّل من موقف الدولة المُدافعة، التى تُريد أن تدرأ عن نفسها اتهامات غير حقيقيةٍ؟، ولماذا لا نجلس على مقاعد المُهاجمين لمَنْ أساءوا إلينا؛ لنؤكد لهم أننا ليس على رأسنا بطحةٌ، وإننا لن ننظر إلى الأمور كمَنْ يدفن رأسه فى الرمال، مثلما تفعل النعام، اعتقادًا منها بأنها أصبحت فى مأمنٍ، مخفيةً عن أعين المتربصين؟.

البعثةُ الدائمةُ لمصر فى الأمم المتحدة القت بيان مصر  بكل قوة واعربت عن أسفها لما وصل إليه حال الدول الأعضاء بمجلس حقوق الإنسان؛ من تسييسٍ فجٍّ وتصعيدٍ غير مبررٍ للأمور؟!

الوفدُ المصرىُّ، اكد فى كلمته، أنه إذا كان كلٌّ من فنلندا والسويد والدنمارك وآيسلندا والنرويج، تدَّعى أنها الأكثر احترامًا لحقوق الإنسان، إلا أنه عندما وصل اللاجئون إلى أراضيها، صادرت ممتلكاتهم، وتبارى السياسيون فى تغريداتهم العنصريَّة ضد الأفارقة والمسلمين، بل ودنَّس مواطنوهم مقدسات المسلمين دون حسابٍ؛ ليُثبتوا بما لا يدع مجالاً للشك أن حقوق الإنسان التى يتشدَّقون بها نسبيةٌ، رغم القضاء على العبودية المقيتة. 

البيانُ المصرىُّ اكد أنه رغم أنهم يزعمون أن حقوق الإنسان لها جذورٌ ضاربةٌ فى أعماق المجتمعات فى أمريكا وبريطانيا وكندا وأستراليا ونيوزلندا، إلا أنهم يتعاملون مع غير ذوى البشرة البيضاء؛ كمواطنين من الدرجة الثانية؟!

أما ألمانيا وآيرلندا والنمسا وفرنسا وبلجيكا وهولندا، التى تنبرى فى المطالبة بحريَّة التعبير والتظاهر السلمى خارج أراضيها، حين تقع المظاهرات لديها، فلا مجال إلا للقوَّة والعنف غير المُبرر من قِبل الشرطة، ولا تسمح تلك الدول بتواصل أحدٍ من الخارج مع مُنظمى تلك التظاهرات، رافعين شعار " عندما يتعرض امننا القومي للخطر لا تسألونا عن حقوق الانسان !! " وتنضم سويسرا  ولوكسمبورج للرَكْبِ المُنادى بالحُكمِ الرشيدِ، والقضاء على الفساد، إلا أنها تتردد فى إعادة الأموال المُهرَّبة إلى دولها 

كما أظهرت جائحة كورونا ضعف شبكات التضامن الاجتماعى والرعاية الصحية فى دول البلطيق والتشيك وسلوفينيا والبوسنة وبلغاريا وإيطاليا وإسبانيا وكوستاريكا والجبل الأسود ومقدونيا الشمالية.

واختتمت البعثةُ المصريَّةُ بيانها بالتأكيد على أن مصر من جانبها مستمرةٌ فى جهودها، لتعزيز جميع حقوق الإنسان؛ فى إطار رؤيتها الوطنيَّة، وتلبيةً لطموحات جميع المصريين، الذين يُطالبون بأعلى الصوت كل مَنْ يُريد التعاون حقًا مع مصر، أن يتوقَّف عن اتباع هذا النهج والهجوم الهدَّام.

 البيان المصري اكد أنه فى الوقت الذى تُنصِّب أمريكا نفسها وصيةً على حقوق الإنسان فى العالم، إلا أنها تقوم بالعديد من الانتهاكات اللاإنسانية بحق البشر على امتداد المعمورة، حتى فى الداخل الأمريكى نفسه؛ تنتهك كرامة وحقوق ذوى البشرة السوداء.

إن بيان مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة أكَّد بما لا يدع مجالاً للشك أن هناك حالة تربصٍ سياسىٍّ وسوء نيَّةٍ مبيتةٍ ضد مصر.. ونحن من جانبنا لا نُنكر وجود بعض الممارسات الفرديَّة، لكنها ليست ممنهجةً.

يا سادة، مصر مثل كل دول العالم، قد يكون عليها بعض الملاحظات وتبذل قصارى جهدها لتلافيها بكل أريحيةٍ، ولم تفعل ما فعلته أمريكا وإسرائيل، اللتان انسحبتا من مجلس حقوق الإنسان، عندما وُجِّه لهما اتهامات بانتهاكهما حقوق الإنسان؟!!
 

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة