القاهرة الفاطمية
القاهرة الفاطمية


«بيت الست وسيلة».. منارة الإبداع والشعر وسط روعة التصميم والبناء.. صور

نادية البنا

الأحد، 28 مارس 2021 - 09:28 م

القاهرة الفاطمية عامرة بالبيوت والمناطق التاريخية التي قامت وزارتي الثقافة والآثار بترميم الكثير منها وإعادة الروح إليها، وبين جنبات صرح تاريخي وسط القاهرة، ترتفع أصوات أطفال مرددة مقاطع من مسرحية يتدربون على أدائها، أو شعراء يتلون قصائدهم وغيرها من أشكال الفنون المختلفة .

مشهد يتكرر بشكل شبه يومي في «بيت الست وسيلة» التاريخي، الذي يقع خلف الجامع الأزهر، على بعد أمتار قليلة من شارع المعز لدين الله الفاطمي التاريخي، والذي يعتبر أحد أهم المعالم الإسلامية المشيدة بمصر والذي يمتاز بجمال تصميمه وروعة بنائه؛ ما يجعله نموذجا فريدا للعمارة .

إنشائه 

وقد أنشأ هذا الصرح الحاج عبدالحق وشقيقه لطفى ولدا محمد الكنانى عام 1664 ميلادية، كما هو موضح بالنص التأسيسى المثبت فى سقف المقعد الصيفى للبيت، وتوارد على المنزل مُلاك كثيرون تركوا به بصمات تدل على حُقب تاريخية هامة، ويتكئ البيت على مجموعة أثرية إسلامية بينها "بيت زينب خاتون"، و"بيت الهراوي" و"وكالة السلطان قايتباي" .

البيت مُصمم كمعظم البيوت الإسلامية القديمة التى كانت تسعى للحفاظ على الخصوصية وحرمه المنزل فمدخله «الباشور» أو المدخل المنكسر صمم بهذه الطريقة حتى لايجرح الضيوف أى ركن من أركان البيت ثم يفتح بعد ذلك على «الصحن» أو الحوش والذى يحوى «الحواصل» أو الحجرات التى كانت تمثل مرافق المنزل وإستخدمت كمخازن للحبوب وإسطبل خيل وطاحونة وحجرة للخدم ومندرة ويمين الباب توجد بئر المياه.

وقد خصصت وزارة الثقافة هذا المنزل ليكون مقراً لـ«بيت الشعر العربي» ضمن مراكز الإبداع التابعة لصندوق التنمية الثقافية، يقدم من خلاله عديد من الفعاليات الثقافية والأدبية، وقد قام الصندوق بتزويد البيت بكافة التجهيزات اللازمة والتي تكفل له أداء رسالته الإبداعية لخدمة الشعر العربي والأدب عموماً .

الست وسيلة

الست وسيلة هي بنت عبدالله كانت جارية لدى زوجة الأمير سليمان أغا، الذي ترقى في المناصب إبان عهد محمد علي باشا (حاكم مصر 1805- 1848)، إلى منصب "السلحدار" وهو منصب "المسؤول عن السلاح" آنذاك.

وأطلق عليها لقب "المعتوقة البيضاء"، للدلالة على كونها جارية وأعتقت، والبيضاء تعني أنها كانت من الجواري البيض، ولا يُعرف تحديدا مكان ولادتها ونشأتها.

كما لا يعرف للست وسيلة دور في التاريخ المصري، غير أنها بحسب مسؤول أثري، كانت تساعد شقيقتها زينب خاتون، في إيواء الثوار المصريين، بمنزليهما المتجاورين، إبان الحملة الفرنسية على مصر عام 1798، و«خاتون لقب بمعنى الشريفة بعد زواجها من أحد الأمراء المماليك»، ونسب البيت إلى «الست وسيلة» التي توفيت عام 1835، كونها آخر من سكنه .

تصميمه

صُمم البيت من الحجر على الطراز الإسلامي، ويحتفظ بخصوصية سكانه؛ إذ أن مدخله منكسر حتى لا يرى الزائر أو الضيف أركانه وغرفه المختلفة، ومدخل البيت الذي ينخفض مستواه عن سطح الشارع بنحو متر تقريبًا، لتراكم رصف الشارع فيما يبدو، يؤدي إلى صحن واسع يتخلل المنزل.

وفي الطابق السفلي، يوجد بئر مياه، وقاعة استقبال تم تحويلها إلى مسرح صغير يحتضن حاليًا أعمال وتدريبات فنية وحفلات غنائية وموسيقية بشكل دوري، وتُطل على القاعة مجموعة من المشربيات «شبابيك خشبية صممت من زخارف فن الأرابيسك»، ومن خلالها كانت النساء يسترقن السمع إلى المطربين والشعراء.

ويضم الطابق الثاني للبيت قاعة متوسطة، وغرف نوم وأخرى للملابس، تفصل بينها ممرات ضيقة، وحمامًا يتكون من جزأين هما المغطس "مكان الاستحمام"، والموقد الذي تشعل فيه النيران لتسخين المياه، وعلى جدران البيت نقشت لوحات زيتية، تمثل الأماكن المقدسة ومساجد .

ومن شرفة كانت تسمى "المقعد الصيفي" تطل على مدخل البيت، نقشت لوحة كبيرة، وتعلو البيت قبتان يعلوهما غطاء هرمي وظيفته الإنارة، فيما يحتوي السقف على العديد من النقوش .

ترميمه

وعلي الرغم من جمال وروعة هذا البيت، الذي يمتاز بجمال التصميم والبناء، ويعتبر مزارًا أثريًا وثقافيًا ، فإن مرور الكثير من الأعوام على هذا التراث الرائع جعله شبه مهدم، وبدأ العمل فى ترميم المنزل مع نهاية 1999 وبداية عام 2000، وواجه المرممون صعوبات كبيرة، خاصة وأن العديد من ملامح المنزل كانت قد اختفت، فضلا عن أن به ميزات فريدة تميزه عن باقى المنازل والبيوت الإسلامية، ألا وهى الرسومات الجدارية.

ولقد تطلبت دراسة عناصر هذا المنزل البحث فى الأرشيف العام بفرنسا، وتحديدا بمدينة باريس، حيث عثر على العديد من الأدلة التى قادت لفك طلاسم ورموز هذا المنزل، ومع الاستمرار فى العمل والعثور على اللوحات الجدارية التى نزعت من المنزل لعشرات السنين فى غياهب المخازن، عمل فريق المرممين على إعادتها إلى جدرانها والاعتناء بها.

كما اكتشفوا مفاجأة جديدة وهي احتواؤه على قاعة نادرة، ثم على لوحة جدارية ضخمة طمست معالمها منذ زمن بعيد .

شاهد ايضا :- تدشين منتدى «الثقافة والإبداع» بمركز الإبداع الفني بالأوبرا


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة