صورة تعبيرية
صورة تعبيرية


أمك .. ثم .. أمك

الأخبار

الخميس، 25 مارس 2021 - 08:36 م

 

بقلم عمر يوسف

الأم بيت الطمأنينة والراحة لأبنائها، حتى وإن كانوا عصاة لا يعرفون قيمتها، لذلك وُضعت الجنة تحت أقدام الأمهات.. حبها لأبنائها فطرى لا تحكمه مصلحة أو هدف مادى كما أنها تتناسى أوجاعها الكبيرة لكى تكون مرهما لآلامهم الصغيرة.

فى أسرة صغيرة بإحدى قرى مركز البدرشين بالجيزة، كانت الأم محورها الأساسي، ويقف دور الأب فقط عند العمل وإعطائها ما جناه يومه لكى تنفقه على البيت.

امرأة بـ 100 رجل كما يقول المثل، أكرمها الله بـ 4 أبناء ذكور والزوج يعمل باليومية التى لم تكن تكفى ثمن إفطارهم، فكانت تبيع الخضار فى الأسواق منذ مطلع الفجر حتى المغرب لتسد جوع أبنائها. كان نصيبها من التعليم المرحلة الابتدائية فقط، إلا أنها أصرت على تعليم الأبناء الأربعة حتى يحققوا ما لم تقدر على تحقيقه..

اقتطعت من عمرها وراحتها وصحتها الجسدية لتبنى مستقبل أبنائها.. كان الأب بطبيعته دائم التهرب من المسئولية بالتغيب عن البيت لشهور طويلة بحجة العمل ويعود بلا أموال بعد أن ينفقها بالكامل على مزاجه وما يتعاطاه، دون تفكر ولو للحظة واحدة فى أبنائه.

مرت الأيام ويشتد عود الأبناء وتتفتح أبواب عقولهم بتقدم ملحوظ فى الدراسة والحصول على دراجات مرتفعة، كما تزداد أعباء الأم التى لا تنام الليل بسبب التفكير فى مصدر جديد للرزق تنفق منه على تعليم الأبناء، وكلما رفعت أيديها للسماء انفتح لها باب رزق وزاد عملها فى السوق مع كثرة زبائنها من ربات المنازل الذين نشات بينهم علاقة صداقه لا تفرقها الأيام.. وبالفعل نجح الأبناء فى دخول كليات قمة بين الهندسة والطب والتجارة.

واكتملت فرحة الأم إلا أنها عادت للانطفاء من جديد عندما أنكرها الأبناء وبدأوا حياتهم الجديدة وتركوها تعيش فى عشها القديم بمفردها ووضعوها فى طيات النسيان، رأوا فى المرأة التى باعت عمرها فى سبيل تربيتهم تقليلا من قيمتهم..

تزوجوا وأقاموا أفراحهم دون دعوة الأم حتى أبناؤهم لم يخطوا فى عقولهم كلمة الجدة.. قضت الأم ليالى طويلة تبكى زرعتها البائسة وحصادها الذى تعبت فى زرعها.

كانت تجلس على عتبة بيتها بوشاحها الأسود تبكى حالها حتى جفت الدموع فى عينيها وأيقنت أن المرأة لن تربى رجلا، وأقسمت ألا تفكر فى ذكرهم مرة أخرى.حتى مرض الابن الأكبر الذى كان أول من تبرأ منها.. تملك السرطان من عقله وأذهب بصره.. قال الأطباء إن أيامه فى الحياة قليلة.. هربت زوجته بالأبناء بعد أن سرقت كل ما يملكه.. وإخوته الذين بينهم طبيب لم يفكروا فى السؤال عليه أو رعايته.. إلا أن الأم بمجرد أن سمعت بالأمر انتفض قلبها واغرورقت عيناها بالدموع على فلذة كبدها، وعلى الفور ارتدت شالها وأسرعت إلى دار ابنها التى أرشدها إليها الجيران لتجلس عند قدميه تطبب جراحه ورعايته مثلما كانت تفعل طوال عمرها.

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة