«إيده تتلف في حرير».. أقدم صانع للطرابيش والعمائم الأزهرية
«إيده تتلف في حرير».. أقدم صانع للطرابيش والعمائم الأزهرية


حكايات| «إيده تتلف في حرير».. أقدم صانع للطرابيش والعمائم الأزهرية

سلمى خالد

الأربعاء، 24 مارس 2021 - 12:40 م

في ورشة تحتفظ جدرانها برائحة وخرائط التاريخ، تقف معدات عم حسني الطرابيشي صادمة بسوهاج صادمة بين مئات المباني المنطقة التجارية القديمة «القيسارية»، محتفظة بذكريات واحدة من أقدم الحرف المصرية.

 

وحسني السيد هو أقدم صانع للطربوش والعمامة الأزهرية ليس في محافظة سوهاج فحسب؛ بل في الصعيد بأكمله، بينما يعود تلك المهنة التاريخية إلى عقود طويلة منذ حكم الدولة العثمانية وحتى بداية ستينيات القرن الماضي في مصر.

يقف محمد حسني الطرابيشي «40 عاماً» على باب ورشة الأب بابتسامة مميزة تروي حكايته مع الصنعة فيقول: «تاريخ عائلتي في مهنة الطرابيش يعود إلى أكثر من 200 سنة، وكان أجدادي أشهر صناع الطرابيش في جنوب الصعيد لمهارتهم العالية في صنع الطرابيش والعمائم الأزهرية، وكانت ورشة أجدادي محط أنظار الأزهريين في كافة محافظات الجنوب».

 

وبلغة يسيطر عليها الفخر يروي الطرابيشي الابن: «بدأ عشقي لحرفة الطرابيش منذ أن كنت طفلاً صغيراً، وكان أبي  يصطحبني إلى الورشة، وكنت أشاهد عشرات الزبائن يترددون على والدي كل يوم لحجز الطرابيش والعمائم، بلغ والدي من العمر 80 عاما الآن وأصبح عازفًا عن المهنة لكبر سنه ومرضه».

 

اقرأ أيضًا| البشعة.. «لحسة من النار» تتحكم في مصير المتخاصمين

 

لكن الشاب الأربعيني محمد لا يزال يحتفظ للأب والجد بـ«جميل» الصنعة التي عشقها ولا يتخيل يومًا يعيش بدونها مهما حدث، وهنا يقول: «رغم ندرة الزبائن الآن فما زلت افتح ورشتنا كل يوم وأنتظر من يأتي إلينا لصنع عمامة بعد أن انتهى الطلب على الطربوش منذ زمن طويل».

 

بترحاب شديد استقبل محمد إمام مسجد بساحل طهطا، الذي ترك عمامته منذ شهور في الورشة لتجديدها؛ حيث يقول الطرابيشي: «هذا الشيخ يتعامل معنا منذ سنوات طويلة ويرفض شراء عمامة من مكان آخر ويصر على ارتداء عمامته الأزهرية من صنع يدي».

 

ويحكي كذلك: «الخامات غير متوافرة في سوهاج، نجلب خامة الخوص من محافظة البحيرة والجوخ المستورد يتم شراؤه من التجار بالقاهرة وبسبب ندرة الزبائن أصبح شراء الخامات قليل بالمقارنة بالماضي حيث كان الطلب بالحجز».

 

والطربوش أو العمامة الأزهرية تتكون من الخوص المصنعة من سعف النخيل ويبطن ببطانة من الحرير ثم تكسوه القماش مثل قماش الجوخ، وفي الماضي كان القماش أصلي أما الآن فالجوخ مستورد من الصين غير جوخ زمان والزر الأسود والشراشيب.

 

وكل طربوش له مقاس يؤخذ أعلى رأس الزبون، «ولدينا في الورشة أدوات التصنيع متوارثة من الأجداد عبارة عن مكواة ومقص واصطمبات لمختلف المقاسات للطرابيش والعمائم».

 

ولعل أشهر مقرئي القرآن الكريم الذين كانوا يحرصون على ارتداء العمائم من صنع الجد الطرابيشي، كان الشيخ محمد صديق المنشاوي والشيخ محمود صديق المنشاوي والشيخ الحلفاوي والشيخ أحمد أبو المجد الهوى من نجع حمادي وجميع مديري المنطقة الأزهرية بسوهاج وأشهرهم المرحوم الشيخ عبدالصادق وكيل وزارة الأزهر السابق.

 

لا تزال العمامة الأزهرية تحتفظ بمكانتها إلى الآن، بحكم الزي الرسمي لطلاب وشيوخ الأزهر، لكن الأمر يختلف تماما مع الطربوش الذي اندثر عقب ثورة 1952، بعد أن كان الطربوش شرطاً لدخول المصالح الحكومية والمدارس والجامعات بشكل رسمي.

 

 

ولم يتبق من المهنة سوى العمائم الأزهرية ولها مقاسات أقل من الطربوش وألوان مختلفة مثل اللون الأحمر الداكن واللون الأحمر الفاتح القريب من اللون البرتقالي، وكل لون يحدده الزبون حسب رغبته وكانت الحرفة تدر ربحاً وفيرًا.

 

أما زبون الطربوش الآن فلا يخرج عن دائرة السياح أو في حال إنتاج مسلسل مصري تاريخي جديد أو مسرحية تاريخية وكذلك عازفي الموسيقى في الفرق الشعبية.


 
ويستغرق صناعة الطربوش أو العمامة من 3 إلى 5 ساعات، وكان سعره محدود قديمًا بينما وصل سعره الآن إلى ما بين 200 و300 جنيه حسب الخامات المطلوبة.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة