نوال مصطفى
نوال مصطفى


يوميات الأخبار

قضية الغارمات.. اسمعوا الحل

نوال مصطفى

الثلاثاء، 23 مارس 2021 - 07:19 م

 

هدفنا هو الوصول إلى حلول حقيقية علمية وواقعية فى الوقت نفسه، نقدمها لصناع القرار.
أحنُّ إلى خُبز أُمّى
وقَهوةِ أُمّى
ولَمْسةِ أُمى.
بهذه السطور افتتح الشاعر الفلسطينى العالمى محمود درويش قصيدته التى يصف فيها حميمية التفاصيل الصغيرة فى علاقته بأمه.

كتبها عام 1965 ولها قصة مؤثرة رواها درويش ليصف حاله وهو فى المعتقل بعيدا عن دفء المشاعر، وإحساس الحضن والسكن الذى يفتقده.

كان محمود درويش يظن أن أمه تحب أخاه الأكبر أحمد أكثر مما تحبه، وظل سنوات يحمل هذا الشعور الحزين داخله.

عندما اعتقل بسبب قصيدة ألقاها فى ندوة عامة دون أن يأخذ تصريحا. جاءته أمه فى زيارة محروقة القلب، نازفة الدموع من أجله، كانت يومها تحمل له الخبز والقهوة، وإمعانا فى القهر دلق ضابط الأمن القهوة، ورفض أن يدخل الخبز.

يومها شعر درويش أنه كان مخطئا، وأن الأم هى الكائن الوحيد الذى يعطى حبا غير مشروط ولا ينتظر المقابل.

انتشرت هذه القصيدة، حفظها الآلاف من عشاق الشاعر الكبير، وربما كانت أكثر قصائده شعبية ورواجا. انتشرت أكثر عندما غناها الفنان اللبنانى مارسيل خليفة.

هل لأنها الأفضل بين إنتاجه الأدبى الوفير، الأصيل؟ لا أظن.

فمشروعه الأدبى حافل بالعديد من الدواوين التى حملت وجعه المقيم بسبب الاحتلال الإسرائيلى لوطنه فلسطين، طفت المعاناة فوق سطوره المعذبة فى حب الوطن، وتجلى الحرف صرخة فى كتاباته. لذلك أرى أنها ربما لا تكون أجمل قصائده، لكنها القصيدة التى لامست مشاعر كل إنسان فينا، وعبرت عن التفاصيل الصغيرة التى تعلق بذاكرة كل إنسان فى علاقته بأمه، وهى أجمل وأنبل علاقة.

أما أنا فأحن إلى نظرة أمى التى تنفذ إلى أعماقى، وتعرف أننى لست على ما يرام رغم أننى أتظاهر بعكس ذلك. أحن إلى حكمة أمى التى تقطر حبا، وخوفا، وحرصا على أن أكون أسعد وأنجح، وأقوى من كل الظروف، أحن إلى فرحة أمى، ضحكتها الجميلة الخجولة تملأ ملامح وجهها وهى تتلقى خبرا سعيدا يحمل إنجازا حققته فى مشوارى الصحفى، الأدبى، أو الإنسانى.

أحن للمة أمى الجميلة للعائلة تحت مظلتها ورعايتها مساء كل يوم خميس، وفى رمضان والأعياد، أحن إلى حكايات أمى المليئة بالدروس خلف السطور، بلا مباشرة، أو وعظ.

أحبك يا أمى الحبيبة، وأفتقدك كثيرا.

الرئيس ينتصر للمرأة

فى كلمته التى أسعدت كل امرأة على أرض مصر، تحدث الرئيس عبد الفتاح السيسى عن قضايا فى غاية الأهمية والخطورة، الزواج المبكر وما يتسبب عنه من كوارث للفتاة والمجتمع المصرى كله. قانون الأحوال الشخصية المثير للجدل بين طرفى النزاع الأم والأب.

للأسف يدفع الأبناء ثمن هذا الوضع الملتبس من عدم الاتفاق على ثوابت من المفترض أن يراعيها الأبوان من أجل مصلحة أطفالهما أولا.

قال الرئيس جملة مهمة جدا «القانون حنطلعه والدكتور أحمد الطيب أخبرنى أن الأزهر أعد مشروعا ممتازا يراعى حقوق الوالدين والأطفال قبل كل شيء. لكن القانون وحده لا يكفى. بل تعاملنا نحن مع حياتنا، أى إساءة يقوم بها طرف فى هذا الموقف يضر بنفسية الطفل، ويدمر مستقبله. فعلا سيادة الرئيس القانون وحده لن يحل أى مشكلة طالما الوعى غائب والثقافة مفقودة.

تجريم إيصال الأمانة

أثار الرئيس كذلك فى كلمته قضية الغارمات، وأصدر تعليماته وقراراته لإنهاء هذه الظاهرة التى تهدد أمن واستقرار الأسرة المصرية.

وباعتبارى أول من سلط الضوء على ظاهرة الغارمات عام 2007 أؤكد لكم أن الطريق لايزال طويلا يحتاج إلى مزيد من العمل فى هذه القضية الشائكة، ولهذا أسسنا التحالف الوطنى لحماية المرأة بالقانون تحت مظلة جمعية رعاية أطفال السجينات.

هدفنا هو الوصول إلى حلول حقيقية علمية وواقعية فى الوقت نفسه، نقدمها لصناع القرار وعلى رأسهم الرئيس عبد الفتاح السيسى الذى وضع هذه القضية على رأس أجندة القضايا الإنسانية التى يعطيها اهتمامه وتركيزه.

عندما نتحدث عن قضية الغارمات ليس المهم هو الرقم، ولا حتى مسألة تسديد الديون عن الغارمة والإفراج عنها لتعود لبيتها وأولادها، ولكن كيف نصل إلى جذور المشكلة؟ ونقدم حلولا واقعية للقضاء على الظاهرة من الأساس.

تعديل القانون هو ما نعمل عليه منذ أربع سنوات ولانزال نحشد أهل القانون وممثلى الشعب فى مجلسى النواب والشيوخ من أجل التصديق على التعديلات المهمة فى قانون العقوبات حول المادة 341 وهدفها استبدال عقوبة السجن بالعقوبات البديلة والخدمة العامة. فكرة أخرى اشتغلنا عليها وهى تجريم إيصال الأمانة الذى يسجن بمقتضاه الغارم أو الغارمة. وذلك بمنع التعامل به، والعودة إلى فكرة الكمبيالة المحددة القيمة والتاريخ، والكمبيالة لا تسجن المرأة أو الرجل المستدين، لأنها ليست دينا جنائيا وإنما دين مدنى.

تبنى الرئيس بشكل شخصى هذه القضية وتجلى ذلك فى التوجيه الذى أصدره بتشكيل «لجنة وطنية للغارمين والغارمات» تتبع لوزارة التضامن الاجتماعى لدراسة هذه الظاهرة ووضع الحلول العملية لعلاجها من الجذور وباعتبارى عضوا فى تلك اللجنة سوف أقدم نتائج الدراسات والحلول لهذه اللجنة الوطنية التى تضم ممثلين عن كل هيئات ووزارات الدولة وترأسها الوزيرة الدكتورة نيفين القباج وزيرة التضامن الاجتماعى.

أشعر بالفخر والسعادة لأن القضية التى وهبتها قسطاً كبيرًا من عمرى، تفكيرى، وقتى، وإخلاصى، أصبحت الآن ضمن القضايا ذات الأولوية على أجندة الرئيس عبد الفتاح السيسى شخصيًا، وهذا ما يجعلنى أشعر بالرضا، ويؤكد أن إخلاصى لتلك القضية أتى ثماره فى نهاية المطاف.
الاحتضان

قصة ملهمة ومؤثرة شاهدتها من خلال فيديو قصير على موقع «الناس.نت» بطلها شاب فى أوائل الثلاثينات اسمه محمد عبد الله. يحكى محمد حكايته مع «الاحتضان» ومعنى الكلمة هو أن تربى طفلا يتيما فى بيتك كأنه ابنك، ترعاه وتعلمه، وتتكفل بكل متطلباته، وكأنه ابنك من صلبك.

فى مصر ليس مسموحا بالتبنى، أى أن يحمل الطفل اسمك فى شهادة ميلاده، لكن المسموح هو أن تربيه فى بيتك، وسط أسرتك بما يرضى الله، وبالطبع تحت رقابة منتظمة، دورية من وزارة التضامن الاجتماعى، لضمان ألا يساء معاملة الطفل أو استغلاله بأى صورة من الصور.

ثقافة الاحتضان ليست منتشرة بصورة كبيرة فى مصر للأسف، يلجأ إليها فقط بعض من حرمهم الله نعمة الإنجاب. لكن محمد عبد الله وزوجته الدكتورة ميرنا قررا أن يحتضنا طفلا رغم توقعهما لاستقبال طفل بيولوجيا يحمل اسم محمد بصورة طبيعية. لماذا فعل الأب المشغول بهذه القضية هذا؟

يقول محمد عبد الله، أبو داوود وسليمان: «حسيت إنى اتحطيت فى اختبار صعب ربنا بيختبرنى بيشوفنى قررت اتكفل بطفل عشان جنته ولا عشان مش بخلف! فقررت الاستمرار فى طريق الكفالة، وقلت حسمى الطفل داوود والطفل اللى حنخلفه سليمان عشان يكونوا عون وسند لبعض»، وبالفعل أتى داوود من دار الأيتام فى يونيو الماضى وفى سبتمبر وضعت زوجتى سليمان وبقوا كأنهم توءم».

تقول الصحفىة التى عايشت القصة هبة ابراهيم: «سبحان الله، فعلا حينما تنظر إليهما للوهلة الأولى تظن أنهما شقيقان، ثلاثة أشهر فقط هى الفارق بين عمريهما، جو من الألفة والدفء يغمر هذا المنزل الصغير الكائن فى منطقة الشيخ زايد بالقاهرة.

قصة جميلة جدا، وملهمة أتمنى أن تنتشر وتترسخ ثقافة «الاحتضان» فى مصر، فلاشك أن تربية الطفل اليتيم فى أسرة وسط أم وأب وإخوات سوف تمنحه الدفء، والسعادة المفقودة فى حياته، من المؤكد هناك دور أيتام رائعة تقدم خدمات ممتازة فى مصر، لكن الأسرة الصغيرة، بشكلها الطبيعى تظل هى الحلم الغائب فى حياة هؤلاء الأيتام أحباب الله وسول الله صلى الله عليه وسلم.

نوال السعداوى

رحلت الدكتورة نوال السعداوى عن عالمنا يوم 21 مارس 2021. اليوم بالنسبة لى له دلالة ومعنى.

إنه عيد الأم وكأن القدر اختار أن تكون ذكرى رحيلها كل عام ذات رنين يعلو فى ذاكرتنا. نوال السعداوى لم تسبح فى كتاباتها، آرائها الجريئة، تصريحاتها النارية ضد التيار، بل كانت هى التيار (كما أوصى شمس الدين التبريزى المرأة فى قواعد العشق الأربعين).

كانت نوال السعداوى شرارة متوهجة بالفكر، الاختلاف، الجرأة، الاستنارة.

كتبت عن المرأة فأشعلت عقول المنغلقين غلا ونارا. وكتبت عن السجون، الثقافة، وأدب الرحلات. كانت تفتح نوافذ عقلها وروحها على مصراعيهما، لا تحسب الحسابات، ولا تضع الرقيب الذاتى على سن قلمها. بل تفكر، تنتج أفكارا مختلفة عن المألوف والسائد، ميزانها الوحيد هو عقلها ومنطقها الخاص للحكم على الأشياء. حوربت كثيرا فى مصر، وكرمت كثيرا خارجها.

ثم يأتى خفافيش الظلام، دواعش الفكر ليصبوا سواد قلوبهم هبابا على صفحات السوشيال ميديا تعليقا على خبر وفاتها. هؤلاء لم يقرأوا لها أو لغيرها كتابا، وراحوا يعيثون فى الفضاء الافتراضى كراهية، وحقدا على واحدة من قامات الفكر والثقافة فى مصر. رحم الله الدكتورة نوال السعداوى.

 

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة