جلال عارف
فى الصميم
لا نستبق التحقيقات!
الأحد، 28 مارس 2021 - 07:58 م
ننتظر التحقيقات الجارية فى كارثة اصطدام القطارين، ولكن من الواضح أن العنصر البشرى حاضر بقوة فى أسباب وقوع الكارثة.. سواء فيما قيل عن العبث بفرامل الطوارئ للقطار الأول الذى أدى لتوقفه، أو فيما قيل عن التحذيرات العديدة التى أرسلت لسائق القطار الثانى لكى يتوقف ويتفادى الاصطدام بالقطار الآخر دون جدوى ودون رد من السائق الذى يتحمل المسئولية الكبرى عن الحادث المفجع والذى تثور علامات الاستفهام حول ما إذا كان فى موقعه فى قيادة القطار أثناء الحادث أم لا!!
ننتظر نتائج التحقيقات، وندرك جيدا أن مهمة تطوير مرفق السكة الحديد ليست سهلة بعد سنوات الإهمال، وأن جهوداً كبيرة تبذل الآن من أجل التطوير، وأن أعداداً كبيرة من العربات والجرارات قد وصلت ودخلت الخدمة بالفعل.. ولكن ماذا عن الجانب البشرى الذى تقول الاحصائيات أنه وراء 80٪ من حوادث القطارات عندنا؟!
لسنوات كان العاملون بالسكة الحديد يقومون بجهد هائل لكى يستمر المرفق الهام فى العمل مع نقص الإمكانيات وقلة الاهتمام، ولكن ما حدث بعد ذلك كان كارثياً.. اختفى التدريب، وتسلل الإهمال والفساد إلى المرفق كما تسلل إلى غيره من المرافق حتى وصلت الأوضاع إلى حافة الانهيار الكامل.
الآن.. نحن مع خطة متكاملة لتطوير السكة الحديد تتكلف أكثر من مائتى مليار جنيه. وهناك اتفاقيات يجرى تنفيذها لتجديد القطارات بالكامل ولتأمين حركة القطارات بالوسائل الحديثة وتقليل الاعتماد على العامل البشرى. وسوف يكون الأمر أسهل فى المستقبل إذا اكتمل مشروع توطين صناعة القطارات دون تأخير أو عقبات، لكن سيبقى علينا أن نتخطى ما أصاب العنصر البشرى من أمراض مهنية فى ظل سنوات التراجع التى ساد فيها الفساد والإهمال فى السكة الحديد كما فى غيرها من المرافق.
ولنتذكر.. أننا قبل سنوات استوردنا جرارات حديثة وأدخلناها الى الخدمة، فكانت النتيجة أنهم عطلوا كل الأجهزة الحديثة فيها لتدار يدوياً بعيدا عن الرقابة وتهرباً من المسئولية، والنتيجة هى ما نراه حتى الان من تدهور فى الأداء، ومن مقاومة للإصلاح والتطوير لن تتوقف بسهولة.. بل بإدراك الجميع أن قواعد اللعبة قد تغيرت، وأنه لا مكان للتسيب أو الإهمال، ولا سلطة للفساد، ولا سبيل للتقدم إلا بالتعليم والتدريب والانضباط وتحمل المسئولية.
والحديث هنا عن السكة الحديد، لكن الخط ممتد الى غيرها من المرافق والمؤسسات التى قد تغيب عنها الدماء التى سالت فى فاجعة سوهاج، لكن ما تلحقه من أضرار بالمجتمع لا يقل.. بل ربما يزيد!!