صورة أرشيفية
صورة أرشيفية


ربيع الفراعنة.. خلود

آخر ساعة

السبت، 27 مارس 2021 - 11:39 ص

احتفالات المصريين بأعيادهم المختلفة عبر مر العصور لها طابع مختلف يميزهم عن بقية الشعوب، أعياد تتميز فى تفاصيلها بحبهم للحياة والكرم والبهجة مع تغليفها بلمسة روحانية، لدرجة أنها أصبحت عادات وتقاليد تتوارثها الأجيال، لكن يظل لاحتفالهم بعيد الربيع مذاق خاص، حيث أثبتت الوثائق أن أول من احتفل بـ"شم النسيم" هم الفراعنة.

المصرى‭ ‬القديم‭ ‬كان‭ ‬يحتفل‭ ‬بعيد‭ ‬الربيع‭ ‬بإهداء‭ ‬زوجته‭ ‬زهرة‭ ‬لوتس

وكان قدماء المصريين يحتفلون بذلك اليوم باحتفال رسمى كبير، حيث كانوا يجتمعون أمام الواجهة الشمالية للهرم قبل الغروب ليشهدوا غروب الشمس، فيظهر قرص الشمس وهو يميل نحو الغروب مقتربًا تدريجيًّا من قمة الهرم، حتى يبدو للناظرين كأنه يجلس فوق قمة الهرم، وتخترق أشعة الشمس قمة الهرم، فتبدو واجهة الهرم أمام أعين المشاهدين وقد انشطرت إلى قسمين.

ويرجع بعض المؤرخين بدء احتفال الفراعنة بعيد "شم النسيم" رسميًّا إلى عام 2700 قبل الميلاد، أى فى أواخر الأسرة الفرعونية الثالثة، وكان معروفاً ضمن أعياد هيليوبوليس ومدينة "أون"، وكانوا يحتفلون به فى عصر ما قبل الأسرات، حيث تعوَّد المصرى القديم أن يبدأ صباح ذلك اليوم الذى كانوا يطلقون عليه "عيد الربيع" ــ كما جاء فى البرديات القديمة ــ بإهداء زوجته زهرة من اللوتس.

ومن بين الأسماء التى أطلقها الفراعنة على هذا العيد اسم "عيد شموش" - أى بعث الحياة -  وحرف الاسم بمرور الوقت ليتحول فى العصر القبطى إلى اسم "شم" ، وأضيفت إليه كلمة النسيم نسبة إلى نسمة الربيع التى تعلن وصوله.

اللافت للانتباه أن مظاهر الاحتفال بعيد الربيع تحديدا ودون بقية الأعياد كانت مختلفة تماما وتقترب إلى كونه "عيدا دينيا" له اعتباره الخاص، حيث كانوا يتصورون كما ورد فى كثير من "البرديات المقدسة" كما يقول عالم الآثار الأشهر الدكتور زاهى حواس أن ذلك اليوم هو أول الزمان أو بدء خلق الكون، وأطلقوا عليه الكلمة الفرعونية "شمو" أى "عيد الخلق" أو "بعث الحياة"..

ومثلما كانوا يختارون مواقيت تلك الأعياد ويربطونها بالظواهر الفلكية ومظاهر الطبيعة، اختاروا أن يكون احتفالهم بعيد الربيع  بتوقيت "الانقلاب الربيعى"، وهو اليوم الذى يتساوى فيه الليل والنهار وقت حلول الشمس فى برج الحمل،  حيث كان لديهم يقين أن مصر هى "صفحة السماء، مع إيمانهم بضرورة أن يتوافق الإنسان على الأرض مع الكون والأفلاك فى السماء، فجاءت احتفاليتهم بيوم "شم النسيم" تعييناً لبدء الدورة الإنسانية السنوية الجديدة على الأرض فى الكون.

لقد جاء الاختيار ليتواكب مع امتلاء وجه القمر بأشعة الشمس فى دورتها الجديدة أى أن يكون القمر بدراً، وذلك لأن القمر هو الأقرب إلى الحياة البشرية، وهو الجرم السماوى الذى يعيشون تحت فلكه مباشرة، لذلك كان الشرط أن يكون الاحتفال بالدورة الشمسية الجديدة حال امتلاء وجه القمر بأشعة الشمس، ولم يتركوا تحديد اليوم للصدفة وإنما اختاروا يوم القمر تكريما له، من ثم كان لا بد ليوم الاحتفال بعيد شم النسيم أن يكون يوم الإثنين، لأن أولى ساعات يوم الإثنين هى ساعة القمر ومن هنا جاء الاسم ــ الاثنين - أي Monday  نسبة إلى القمر Moon.

والجدير بالذكر أن هناك مجموعة من الأطعمة التى يتميز بها احتفال الربيع أو شم النسيم وتوارثتها الأجيال وعبر مختلف العصور، ومن هذه الأطعمة "البيض الملون - حيث كان البيض يرمز إلى خلق الحياة، كما ورد فى متون كتاب الموتى وأناشيد "أخناتون الفرعوني" ــ والبصل الذى ارتبط عندهم بإرادة الحياة وقهر الموت والتغلب على المرض، وكان  رمز إبعاد الشيطان، بسبب شفاء أحد الملوك، وإفاقته من إغمائه بعد شمه رائحة البصل- والترمس والخس والملانة والليمون والبصل والفسيخ والملوحة والرنجة والتونة".

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة