إبراهيم عبد المجيد
إبراهيم عبد المجيد


مصر الجديدة

ثقافـــة الميـــديا

الأخبار

الخميس، 25 مارس 2021 - 07:47 م

للميديا أثرها الرائع فى جعل العالم صغيرا فلم يعد هناك ما يمكن إخفاؤه. لكن يظل دائما هناك فرق بين ما تفعله الميديا فى الأخبار وما تفعله فى القضايا الكبري. الحقيقة ليست هى ما تفعله لكنه المتلقي. والذى أثارنى لأكتب ذلك هو هذه الحملة الشرسة ممن يمتلكون مفاتيح الجنة على الراحلة العظيمة نوال السعداوي. نوال السعداوى التى خلّفت وراءها أكثر من أربعين كتابا بين قصة ورواية ومذكرات وتاريخ المجتمعات مع الجنس وحالة مجتمعنا العربى مع النساء وغيرها، وناضلت من أجل قضايا المرأة التى جارت عليها الأزمنة لأنه لا مجتمع يتقدم والمرأة محبوسة فى البيت. أثارنى أن الحملة كلها جرت من خلال ما قالته فى بعض البرامج التليفزيونية. وليس من خلال كتاب واحد مما كتبته. أربعون كتابا وتاريخ من النضال الفكرى والعملى تنتهى عند حوار تليفزيونى يعلم الله صحته من عدمها، وما يكاد الواحد منهم يطلق حكما عليها حتى يتناقلونه كأنه قرآن. لقد اضطررت لبعض الوقت إلى البحث عن هذه الفيديوهات وطبعا لم أستمر، لأنى مع أول فيديو وجدت الكذب الصريح فى تفسيره. هو الفيديو الذى أخذوا منه قولا بأنها تريد تغيير نصوص القرآن. مع قليل من التأمل تكتشف قولها أنه فى تاريخ الإسلام هناك اتجاه لاختيار ما يناسب المصلحة. وكان ذلك ردا على سؤال المذيعة عن كيف نغير النصوص وهو نص إلهي. كان واضحا من كلامها أن تغيير النصوص لا يعنى إلغاءها لكن اختيار ما يتسع لمصلحة المجتمع أى نغير ما نستخدمه بآخر من القرآن أيضا. تم التقاط الكلمة دون البحث عن معنى لما تقول وما هو واضح. طبعا سيرد واحد من هؤلاء يقول كيف يكون فى القرآن نصوصا مختلفة، سأقول له اقرأ القرآن، فهناك مثلا فى سورة المائدة "لقد كفر الذين قالوا ان الله هو المسيح بن مريم" وآية أخرى فى نفس السورة تقول "ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا أنا نصارى ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا وأنهم لا يستكبرون". فهل أمسك فى الأولى التى تخص الله سبحانه وافعل ما تفعله داعش واقتل المسيحيين باعتبارهم مشركين واترك الثانية التى تقيم حياة سوية بين البشر. وهكذا. اختار الأرحب فى الإنسانية ولا يعنى هذا تغييرا فى نصوص القرآن وكان واضحا أن هذا ما تقصده لمن يتأنى ويحاول أن يفهم. الأمر نفسه فى مسألة الحجاب التى اختلف فيها الائمة فيتم الهجوم عليها لأنها ضد الحجاب ولم يقرأ أحد كتابا لها ليعرف أن الحجاب لا يعنى مجرد غطاء الراس لكن يعنى ارتباطه بعزل النساء فى البيوت عن الحياة. لا يعرف أنه من أهم مظاهرات ثورة 1919 مظاهرة النساء وقد خلعن الحجاب تعبيرا عن حريتهن وخروجهن إلى الحياة التى أُغلقت عليهم. أما غطاء الرأس والزى عموما فهو أمر متروك للمكان والزمان، فالتى تخرج إلى الغيط فى الريف تغطى رأسها وهذا طبيعى تحت الشمس فى الوقت الذى ترى فيها جلبابها فوق قدميها بمسافة وقاية من الأرض الطينية والمياه ولم يقل أحد إنها تكشف عورتها. حديث طويل لا يتسع له المقال. المؤسف أن الفيديوهات منشورة بعناوين مثيرة يقف الواحد منهم عند العنوان ولا يشاهد بدقة، ولا يدرى أن ناشر الفيديو يبحث عن متابعين لا عن الحقيقة. بل وأقاموا غرفة فضائية دخلها ستمائة شخص ليناقشوا هل يجوز الترحم على نوال السعداوي. وهكذا وجد الكثيرون جدا فرصة التقرب إلى الله بترديد ما هو سطحى فى الميديا والمشى وراءها والمؤسف أنه يتم انكار ما خلفته من كتب وراءها هى التى كانت وستظل ملهمة لأجيال. لقد كشفت الميديا أى مستنقع نعيش فيه فأبشروا بمستقبل سعيد.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة