محمود عطية
محمود عطية


من باب العتب

عودة مقصوفة الرقبة بمدينة السلام

د.محمود عطية

الثلاثاء، 23 مارس 2021 - 06:56 م

ما جرى مع زينب البكرية يشبه تماما ما جرى مع ساكنة مدينة السلام وهو القتل بالشائعات.. وزينب البكرية أول فتاة مصرية تقتل بقصف رقبتها بالشائعات تحت دعاوى الشرف والعفة.. وزينب هى ابنة الشيخ خليل البكرى نقيب الأشراف وقت الحملة الفرنسية عام 1798م.. حباها الله جمالا فوق العادة خلقة وروحا فقد اشتهرت رغم حداثة سنها 16 عاما بجمالها وحسنها وتناسق جسمها وعشقها للحياة مما زج بها داخل أتون الشائعات التى أودت بحياتها قصفا برقبتها فى محاكمة سريعة..!
وتبدأ الحكاية منذ تولى أبوها نقابة الأشراف بسطوة وقوة نابليون وقت الحملة الفرنسية مما أثار عليه بعض المشايخ وحين رحلت الحملة عن مصر بدأ صراع المشايخ للانتقام منه.. ولم يسلم الصراع من تلويث سمعة ابنته زينب التى عملت فى بيت نابليون بمصر. ويبدو أنه يدفع الثمن بعد رحيل الحملة فى قصف رقبة ابنته وتجريده من منصبه.. رغم أنه لم يتوافر أى دليل ولا حتى شهود على وجود علاقة غير شرعية للفتاة مع نابليون أو غيره... وحتى حين روى نابليون حكاياته مع عشيقاته لم يذكر من بينهن زينب البكرية بتاتا.
وتمت محكمة الفتاة بالشائعات فقط التى يفتى الشرع بتنفيذ تلك العقوبة فى حال وجود دليل شرعى وأربعة شهود.. كما أنها لم تكن متزوجة حتى يقام عليها حد القتل.. ومع ذلك حكم عليها وتم قتلها بطريقة شديدة البشاعة فقد انتصبت واقفة ثم جىء من خلفها من قصف رقبتها لتصبح أول مقصوفة رقبة فى تاريخنا.!
وقبل قتلها تعرض أبوها لمحاولة اغتيال يرويها الجبرتى حيث قال «هاجمه أناس كثيرون وصفهم الجبرتى بـ «المتهورين من العامة»، فنهبوا منزله وهتكوا حرمة منزله وعَرَّوا البكرى من ملابسه فضلا عن اعتدائهم على نسائه وسحبوه من بينهم مكشوف الرأس من الأزبكية إلى وكالة ذى الفقار بالجمالية وبها عثمان كتخدا الدولة، فشفع فيه الحاضرون وأطلقوه بعد أن أشرف على الهلاك.
وفى مدينة السلام الأسبوع الماضى بدم بارد يتكاتف البواب وصاحب العمارة وزوجته وأحد السكان ليروعوا الساكنة الآمنة فى شقتها وينصبوا أنفسهم قضاة وجلادين.. والجريمة تبدأ حين سارع البواب لصاحب العمارة يخبره بوجود رجل مع الساكنة فيهرع هو وزوجته وأحد ساكنى العمارة ويقتحمون شقتها.. ومن البداية كيف يتم اقتحام الشقة تحت أى دعوى حتى البوليس لا يفعلها إلا بأمر النيابة..!
لكنهم فعلوها تحت دعاوى كثيرة قيل فى البداية لأنها استقدمت أحدهم لشقتها.. ولا حتى هذا السبب يبيح لهم اقتحام شقتها.. وفى إحدى الروايات كسروا باب الشقة.. وفى النهاية يتم إلقاء الساكنة الآمنة من الدور السادس بكامل ملابسها لتسقط صريعة بدعوى أنها تمارس الرذيلة وحتى لو كانت فعلا.. فمن أوكل وسمح لهم أن يكونوا قضاة ومنفذى أحكام.. أى دين يدعيه هؤلاء وأى شرع يبيح لهم قتل امرأة..
والمجنى عليها هى المرأة المصرية التى نحتفل بها هذه الأيام وأنشدنا له الأناشيد فى ثورة 30 يونيو عندما تقدمت الصفوف ضد التخلف وضد القهر وضد أصحاب توكيلات الفضيلة والأخلاق الكاذبة وضد المتأسلمين الذين أذاقونا المر والحنضل.. يبدو أصحاب توكيلات الشرف لن يتورعوا عن إعادة قصة زينب البكرية ما لم يتم حسم مثل هذه القضايا سريعا ليدركوا أننا دولة قانون ولا ينصب أحد نفسه قاضيا ومنفذ أحكام.


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة