اسامة عجاج
اسامة عجاج


فواصل

أشهر الحسم فى ليبيا

أسامة عجاج

الأحد، 21 مارس 2021 - 08:29 م

قد يكون رئيس الوزراء الليبى عبدالحميد دبيبة، أفضل قليلا من سابقيه العشرة،الذين تناوبوا على المنصب خلال العشر سنوات الماضية، صحيح ان هناك تشابها فى كيفية التشكيل وطريقته، بينه وبين حكومة فائز السراج، التى انتهت مهمتها، والذى جاء عبر اتفاق سياسي، تم توقيعه فى مدينة الصخيرات المغربية فى ديسمبر من عام ٢٠١٥،تحت رعاية الأمم المتحدة، ولكن ليبيا لم تهنأ بأى استقرار بعدها، بل تكرست حالة تشرذم وتشطير غير مسبوقة، حتى وصل الأمر إلى وجود ثلاث حكومات، اثنين فى الغرب، وثالثة فى الشرق، وانقسام فى مجلس النواب، حيث لم ينجح فى التوصل إلى اكتمال الأعضاء لمنح حكومة السراج الثقة،فظلت بحكم الأمر الواقع،وبالشرعية الدولية، وزادت الأمور تعقيدًا عندما أعلن خليفة حفتر الزحف إلى العاصمة طرابلس، حيث وصل الأمر إلى حالة احتراب داخلي.
الأمور اختلفت مع الدبيبة،صحيح انه نتاج اتفاق سياسى برعاية دولية، تم التوقيع عليه فى ١٦ ديسمبر الماضي، ولكنه نجح سريعا فى الحصول على ثقة البرلمان، حيث قدم تشكيلة حكومية، قال عن صعوبة تلك المهمة «انها أصعب من صعود جبال شاهقة»،وفى طريقه لهذا،ساعد على غياب وجوه سياسية، حكمت فترة الخلافات والانقسامات، خاصة فى الغرب ومنهم فايز السراج وخالد المشرى، وان كان ابقت على المستشار عقيلة صالح،الذى نجح فى تفويت الفرصة على انتخاب بديل له فى مجلس النواب، وخليفة حفتر والذى يمثل أزمة مسكوت عنها، استدعت ابقاء منصب وزير الدفاع شاغرا،لحين التوافق على دوره فى المرحلة القادمة، ولكن فترة الأسابيع القليلة الماضية من اختيار الدبيبة للموقع، شهدت ايجابيات مهمة، منها إنهاء حالة التغيب المتعمد للبرلمان، وأصبح هناك حكومة واحدة، قادرة على التحرك بحرية، من طبرق فى أقصى الشرق الى قلب ليبيا وعاصمتها طرابلس، كما انه كشخص مثل رغبة ليبية فى المصالحة، كما هو الحال مع دبيبة،يضاف إلى ذلك الترحيب والدعم الدولى من الجميع، حتى من الدول الفاعلة فى ليبيا دوليًا واقليميا.
صحيح ان ليبيا خرجت من مرحلة، حكومة الوفاق إلى وزارة الوحدة الوطنية،ولكن علينا ان نتعامل مع الدبيبة وتشكيلة حكومته، وفقا للمقولة الشهيرة» إذا أردت ان تطاع، فأمر بما يستطاع»، والكل يدرك ان الهدف الرئيس لها هى الإعداد للانتخابات، دون ان ينفى انه فى طريقها لتحقيق هذا الهدف، عليه مواجهة العديد من التحديات، منها ما هو عاجل، ويتعلق بتحسين الظروف الحياتية للشعب الليبي، ووضع وتنفيذ خطة إصلاح اقتصادى عاجل، وتوفير الحد الأدنى من الخدمات، كمهمة عاجلة  ومن بين المهام توحيد مؤسسات الدولة، وفى القلب منها المؤسسة العسكرية، والبناء على ما تحقق من جولات سابقة، استضافتها مصر وكذلك لجنة ٥ زائد ٥، خاصة أنه مثل هذه الخطوة، قد تساهم فى العبور من حقل ألغام، قابل للانفجار فى أى وقت، ويحل أزمات عدم ثقة نتاج عن المواجهات العسكرية بين الطرفين، الجيش الوطنى التابع لحفتر،والآخر الموالى للوفاق الوطني.
وحقيقة الأمر ان الدبيبة يحتاج إلى دعم كبير على محورين، الأول دولى، عبر عنه بيان مجلس الأمن يوم الجمعة الماضي، وينتظر توافر إرادة سياسية حقيقية، بالتعامل الجاد مع ملف المرتزقة الأجانب، وقدرهم بـ٢٠ ألفا، وهم تشكيلة من السوريين واتت بهم تركيا، وبعضهم وقف مع جماعة حفتر بدعم روسي، وكذلك عناصر قوات الفاجنر الروسية، والبلاك ووتر الأمريكية، والجنجويد السودانية، والثانى دعم المكونات السياسية فى معالجة أزمة الجماعات المسلحة، التى كان لها دور مهم فى ثورة فبراير، وإسقاط النظام السابق، ولم تتعامل أى من الحكومات السابقة معها، سواء بالحل أو التفكيك،مع ضم أفرادها إلى المؤسسات الأمنية والعسكرية.
ليبيا خلال الأشهر التسع القادمة، أمام فرصة تاريخية قد لا تتكرر، واختيار صعب، بين الاستقرار والأمان،والتنمية وبناء دولة مدنية، تتبنى تداول السلطة، وتنحاز إلى نتائج الصناديق، واحترام إرادة الشعب واختياراته، أيا كانت،  وهذا يستلزم دورا شعبيا واعيا والتزام الطبقة السياسية، بما تم الاتفاق عليه، مع استثمار لحظة الدعم الدولى غير المسبوقة، أما الخيار الثاني، فهو الاستعداد لتقسيم البلد، وإغراقه فى حالة الفوضى والاستقرار.

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة