تأملات.. نسرين موافي
تأملات.. نسرين موافي


لماذا.. هي؟!

بوابة أخبار اليوم

الخميس، 25 مارس 2021 - 01:34 ص

لماذا دائما (هي).. في رأيي لأنها في بلدي ملح الأرض.. لأن لبلدي أعداء كثر ودوماً كانت هي الوتد، الجزء الأكبر المخفي من الجبل.. الهادئة المستكينة طويلاً حتى يظهر الخطر، فتثور حتى تظن أنه ليس لثورتها نهاية. تراها فتشفق على ضعفها وتحملها حتى تتجمع لها أسباب الدفاع فتفر من قوتها وشجاعتها تشبه أرضها.

منذ آلاف السنين لم تتغير، (إياح حتب) ظهرت كثيراً على مر السنين. فهي لا تؤمن بالاستسلام وإن أظهرت الاستكانة والضعف. من أجل الوطن تقدم الأحبة وفلذة الكبد.. الأعز من الروح فداء بلا تردد.

عندما تقرأ قصة (أحمس) كمصري لا تستغرب موقف أمه، فهذا ما اعتاد عليه المصريون، أم لا مثيل لها في الحنان ولكن لا تتردد في الفداء.

شخصيا، سألت ذات مرة إحدى زوجات محاربي أكتوبر، هل كنتِ خائفة ألا يرى زوجك ابنه الذي ولد و هو في الحرب؟! فأجابت: طبعا كنت خائفة، لكن كنت خائفة من أن يعود مهزومًا فليعد منتصراً أو لا يعود! 

ترضى أن تعيش وتكد على أولادها بلا أب في وطن منتصر على أن تهنأ بعيش في وطن مهزوم.. هكذا هي.. يستشهد لها ولد في الحرب فتدفع بالآخر لينال الشرف والهدف مِصر دائما.

هذه هي حقيقة لا تخفى على عاقل، فـ(هي) أول الحكاية وآخرها.. أصل المعادلة.. حقيقة علمها أعداء الحياة، محترفي الهدم والفُرقة فتفننوا في استغلالها.. بحثوا وقرروا أن يحاصروها ليهدموها ويضربوا بها عمق المجتمع ويزلزلوه ليتحكموا بأفراده.

عرفوا أن حصارها واستحالة حياتها الى جحيم من المحرمات والمستحيلات ستخلق كائناً مهزوزاً خائفاً غير قادر على المواجهة، حاقداً وكارهاً للحياة.

فتكبر وهي لا تعرف غير قائمة الممنوعات. مقهورة لا تعرف الراحة ولا السعادة. فيضربوا بها عمق المجتمع فهي نصفه وتربي نصفه، والهدف أن تربي مسوخا ًلا رجالاً بقيم وأخلاق. وكيف تربيهم على قيم لا تعرفها إن كانت لم تعرف في حياتها إلا القهر والحرمان من الحياة.

فكانت من هنا هي الهدف.. لكن لأنها حرة، ملكة دوما على مر السنين، لا تعرف العبودية لم يفلحوا طويلا حتى مع تكريس كل هذه الأبواق الإعلامية ليجعلوها تحتقر كونها أنثى و يقنعونها بأنها عورة.. خلقت تابعاً ولا تصنف من البشر.

حرفوا، زيفوا وتحايلوا بكل خبث وانقلب السحر على الساحر، فكيف تقنع أساس المجتمع بتبعيته و تنفي تفرده.

حقيقة استهدافها لا تخفى على أحد، وحقيقة نفضها لغبار الكذب والزيف عنها أيضاً واضحة، كذب وافتراء وأحكام مسبقة و(تابوهات) تهدمها (هي) بتأن وثبات بعد أن حوصرت فيها سنين طويلة.

كل يوم نستطيع أن نرى وجهها مبتسماً للحياة هو يوم إنجاز حقيقي. فهي تكافح لتسترد روحها، وتخرج لهذا الوطن جيلاً يستحق اسم (مِصر).

لهذا كله هي عظيمة مِصر، الأصل في قصتها منذ بدء الخليقة والبسمة التي تعلو وجهها مع كل انتصار، هي دائما مشروع بطل يربي أبطالا، لتستمر الحكاية، وتستمر (مِصر) تحتفل بعظيماتها في كل لحظة حتى يرث الله الأرض ومن عليها.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة